قدم سفير إسبانيا الجديد في المغرب، إنريكي أوخيدا، أوراق اعتماده إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطةويخلف أوخيدا ريكاردو دييز هوخلايتنر، الذي ظل في منصبه لأكثر من ثماني سنوات، وهو أمر غير معتاد لدى السفراء.
في هذا الإطار، قال تاج الدين الحسيني، خبير في العلاقات الدولية، إن تغيير السفير الإسباني “لا يعني أي تغيير جذري أو جوهري في العلاقات الدبلوماسية القائمة بين الطرفين، بل هو استمرار لتلك الخطوات التي ضمنت لأول وهلة منذ منعطف العلاقات الذي عبرت عنه رسالة سانشيز للعاهل المغربي”.
وتحدث الحسيني، ضمن تصريح لهسبريس، عن “مشاريع كبرى عدة تنتظر الطرفين: كمشروع الربط القاري، والاستعداد لكأس العالم لسنة 2030، والتعاون الثنائي في ميدان الهجرة غير القانونية والهجرة القانونية ووسائل ضبطها في إطار التعاون بين البلدين، ثم الإشكاليات الكبرى التي أصبحت تطرح بالنسبة لمرور الصادرات المغربية من الخضروات والطماطم وغيرها نحو الأسواق الأوروبية”.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية أيضا إلى “أوجه تعاون أخرى فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة”، وبالتالي فالعلاقات ما بين الطرفين “ستعرف مزيدا من التطور الإيجابي، سواء فيما يتعلق بتبادل المعلومات أو تسليم المجرمين أو القيام بتنسيق مشترك في عوامل حماية الحدود، ناهيك عن كون المغرب بات بمثابة جسر ومنصة للربط بين إفريقيا جنوب الصحراء وإسبانيا وباقي البلدان الأوروبية”.
ومن ناحية التعاون الاقتصادي، ذكّر الحسيني بكون إسبانيا “هي أول شريك للمملكة”، متحدثا كذلك عن قضية “تحديد الحدود البحرية الذي قرره المغرب وطلب تسجيله بالأمم المتحدة”، وعلق قائلا: “إسبانيا ظلت تنازع في هذه الحقوق والسفير الجديد عليه تنسيق المفاوضات بين الطرفين من أجل التوصل إلى حلول تأخذ بعين الاعتبار مصالح إسبانيا في جزر الكناري وحقوق المغرب في ثرواته البحرية”.
واستحضر المتحدث لهسبريس في هذا الصدد المنطقة الاقتصادية الخاصة التي يعترف بها قانون البحار لسنة 1982 وكل مقتضيات الأمم المتحدة، موردا: “حتى في هذه المفاوضات، سيكون موقف المغرب مدعما بقوة القانون”.
كما أشار الحسيني إلى كون “إسبانيا تؤيد بشكل لا رجعة فيه مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بخصوص النزاع حول الصحراء”، معتبرا أن “هذا سيرتبط بعدة خطوات أخرى ينبغي أن تتخذها إسبانيا فيما يتعلق برعاية الانفصاليين فوق ترابها الوطني”.
من جانبه، قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “انتداب انريكي أوخيدا سفيرا لإسبانيا في الرباط، هو أول تعيين يقوم به رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في هذا المنصب الحساس بالنسبة للدبلوماسية الإسبانية، نظرا للعلاقات التاريخية الدقيقة والمتشابكة بين المغرب وإسبانيا”.
وذكر بلوان، ضمن تصريح ، أن “هذا التعيين في ظل علاقات متميزة تتطور تدريجيا نحو التعاون الشامل والبنّاء بين البلدين منذ إعلان خارطة الطريق في أبريل 2022، وبعيد زيارة تاريخية لوزير الخارجية الإسباني، مانويل الباريس، كأول زيارة خارجية له في ظل الحكومة الجديدة، يؤكد محورية العلاقات المغربية الإسبانية في السياسة الخارجية للجارة الشمالية، مما يعزز الشراكة الاستراتيجية والتعاون متعدد الأبعاد بين البلدين”.
وبالرجوع إلى “بروفايل” السفير الجديد، يتضح، بحسب بلوان، أن “اختياره كان بعناية فائقة تستجيب لحجم الدينامية التي دخلتها الشراكة والتعاون بين المغرب وإسبانيا، باعتباره رجل حوار برغماتيا يجيد التواصل وتقريب وجهات النظر”.
وأشار الأستاذ الباحث إلى أنه سبق لأوخيدا أن ترأس مؤسسة الثقافات الثلاث بالأندلس بشراكة مع المغرب، وهي مؤسسة لترسيخ التسامح والسلام والتعاون بين الشعوب والثقافات والأديان، “ويكفي أن أوخيدا صديق مقرب لرئيس الحكومة سانشيز ورجل ثقته سيحافظ على زخم الروابط بين البلدين، كما سيسعى للمزيد من الانفتاح والتعاون مع المغرب على أساس الإعلان المشترك أبريل 2022”.
أما عن أهم الانتظارات المنوطة بالسفير الإسباني الجديد، فلخصها بلوان في ثلاث نقط أساسية، أولها “الحفاظ على زخم ودينامية العلاقات بين البلدين وتطويرها إلى شراكة استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد، مع تجديد الموقف الإسباني الداعم لقضية السيادة الوطنية المغربية باعتبارها المدخل الأساسي لتبني خارطة الطريق المشتركة”.
ثاني الانتظارات، يتابع أستاذ العلاقات الدولية، يتمثل في “تقريب وجهات النظر في بعض الملفات العالقة، خاصة فيما يتعلق بوضعية تنظيم حركية المعابر في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وقضية ترسيم الحدود البحرية في المحيط الأطلنطي، خاصة قبالة الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى بعض الملفات المتعلقة بالأمن والهجرة والجريمة المنظمة العابرة للحدود ومحاربة الإرهاب”.
الانتظار الثالث المنوط بالسفير الإسباني الجديد، يختم بلوان، هو “التركيز على التعاون التجاري مع المملكة المغربية الذي أصبحت مدريد توليه أهمية كبرى، إذ غدت إسبانيا الشريك والمورد التجاري الأول بالنسبة للمغرب، كما تضاعفت قيمة المبادلات التجارية إلى أزيد من 20 مليار يورو خلال سنة 2023، ومن المتوقع أن يرتفع حجمها أكثر خلال سنة 2024 بحكم الحصيلة الإيجابية للتعاون الاستراتيجي بين المملكتين”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر