الجزائر – ربيعة خريس
كثفت السلطات الجزائرية تعاونها الأمني والاستخباراتي مع نظيرتها التونسية، لمواجهة التهديدات التي يشكلها ملف عودة المقاتلين الأجانب، خاصة وأن التونسيين يعدون الأكثر عددا مقارنة بنظرائهم المغاربة، وطلبت الجزائر من نظيرتها التونسية معلومات استخباراتية حول الإرهابيين العادين من بؤر التوتر في سورية والعراق، والعلاقات التي تربطهم بالخلايا النائمة المتواجدة في كل من تونس وليبيا والجزائر.
وكشفت مصادر دبلوماسية جزائرية أن الجزائر تستقبل بصفة دورية كبار المسؤولين الأمنيين في تونس، لتفعيل وتطوير خطط العمل والتشاور حول مستجدات هذا الملف وأيضا حراك الجماعات الإرهابية التي تنشط في بعض المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين، خاصة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الإسلامي الذي أصبح يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة للجزائر وتونس، وحذرت تقارير أمنية دولية من التهديدات الذي يمارسها هذا التنظيم على أمن البلدين، فالوضع الراهن في ليبيا يجبر كل من تونس والجزائر على رفع التنسيق على المستوى العسكري والمخابراتي والأمني وتبادل المعلومات الأمنية.
وجاء هذا عقب إلقاء مصالح الأمن الجزائري، القبض على فتاة فرت من صفوف التنظيم الإٍرهابي " داعش " في سورية، في مطار محمد بوضياف، تبلغ من العمر 38 عاما، الذي التحقت به منذ قرابة العام. وألقي عليها القبض بعد عودتها على متن رحلة جوية قادمة من تركيا بعد أن كانت بسورية، حيث كشفت التحقيقات التي قام بها عناصر الضبطية القضائية، أن المعنية كانت قد انضمت إلى إحدى التنظيمات الإرهابية هناك، ويتعلق بتنظيم ما يسمى بداعش، في العراق والشام، وقضت حوالي سنة كاملة، قبل أن تعود أدراجها، ووجهت لها تهمة الالتحاق بجماعة إرهابية تنشط بالخارج.
ودفعت هذه الحادثة بمصالح الأمن الجزائري إلى تكثيف الرقابة على المطارات، من أجل الكشف عن أي مقاتلين فارين من صفوف التنظيم الدموي وهم عائدون إلى أرض الوطن، خصوصا مع إعلان سقوطه منذ أيام في إحدى معاقله الكبرى في مدينة الموصل، بدولة العراق. وحذر وزير خارجية الجزائر عبد القادر مساهل، في مؤتمر صحافي مشترك نظمه مع نظيره المصري سامح شكري من خطورة عودة المقاتلين الأجانب لدول المنطقة.
وأشار مساهل إلى أن الجزائر عانت من المقاتلين الأجانب في التسعينيات من القرن الماضي، بعد سفر الشباب الجزائرين إلى أفغانستان والبوسنة، وما تعرضوا له من غسيل الأدمغة والمشاركة في الحروب وخلق شبكات مع مختلف الجنسيات، ثم عودتهم إلى الجزائر فعشنا الإرهاب الأسود. وأضاف قائلا أن الشعب الجزائري ومؤسسات الدولة الرسمية انتصرت على الإرهاب، لكننا لجأنا لسياسات داخلية سمحت لهما أن تكون الجزائر تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب.
ونوه إلى التنسيق مع الأمم المتحدة باجتماعات تخص ملفات لها علاقة مباشرة بالإرهاب، ودور الديمقراطية في مكافحة الإرهاب، مؤكدا أنه لا يتمنى أن تعيش أي دولة ما عاشته الجزائر من خطورة التطرف لأنه الإرهاب لا حدود له، وبالتالي لابد من التنسيق مع الدول لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
وكشفت مذكرة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في مذكرة قرأها بالنيابة عنه رئيس الحكومة الجزائرية عبد المجيد تبون، خلال أشغال القمة الـ29 للاتحاد الأفريقي، أن أزيد من 000 5 أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى.
وأوضحت المذكرة أن "العديد من الشباب الأفريقيين انخرطوا في مغامرة إرهابية في مناطق النزاع المختلفة في جميع أنحاء العالم، خاصة في العراق وسورية، ومنطقة الساحل"، مبرزة أن "هناك أكثر من 000 5 أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى".
وأشارت المذكرة حول "آفاق منع ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب في أفريقيا"، إلى أن القارة الأفريقية "تواجه أيضا تحديات بسبب التهديد الذي يشكله هؤلاء الأشخاص لدى عودتهم إلى بلدانهم أو بلدان أخرى في المنطقة"، معتبرة أن هذا الخطر "يفاقم عددا من العوامل الخاصة بقارتنا، بما في ذلك اتساع رقعة الأراضي وطبيعة الحدود التي يسهل اختراقها ومحدودية الموارد والقدرات لعدد كبير من البلدان التي يحتمل أن تكون هدفا لهذه الآفة".
وأضافت الوثيقة أن "المحاولات الحالية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية للتجمع أو التوحد في منطقة الساحل ليست غريبة على حركات العودة والتوقعات المستقبلية للأعمال الإرهابية في هذه المنطقة"، مشيرة الى أنه بغية مواجهة هذا التهديد، فإن افريقيا "مدعوة إلى تطوير تعاونها في مجالات عديدة، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتحسين المعرفة بملامحهم ومنع تنقلهم عبر مختلف وسائل النقل ونقاط الدخول والعبور، فضلا عن تحسين إدارة الحدود".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر