تحركات عديدة تعرفها الساحة العربية في اتجاه تطبيع العلاقات مع إيران؛ فبعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، إثر اتفاق بوساطة صينية، كشفت مصادر دبلوماسية إيرانية استعداد طهران لتعزيز علاقتها مع مصر، وفق ما أفاد به متحدث باسم الخارجية الإيرانية مطلع الأسبوع الجاري.
عودة دمشق الأخيرة إلى الجامعة العربية والاستئناف المفاجئ للعلاقات بين إيران والسعودية طرحا إمكانية تطبيع عدد من الدول العربية لعلاقتها مع الحليف التقليدي للنظام السوري؛ في حين ما زال الموقف المغربي غامضا في هذا الشأن، وسط حديث عن ضمانات سعودية إمارتية للمغرب في شأن مواقف طهران من قضية الوحدة الترابية وعلاقتها مع كل من الجزائر و”البوليساريو”.
في 2018 طلبت الرباط من السفير الإيراني مغادرة أراضي المملكة وأغلقت تمثيلتها الدبلوماسية في طهران، على خلفية تقديم دعم عسكري ومالي إيراني لجبهة “البوليساريو”، عن طريق حليفها اللبناني “حزب الله”، وبتنسيق مع السفارة الإيرانية في الجزائر، وفق ما كشفه وزير الشؤون الخارجية المغربي حينها.
دفعة قوية
محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إن “العلاقات المغربية الإيرانية طالما شابتها قطعية دبلوماسية نتيجة اختلاف البلدين في المواقف وفي القناعات كذلك”، مضيفا “أن سعي طهران إلى تصدير مبادئ الثورة الإسلامية وتسليحها للميليشيات أثّرا على علاقاتها مع عدد من الدول، على غرار المغرب والبحرين”.
وأكد المتحدث ذاته، في تصريح ، أن “عزلة إيران في المنطقة نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية عليها جعلتها تبحث عن تطبيع علاقاتها وتهدئة جبهتها مع عدد من الدول العربية، وهي تسعى حاليا إلى توسيع قاعدة هذا التطبيع”.
“عودة العلاقات الإيرانية مع دول خليجية إضافة إلى عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية قد تعطيان دفعة قوية في اتجاه استئناف الرباط لعلاقاتها مع الجمهورية الإسلامية”، أضاف الأستاذ الجامعي في تصريحه، مؤكدا في الوقت ذاته أن “هذه العودة مشروطة بالتزامات طهران تجاه الاختيارات الكبرى للسياسة الخارجية والأمن القومي للمغرب”.
وفي ختام تصريحه، أشار المتحدث ذاته إلى الخطاب الملكي الذي أكد فيه محمد السادس أن “المملكة لم تعد تقبل المواقف الغامضة” فيما يخص سيادتها الداخلية، مردفا أن “تطبيع العلاقات مع طهران يخضع بدوره لهذا الموقف الاستراتيجي”.
شروط مغربية
قال هشام معتضد، الباحث في العلاقات الدولية، إنه “يجب ألا نقرأ إمكانية عودة العلاقات المغربية الإيرانية من خلال الديناميكية التي تشهدها الحركية الدبلوماسية لبعض الدول مع طهران؛ لأن السياسة الخارجية المغربية لها محددات وضوابط قائمة بذاتها بعيدا عن الحسابات الظرفية أو الحركيات الاستثنائية”.
الخبير ذاته صرح لجريدة هسبريس الإلكترونية بأن “استئناف العلاقات بين طهران والرباط رغم كونه غير مستحيلا، فإنه مرتبط بخلق سياقته والتهيئة لظروفه انطلاقا من اعتبارات جيوستراتيجية عديدة متصلة أساسا بالتوجهات والقضايا السيادية للمملكة، على قضية الصحراء المغربية”.
وشدد المتحدث على أن “التطبيع المغربي الإيراني رهين بمدى استعداد القيادة في طهران على استيعاب قيم السياسة المغربية وقدرتها على التجاوب الإيجابي مع أخلاقيات العمل الدبلوماسي المغربي”، مضيفا أن “بوصلة السياسة الخارجية للمملكة واضحة ومفاتيحها رهينة باحترام السيادة الترابية والأمن القومي للرباط”.
وأوضح معتضد أن “المغرب لا يضع أبدا شروطا لبناء علاقاته الخارجية، ولكن له مبادئ وقيم ثابتة في تدبير سياسته مع الدول من أجل تحقيق تعاون مشترك وهادف”، مردفا أن “عودة العلاقات مع طهران مرتبطة كذلك برغبة الرباط في الانخراط في هذا التوجه، وبقدرة طهران على احترام البنية القيمية للسياسة الخارجية المغربية”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر