تونس ـ كمال السليمي
تقود حركة النهضة سلسلة من المشاورات المضنية مع الرافضين لحكومة يوسف الشاهد قصد استئناف الحوار، والعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن "وثيقة قرطاج 2"، بعد قرار تعليقها منذ الاثنين الماضي.
وأجرت قيادات الحركة اتصالات في كل الاتجاهات، شملت على الخصوص القيادات النقابية التي ترفض سياسة الشاهد على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وتطالب بإسقاطه وتغيير ربان السفينة من أجل تنفيذ ما ورد بالوثيقة من التوصيات، التي صاغها خبراء في المجالين الاقتصادي الاجتماعي.
وتتفق قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الموقف مع حزب النداء، ومديره التنفيذي حافظ قائد السبسي، المتمسك بدوره بضرورة تغيير رئيس الحكومة، وعلى الرغم من سعيها لإقناع بقية الأطراف السياسية والاجتماعية بالعودة إلى النقاش، فإن مصادر مقربة من حركة النهضة لا تستبعد أن تتراجع عن دعمها المطلق لبقاء الشاهد على رأس الحكومة، خصوصًا بعد تصريح عبد اللطيف المكي، القيادي في حزب النهضة، الذي قال إن "اقتراح البديل الأفضل للشاهد من شأنه أن يكون حلًا للأزمة".
وسعى حزب النداء من ناحيته، إلى إعادة ترتيب بيته الداخلي، واستعادة أبنائه «المغضوب عليهم»، والمنشقين الذين شكلوا أحزابًا سياسية قائمة بذاتها، وذلك بعد الانتقادات الحادة التي وجهها الشاهد إلى القيادات الحزبية، واتهامها بتدمير الحزب، وتحميلها مسؤولية تراجع نتائجه في الانتخابات البلدية الأخيرة.
واقترحت حركة النهضة على مختلف الأطراف المشاركة في صياغة «وثيقة قرطاج» حلين اثنين لتجاوز الأزمة السياسية: الأول يتمثل في إقناع شركاء الحركة بالتعديل الوزاري الجزئي، وإلزام حكومة الشاهد بعدم الترشح لانتخابات 2019، وهو حل تدرك الحركة أنه صعب أن يتحقق على أرض الواقع بسبب تغير المعادلة بعد اتخاذ قرار تعليق النقاشات بشأن "وثيقة قرطاج".
ويتمثل الحل الثاني في ربط القبول برحيل الشاهد بضرورة الوصول إلى توافق على هوية من سيخلفه، وأن يقع التزام جماعي بتنفيذ النقاط الـ63 الواردة في "وثيقة قرطاج 2"، وألا يتنصل من محتواها أي طرف سياسي أو اجتماعي.
وكشفت كواليس الاجتماعات التي أجراها راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، مع الاتحاد العام التونسي للشغل، الطرف النقابي القوي، أن العلاقة بين الطرفين غير مستقرة، وتميل إلى التصادم. كما عبرت قيادات نقابية من اتحاد الشغل عن غضبها من الحركة، وحملتها مسؤولية التطورات السلبية في المشهد السياسي نتيجة تمسكها بيوسف الشاهد، والاكتفاء بتعديل وزاري محدود.
وأكد إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة في غضون ذلك، أن العمل الحكومي يسير بشكل عادي، رغم الأزمة السياسية التي تمر بها تونس، وذلك في إشارة إلى الانقسام الحاصل بين الموقعين على "وثيقة قرطاج" بشأن التغيير الحكومي، وتداعيات قرار تعليق المشاورات حول "وثيقة قرطاج 2".
وقدم مفدي المسدي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، على صعيد متصل، استقالته من منصبه بسبب ما اعتبره "حملات شيطنة ممنهجة" تهدف إلى النيل منه، وطالت عائلته أيضًا، كما استهدفت حياته المهنية والخاصة.
واتهم أطرافًا لم يسمها في رسالة مفتوحة وجهها إلى يوسف الشاهد، بالعمل على "التموقع السياسي، واختراق مؤسسات الدولة وتخريبها"، وقال "إنه سيختار الوقت المناسب لكشف جميع هذه الأطراف، وفضح شبكات المصالح التي تتستر وراءها، وطبيعة المضايقات والممارسات التي استهدفت العاملين في الحكومة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر