قال المحلّل والخبير في العلاقات الدّولية إدريس لكريني، إنّ "القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف ب مغربية الصّحراء لا يمكن أن يتغيّر مع تغيّر الإدارات الأمريكية، لأنّ الأمر يتعلق بموقف نتج عن تراكمات تاريخية"، مبرزاً أنّه "رغم اختلاف الإدارات الأمريكية، فإن موقف واشنطن من القضية كان فيه ثبات، خاصة فيما يتعلق بمشروع الحكم الذاتي".
وأوضح لكريني، خلال مشاركته في ندوة هسبريس الافتراضية حول "اعتراف أمريكا بمغربية الصّحراء والعلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب"، أنّ "المغرب يدبّر المرحلة بصورة مسؤولة وعقلانية، حيث حرّر معبر الكركرات، وسمح بإبراز أنّ الأمر يتعلق بخرق خطير للقرارات الأممية، بل تهديد للسلم والأمن الدوليين بمنطقة الساحل".
وأضاف المحلل ذاته أنّ "تحرّك المغرب أتاح للمجتمع الدولي الاطلاع على الوضع والسلوكات التي تمارسها البوليساريو، التي تهدد الأمن الدّولي والإقليمي والمصالح المغربية"، مبرزا أن "الموقف الأمريكي من القضية إيجابي، ويوجد في صلب ثوابت السّياسة الأمريكية، التي ظلت تؤكد على أهمية مشروع الحكم الذاتي وجديته".
وأوضح لكريني أنّ "ترامب رسّخ هذا التوجه، وأكد على أن مشروع الحكم الذّاتي استراتيجي وسيادي، ولا يمكن النزوح نحو أي خيار آخر، بما فيه تقرير المصير والاستفتاء وغيرهما من الخيارات التي لم يعد لها مكان على مستوى التطور الميداني".
وحول ما إذا كان المرسوم الرّئاسي الذي وقّعه ترامب حول اعتراف أمريكا بالصّحراء سيظل قائما في المرحلة المقبلة، قال الخبير في العلاقات الدّولية إنّ "ما قام به ترامب في هذه الخطوة اعتمد على سوابق مرتبطة بمنظور الإرادات السابقة لهذا النزاع"، مبرزاً أنّ "هناك ثوابت مرتبطة بالصّراع، كما أن المجتمع الدولي يقتنع بأن المغرب جاد في تعاطيه بشكل إيجابي مع الملف".
وأوضح لكريني أنّ "القرار الأمريكي مبني على استيعاب مقتضيات مشروع الحكم الذّاتي، الذي يوافق بين الاستقلال والوحدة، ومبني على التفاوض والحوار، ويقوم على تقاسم السّلط، ويسمح للمواطنين بتحقيق التنمية، ومؤسس على اعتبارات تاريخية".
واعتبر لكريني أنّ "ترامب أسس ذلك بناء على المواقف السّابقة، خاصة فيما يتعلق بمشروع الحكم الذاتي. بينما الطرف الآخر لم يتنازل عن مواقفه التقليدية"، مبرزا أن "مجموعة من الدول التي فتحت قنصلياتها في الصّحراء، والمواقف الدولية الداعمة لخطوة المغرب في الكركرات، كلها مؤشرات لا تبرز أن أمريكا وحدها التي اقتنعت بطرح المغرب، وإنما أصبح العالم يؤمن بالأطروحة المغربية".
وأكد المحلل ذاته أنّ "الموقف الأمريكي سيكون له تأثير على الملف، باعتبار أن أمريكا عضو دائم بمجلس الأمن، الذي يملك الإمكانيات المرتبطة بتفعيل القرارات. أمريكا كانت دائما إلى جانب المغرب، وسيكون دورها أكبر، كما أن مجموعة من الدول الحليفة لأمريكا سوف تحذو حذوها".
واستطرد لكريني قائلا: "القضية الفلسطينية قضية وطنية بالنسبة للمغاربة"، مستحضرا التظاهرات الكبرى المرتبطة بالتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقال إن "المغرب لعب دورا كبيرا في تنظيم ملتقيات كبيرة، ودوره وازن على مستوى هذه القضية العادلة"، مشيرا إلى أن "المغرب يؤمن بأنه لا ينبغي تجاوز القرارات الأممية وتهميش الحق الفلسطيني".
كما أكد لكريني أن القضية الفلسطينية حاضرة في السياسة الخارجية المغربية، وأن لها نفس وزن قضية الصحراء المغربية، مضيفا أن "المغرب أعطى إشارة تعكس حسن نيته تجاه الملف، وعلى الطرف الآخر أن يلتقطها بشكل إيجابي، حيث إن الرباط كانت دائما مع حل قيام الدولتين، ولا تزال تؤمن بضرورة وقف الاعتقالات وبناء المستوطنات".
وتوقف المحلل ذاته عند ضعف وهشاشة دور جامعة الدول العربية والاتحادات الجهوية، مشيرا إلى أن هذا الوضع "يجعلنا أمام مبادرات فردية من أجل الدّفاع عن بعض الملفات، خاصة أن الدول العربية تعيش أتعس وضع منذ مدة، وهو وضع مأزوم أمنيا ودبلوماسيا واقتصاديا".
قد يهمك ايضا:
باحث يحذر من ارتفاع معدل الهجرة السرية في منطقة المتوسط
المغرب يترأس للمرة الأولى منظمة العمل المغاربي في شخص إدريس لكريني
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر