شرعت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في مناقشة مشروع القانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، بحضور محسن جازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية.
وأنهت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية المناقشة العامة لمشروع القانون اليوم الثلاثاء، ومن المرتقب أن تعقد اجتماعا غدا الأربعاء سيخصص لرد الحكومة والمناقشة التفصيلية للمشروع.
مقابل ذلك، أجلت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية تقديم مشروع قانون يتعلق بشركات المساهمة وسن أحكام انتقالية خاصة بتحويل الأسهم لحاملها إلى أسهم اسمية إلى غاية 20 شتنبر الجاري، بعدما كان مقررا تقديمه غدا الأربعاء.
وقال مصدر مطلع تحدث : “إن هناك توجها إلى تسريع مناقشة هذا المشروع، وتحديد موعد وضع التعديلات عليه في غضون الأيام المقبلة”.وأجمعت مداخلات الفرق البرلمانية على أهمية هذا المشروع، رغم تباين مواقفها بشأن منهجية مناقشته.
في هذا الصدد، أكد محمد غياث، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الأغلبية بمجلس النواب، أن هذا المشروع، الذي تم التداول بشأنه أمام الملك محمد السادس، هو “قانون دولة يتجاوز عمر الولايات الحكومية والرهانات الانتخابية، ليشكل قاعدة مرجعية لكل النصوص المتعلقة بالاستثمار”.
وقال غياث: “إن المسؤولية الدستورية والوطنية تقتضي منا العمل بشكل جماعي وتوافقي وتشاركي لتنزيل توجيهات جلالة الملك التي وردت في الخطابين الأخيرين لعيد العرش وثورة الملكي والشعب، دون أن ننسى خطاب افتتاح البرلمان للسنة التشريعية السابقة، التي مكنت من الإسراع في إعداد ميثاق الاستثمار ووصوله إلى المرحلة الحالية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “مشروع القانون الإطار المتعلق بالاستثمار سيعمل على تشجيع وتحريك عجلة الاستثمارات، وبالوجه الذي سيحقق الأهداف المرجوة منه، مادامت هناك إرادة قوية من جميع المتدخلين في عملية الاستثمار في إطار من الانسجام والالتقائية والوضوح، ومادام أيضا تم اعتماد حكامة وشفافية في الوصول إلى مصادر الدعم وتنظيمها بالشكل الأمثل الذي ستجعل بلادنا أكثر جذبا للمستثمرين”.
ودعا البرلماني ذاته إلى “الاستفادة من الدروس التي تم استخلاصها بعد العمل بالميثاق القديم لأكثر من عقدين، وتدارك مختلف النواقص والثغرات التي كانت تعتريه، والاتجاه بكل جرأة وإرادة نحو تيسير البيئة المناسبة للمستثمرين الوطنيين والأجانب وللجالية، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها مشروع ميثاق الاستثمار الجديد”.
وأضاف غياث: “لا بد أن تنتهي عقود من الزمن شكل فيها مناخ الأعمال والاستثمار في البلد مادة دسمة للريع والسمسرة والاتجار غير المشروع في وجه رجال الأعمال المحليين والشركات الأجنبية وأفراد الجالية على حد سواء، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة والثقيلة، والنرجسية الإدارية، ما سبب نفورا وسط المستثمرين”.
وتابع المتحدث ذاته: “مهما كانت معركة الدولة المغربية للقضاء على أدوات وأصحاب عرقلة الاستثمار ستكون طويلة وشاقة، فهي معركة مطلوبة ولا محيد عنها بعدما دعا إليها جلالة الملك في خطاب العرش؛ ولهذا تعلق كل آمالنا على هذا المشروع لتحويل بلادنا إلى جنة استثمارية، لأنها تستحق ذلك، ولها كل الشروط لتحقيق الأمر”.
من جهته، أكد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، أن مشروع القانون الإطار 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار “يعد نصا تشريعيا أساسيا من بين النصوص الضرورية لتفعيل النموذج التنموي الجديد، من أجل مواجهة التحديات المطروحة على بلادنا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي”.
وقال شهيد: “أهمية هذا المشروع تتطلب منا، كفاعلين سياسيين وبرلمانيين، الخوض في تفاصيله بنوع من الدقة والقيام بمناقشة عميقة وهادئة لمختلف مواده ومقتضياته”، معتبرا أن “مثل هذه النصوص التشريعية الإستراتيجية لا تحتمل السرعة في تمريرها كباقي النصوص التي أرادت الحكومة اعتمادها بسرعة البرق خلال السنة التشريعية الأولى من الولاية البرلمانية الحالية”، بحسبه.
وشدد رئيس الفريق الاشتراكي على أن “الغاية من مناقشة مشروع القانون – الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار لا تكمن في الاصطفاف مع الأغلبية أو الدفاع عن رأي المعارضة، بل تكمن أساسا في إنتاج نص تشريعي بجودة عالية، لما له من آثار إيجابية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المديين المتوسط والبعيد”.
كما أكد شهيد أن الفريق الاشتراكي “سيحرص على أن يكون قوة اقتراحية لإثراء محتويات مشروع القانون – الإطار، وسيعمل على تقديم التعديلات التي يراها ضرورية لكي يكون المشروع شاملا ومتكاملا”، وأضاف: “نؤكد أن هدفنا من ذلك أن نصوغ ميثاقا يهدف، في المبتدأ والمنتهى، إلى خلق دينامية استثمارية تنعكس بشكل إيجابي على تقوية التماسك الاجتماعي وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية”.
من جهة أخرى، انتقد رئيس الفريق الاشتراكي عدم تنصيص مشروع القانون على إلغاء مختلف التراخيص والأذونات وتعويضها بدفتر تحملات والتزام بالنتائج، وكذا تيسير الولوج إلى التمويل البنكي من خلال إنشاء بنك عمومي للاستثمار، ومراجعة نظام الضمانات البنكية، وخلق بدائل واضحة وملموسة للتمويل.
بدوره، أعلن إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، تأييده لمضامين مشروع القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار.
وقال السنتيسي: “لا يمكن إلا أن نتفق مع أهداف ميثاق الاستثمار، التي تربط بين سوق الشغل وتقليص الفوارق المجالية والقطاعات ذات الأولوية والصادرات والإنتاج المحلي”.
مقابل ذلك، أشار المتحدث إلى أن “مشروع ميثاق الاستثمار لم يركز على راهنية الأمن الغذائي”، داعيا إلى “ضرورة التركيز على أهمية الاستثمارات التي تستجيب لمتطلبات السوق الداخلي”.
ولفت البرلماني إلى أن “أزمة كوفيد19 بينت للكل أن الإنتاج الموجه للطلب المحلي أهم من التصدير بكثير”.
إلى ذلك، ثمن السنتيسي التزام الحكومة بإخراج القوانين والمراسيم التنظيمية التي ستواكب ميثاق الاستثمار في أجل لا يتعدى سنة، لكنه اعتبر أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نعيشها تحتم على الحكومة تدبير المسألة التشريعية بكثير من المسؤولية.
وأضاف المتحدث: “يجب أن نعمل جميعا في المؤسسة التشريعية على عدم البدء في مناقشات مشاريع ومقترحات القوانين دون أن تكون مرفقة بمشاريع مراسيمها التنظيمية أو حتى جزء منها”، مبرزا أن كثيرا من القوانين صدرت في الجريدة الرسمية منذ سنين دون أن يتم فتح ورش تفعيلها بإصدار المراسيم.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر