غابت المملكة المغربية هذا الأسبوع عن لقاءين دوليين يدعمان أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وهو ما يرجح “صمود الرباط في موقفها الحيادي من هذه الحرب الطويلة، وأيضا حماية لمصالحها مع المعسكر الشرقي”.
وضمّت اللائحة النهائية للدول المشاركة في مؤتمر السلام الدولي من أجل أوكرانيا المنعقد في سويسرا، ما يصل إلى 100 دولة، غابت المملكة المغربية عنها، وسط تساؤلات تقارير دولية عن “جدوى المؤتمر دون حضور روسيا والصين”.
وقالت الخارجية السويسرية إن الحدث الذي بدأ أمس السبت وينتهي اليوم الأحد، “يهدف على تطوير فهم مشترك للطريق نحو سلام عادل ودائم في أوكرانيا”، موردة أنه “قد تمت دعوة 160 دولة عبر العالم لحضور المؤتمر”.
توضيح سفارة أوكرانيا بالرباط
وبحسب مسؤولة التواصل بسفارة كييف بالرباط، تحدثت لهسبريس، فقد تم توجيه الدعوة إلى المملكة المغربية، لكنها لم “تقدم ردا حول قبولها المشاركة في هذا المؤتمر”، لتغيب عنه إلى جانب 59 دولة عبر العالم، أهمها روسيا والصين، باعتبارهما أهم فاعلين من المعسكر الشرقي في هذه الأزمة.
وغابت الرباط أيضا عن قمة مجموعة الدول السبع التي انعقدت في إيطاليا، وسط حضور ثلاث دول من المنطقة المغاربية، هي: موريتانيا، تونس والجزائر. الأخيرة التي حضرت رغم كونها حليفا لروسيا.
وبحسب “رويترز”، فقد نص البيان الختامي على “وقوف القادة المشاركين في القمة خلف أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وإعادة بنائها طالما لزم الأمر، مع تقديم قرض بقيمة 50 مليار دولار”.
هذا القرض، وفق وسائل إعلام دولية أخرى، منها وكالة الأنباء الألمانية و”بلومبرغ”، “ناتج عن استخدام الأصول الروسية المجمّدة، وستوجهه كييف لتعزيز قدراتها العسكرية”.
وقال سفير كييف بالرباط، سيرجي ساينكو، إنه “لا يمكن تحقيق استعادة النظام الدولي القائم على القواعد إلا إذا توحدت جهود جميع الدول الداعمة للسلام في العالم، بحيث تحتاج أوكرانيا إلى صوت قوي من جميع القارات لصالح السلام العادل، وذلك عبر المشاركة في قمة السلام في أوكرانيا”.
وأضاف ساينكو، في تصريح لهسبريس، أن سويسرا توفّر هذا المنبر لإظهار التزام المجتمع الدولي الواضح بالمبادئ والقيم المناسبة، وأن أزيد من مائة دولة حضرته، لافتا إلى أن نجاح القمة والحضور العالمي في هذا الحدث، بـ”مثابة رسالة واضحة مفادها أن العالم لا يؤيد الحرب ويريد السلام، ولهذا السبب أرى أنه من الضروري أن تشارك جميع البلدان من جميع القارات، التي تحترم ميثاق الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة والقانون الدولي، في القمة”، وفق تعبيره.
وتابع الدبلوماسي الأوكراني قائلا: “نحن ممتنون للأفكار التي تتوافق مع نقاط السلام في أوكرانيا خلال المؤتمر، كما أن إظهار الوحدة العالمية لصالح مثل هذا السلام هو الخيار الوحيد لتأمينه”، دون أن يكشف عن رأيه حول “عدم مشاركة الرباط”.
الحفاظ على العلاقات مع روسيا
يتزامن هذا الأمر مع مضامين وعبارات وجهها الملك محمد السادس، بحر هذا الأسبوع، إلى رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، بمناسبة العيد الوطني الروسي، قال فيها: “أغتنم هذه المناسبة لأؤكد لفخامتكم حرصي على مواصلة العمل سويا معكم من أجل المضي قدما في تعزيز علاقات التعاون الثنائي البناء القائمة بين بلدينا، بما يوطد الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، ويخدم المصالح المشتركة لشعبينا الصديقين”.
وفي محاولة لقراءة الغياب المغربي عن المؤتمرين سالفي الذكر، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “الرباط لا تسعى لحضور مؤتمرات دولية دون أن تكون فاعلة قوية”.
وأضاف بنطلحة، في تصريح لهسبريس، أن الرباط تتجنب “مقاعد التأثيت” في اللقاءات الدولية، وغيابها عن مؤتمر سويسرا و قمة السبع سببه “رغبتها في الحفاظ على مواقفها المتوازنة من الحرب في أوكرانيا”.
وسبق أن أكد ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، في لقاء مع نظيره الأوكراني، ديميتري كوليبا، موقف الرباط من الحرب في أوكرانيا، وهو “احترام السيادة والوحدة الترابية لكل الدول الأعضاء في الأمم”.
وذكر بنطلحة أن المغرب “مؤثر في القرارات الدولية، وغيابه هذا الأسبوع رغبة مغربية واضحة بأن تكون الرباط على النسق نفسه، وليس على الهامش كما بعض الدول المجاورة التي شاركت في قمة مجموعة السبع”.
تبعا لذلك، أكد المختص في العلاقات الدولية أن المملكة المغربية “لها مصالح مع روسيا والصين، كما مع المعسكر الشرقي، وتحافظ على ذلك دون تحفّظ”، وفق تعبيره.
جدير بالذكر أن قمة مجموعة السبع التي حضرتها موريتانيا وتونس والجزائر، لم يتسّن لهسبريس التأكد من وجود دعوة إيطالية تم توجيهها إلى المملكة المغربية لحضورها.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر