الرباط - المغرب اليوم
قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، مشدداً على أنه أيضاً هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.
وأضاف، في خطاب وجهه الليلة قبل الماضية، للشعب المغربي، بمناسبة الذكرى 69 لانطلاق ثورة الملك والشعب عام 1953: «ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل».
وفهم من حديث الملك محمد السادس أنه رسالة ضمنية إلى كثير من دول العالم خصوصاً فرنسا، وذلك عشية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر ما بين 25 و27 أغسطس (آب) الحالي.
وقال العاهل المغربي: «لقد تمكنا خلال السنوات الأخيرة، من تحقيق إنجازات كبيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة، بخصوص مغربية الصحراء».
وذكر الملك محمد السادس، بهذه المناسبة، أن كثيراً من الدول الوازنة عبرت عن دعمها، وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.
وفي هذا الإطار، اعتبر الملك محمد السادس أن الموقف الثابت للولايات المتحدة «شكل حافزاً حقيقياً، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات».
وثمن عاهل المغرب «الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا، التي تعرف جيداً أصل هذا النزاع وحقيقته»، مؤكداً أن «هذا الموقف الإيجابي، قد أسس لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية - الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية».
علاوة على ذلك، أبرز الملك محمد السادس أن الموقف البناء من مبادرة الحكم الذاتي، لمجموعة من الدول الأوروبية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال، وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، سيسهم في فتح صفحة جديدة في علاقات الثقة، وتعزيز الشراكة النوعية، مع هذه البلدان الصديقة.
وبموازاة هذا الدعم، يضيف الملك محمد السادس، فتحت نحو 30 دولة، قنصليات في الأقاليم الجنوبية (الصحراء المغربية)، تجسيداً لدعمها الصريح، للوحدة الترابية للمملكة.
وجدد عبارات التقدير لإخوانه ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خصوصاً الأردن والبحرين والإمارات، وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة.
وتقدم الملك محمد السادس بالشكر لباقي الدول العربية، التي أكدت باستمرار، دعمها لمغربية الصحراء، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن.
وعبر الملك محمد السادس أيضاً عن اعتزازه «بمواقف أشقائنا الأفارقة، حيث فتحت نحو 40 في المائة من الدول الأفريقية، قنصليات في العيون والداخلة».
وأبرز العاهل المغربي أن هذه الدينامية تشمل أيضاً، دول أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث فتح كثير منها قنصليات في الصحراء؛ وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي، ليشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة.
على صعيد آخر، دعا الملك محمد السادس إلى إحداث آلية خاصة مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها، مشدداً على ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود.
وقال إن هذه الآلية ستمكن من التعرف على الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، و«التواصل معها باستمرار، وتعريفها بمؤهلات وطنها، بما في ذلك دينامية التنمية والاستثمار».
وجدد عاهل المغرب الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد.
ولهذه الغاية، المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني، إلى الانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية، وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع.
وبالنظر للتطلعات المتجددة لمغاربة العالم، دعا الملك محمد السادس إلى تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة من المواطنين، وإعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها.
وقال إن المغرب «يحتاج اليوم، لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقاً من بلدان الإقامة»، مبرزاً أن الجالية المغربية بالخارج، معروفة بتوفرها على كفاءات عالمية، في مختلف المجالات، العلمية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والرياضية وغيرها، مؤكداً أن «هذا مبعث فخر للمغرب والمغاربة جميعاً».
وأشار الملك محمد السادس إلى أن المغرب يملك جالية تقدر بنحو خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم، موضحاً أن مغاربة العالم يشكلون حالة خاصة في هذا المجال، نظراً لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر