دعت الحكومة الجزائرية مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية العاملين في البلاد إلى تغطية عملية ترحيل مئات المهاجرين السريين، المتحدرين من جنوب الصحراء، التي ستجري خلال الأسبوع الجاري، انطلاقا من مدن بالشمال إلى الحدود مع النيجر.
وتريد السلطات الجزائرية من خلال "إشهاد" الإعلام الدولي على موجات الترحيل، إظهار "الوجه الإنساني السمح" في تعاملها مع المهاجرين المقيمين لديها بطريقة غير قانونية، وهو بمثابة رد على انتقادات حادة لمنظمات حقوقية دولية بشأن هذه القضية.
وقال مراسل صحيفة فرنسية لـ"الشرق الأوسط"، إن وزارة الإعلام الجزائرية طلبت منه لأول مرة تغطية نشاط رسمي، موضحا أنه سيسافر مع "الهلال الأحمر الجزائري"، الذي أشرف على التحضير لترحيل نحو 400 مهاجر إلى الحدود مع النيجر، يتحدرون من عدة بلدان بالساحل الأفريقي، منها مالي والنيجر وبوركينافاسو.
وذكر الصحافي أن الوزارة دعته إلى "الاستعداد إلى السفر، لكنها لم تذكر التاريخ بالتحديد، لكن بلغني أن العملية ستتم قبل الخميس المقبل".
يذكر أن "الهلال الأحمر الجزائري" هو من وفر الإمكانيات البشرية واللوجيستية لموجات الترحيل، الجارية منذ نهاية العام الماضي.
وأفاد مصدر في وزارة الداخلية بأن الدعوة لتغطية عملية الترحيل الجديدة لا تشمل الصحافة المحلية: "فقد أردنا للصحافة الأجنبية التي تأخذ ما تنشره المنظمات الحقوقية الأجنبية على أنه حقيقة مطلقة، أن تكون شاهدة على عكس مزاعم خطيرة"، في إشارة إلى اتهام الجزائر بـ"سوء معاملة المهاجرين"، و"ممارسة التمييز العنصري ضدهم"، و"التملص من التزاماتها الدولية بشأن عدم ترحيل المهاجرين العمال".
وبحسب المصدر ذاته، فإن الإعلام الأجنبي الذي يغطي الأحداث في الجزائر "مدعو إلى نقل الحقيقة عندما يرى ممثلوه بأنفسهم شكل معاملة السلطات مع المهاجرين".
ودافع المصدر عن "حق الجزائر في الحفاظ على أمنها القومي، لأن ظاهرة الهجرة السرية مرتبطة بالمخدرات والاتجار بالبشر والإرهاب وتجارة السلاح".
وقال حسن قاسيمي، وهو مدير في وزارة الداخلية مكلف الهجرة السرية، من داخل مركز لجمع مهاجرين بالعاصمة صدر بحقهم قرار بالطرد، إن الجزائر "تبذل جهودا كبيرة لصالح المهاجرين فوق أراضيها وبخاصة في مجال المساعدة الإنسانية".
ودان تقارير دولية تحدثت عن "تخلي الجزائر عن مهاجرين في الصحراء الجزائرية"، وأوضح قاسيمي أن عمليات الترحيل الجارية منذ ستة أشهر كلفت خزينة الدولة 12 مليون دولار، مشيرا إلى تخصيص "مبلغ آخر في غضون أيام" لتمويل عمليات ترحيل جديدة، واللافت أن السلطات الجزائرية لا تكترث لدعوات التنظيمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بوقف الترحيل الجماعي للمهاجرين، وبخاصة طالبي اللجوء والعاملون في ورش للبناء، وهم بالآلاف.
وأضاف مسؤول الداخلية أن الجزائر "أنجزت أعمالا إنسانية في موريتانيا وفي حدودها مع مالي، حيث نقلت مساعدات إلى المناطق التي يواجه فيها السكان صعوبات، تتضمن كميات مهمة من الأغذية والأدوية ومولدات الطاقة الكهربائية، وبلغ عدد المستفيدين من المساعدات 56 ألفا".
وتابع قاسيمي مدافعا عن سياسة بلده في مجال الهجرة "لقد اتهمتنا جهات أجنبية زورا بأننا تخلينا عن 13 ألف مهاجر في الصحراء، والحقيقة أن هؤلاء هم من يقطعون الصحراء والفيافي، ويجازفون بأنفسهم للوصول إلى الجزائر، بينما نحن نساعدهم على العودة إلى بلدانهم بالتنسيق مع حكوماتهم".
وردا على اتهام حكومته بالتخلي عن المهاجرين قال قاسيمي "نحن لم نتخلّ أبدا عن المهاجرين في الصحراء، وما على المنظمات غير الحكومية، التي تتهمنا بذلك، إلا أن تكون حاضرة في الميدان لتوفر الوسائل المهمة من غذاء ونقل، إن كانت تريد حقا حماية أرواح المهاجرين، فتشارك معنا في هذا الظرف حتى نتقاسم الأعباء معا"، مشيرا إلى أنه "يأسف لكون غالبية المهاجرين السريين فوق أرضنا يعيشون في محنة بأوطانهم، فحكوماتهم لا تلبي حاجياتهم الأساسية، ولهذا السبب يهاجرون بحثا عن عيش أفضل".
وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر الخميس، إن الجزائر "رحّلت آلاف الرجال والنساء والأطفال منذ يناير/ كانون الثاني الماضي إلى النيجر ومالي في ظروف لا إنسانية، وفي حالات عدة، دون النظر إلى وضعهم القانوني في الجزائر أو وضعياتهم الهشة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر