الرباط - المغرب اليوم
أصدرت محكمة النقض، العام الماضي، قرارات مرجعية تُعتبر من الاجتهادات القضائية، مست عدداً من المجالات، على رأسها حالة الطوارئ الصحية المفروضة في إطار جائحة كورونا، والقرارات السياسية والدبلوماسية الصادرة عن الحكومة، وصولاً إلى تعنيف تلميذ من طرف مدرس.
القرارات التي أعلنت من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع افتتاح السنة القضائية الجديدة، أمس الإثنين، تنضاف إلى قرارات سابقة حسمت الجدل في ملفات عرضت على محاكم بمختلف درجاتها، لتصل إلى محكمة النقض كأعلى هيئة قضائية في المملكة.
القرار الأول يهم مجال تطبيق قانون الطوارئ الصحية، حيث قضت الغرفة الإدارية بأن فرض جواز التلقيح للتنقل بين الأماكن وولوج الإدارات والمؤسسات وبعض المجالات “هو إجراء يندرج ضمن التقييدات المؤقتة والعاجلة للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، حماية لحياة الأشخاص وضماناً لسلامتهم، ويرجع تقديرها إلى الحكومة”، ولذلك اعتبرت أن ذلك لا يشكل انتهاكاً للحقوق والحريات.
وفي قرار آخر في السياق نفسه، اعتبرت الغرفة نفسها أن القرارات الصادرة عن الحكومة بشأن الحماية من انتشار جائحة كوفيد، سواء تعلق الأمر بمنع التنقل أو ارتداء الكمامة أو توقيف بعض الأنشطة الصناعية أو التجارية، هي تدابير صادرة في نطاق ما تنص عليه المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 2-20-292 باعتباره نصاً تشريعياً خوَّل الحكومة إصدار مثل هذه القرارات والتدابير، دون أن يلزمها بوجوب نشرها بطريقة محددة أو في الجريدة الرسمية.
وهذا القرار يعني أنه لا يمكن وصف قرار رئيس الحكومة الضمني رفض نشر التدابير في الجريدة الرسمية بعدم المشروعية، ولا ينطوي على أي انحراف في استعمال السلطة، لغياب أي تجلٍ من تجليات الانحراف، وفق قضاة محكمة النقض.
ومن قرارات الغرفة الإدارية أيضاً اعتبارها أن القرارات ذات الطابع السياسي والدبلوماسي الصادرة عن الحكومة المغربية في إطار العلاقات الخارجية لا تُعتَبَر قرارات صادرة عن سلطة إدارية، وإنما من الأعمال السيادية التي لا تندرج ضمن الأعمال الإدارية القابلة للطعن بالإلغاء، ولا رقابة عليها من طرف القضاء الإداري.
الغرفة الإدارية بينت في اجتهادها القضائي أن “القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء هو العمل القانوني الانفرادي الصادر عن الإدارة بصفتها سلطة إدارية، والمؤثِّر في المراكز القانونية للمخاطَب به”.
وفي قضية تتعلق بتعنيف تلميذ، قضت الغرفة الاجتماعية بأن ممارسة العنف من قبل مدرِّسٍ على تلميذ يُعتبر خرقاً لاتفاقية حقوق الطفل، “ويشكل خطأ جسيماً بمفهوم المادة 39 من مدونة الشغل”؛ ونقضت قرار محكمة الموضوع التي اعتبرت الخطأ الجسيم غير ثابت، “رغم أن البيِّن من وثائق الملف أن الطالبة أدلت بتقرير المسؤولة الإدارية حول حالة ضرب التلميذ، وشكاية ولي أمر التلميذ، والشهادة الطبية”.
وفي سياق آخر أقرت محكمة النقض بأن عرض الدعوى على محكمة محايدة يعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة، وحقا من حقوق الدفاع التي يتمتع بها الجميع، وقضت بسبب ذلك بإحالة القضية على محكمة أخرى غير التي يعمل بها المطالب بالحق المدني كقاض، لاحتمال عدم تقيُّد هذه المحكمة بمبادئ الحياد والاستقلال.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر