الرباط - المغرب اليوم
تعزيزا لآليات حماية الأطفال في المغرب، أصدرت رئاسة النيابة العامة دليلا بشأن كفالة الأطفال المهملين، بمن فيهم الأطفال المهاجرون، وذلك بهدف سدّ القصور في الحماية والرعاية الذي تعاني منه هذه الفئة الهشة، وتعزيز الحماية القانونية لها.ويتميز الدليل الذي قدمته النيابة العامة، الإثنين في الرباط، بعدد من المستجدات، منها إمكانية تطبيق قانون الكفالة على الأطفال المهاجرين غير المرافقين، وذلك تفاعلا مع الإشكالات التي تعاني منها هذه الفئة، عالميا ومحليا، لاسيَما بعد أن أدى سنّ الدول الأوروبية سياسات صارمة في مجال الهجرة إلى تفاقم وضعية الأطفال المهاجرين.
ومَّيزت النيابة العامة بين ثلاث حالات من الأطفال المهاجرين غير المرافقين الذين يُمكن تطبيق قانون الكفالة عليهم، تتعلق الحالة الأولى بالأطفال الذين عُثر عليهم فوق التراب الوطني، الذين تغيب أي معطيات قد تفيد في معرفة أبويهم، أو الاهتداء إليهما، فيُعتبر الطفل في هذه الحالة في حُكم الطفل مجهول الأبوين، الذي يتمتع بالجنسية المغربية انطلاقا من واقعة الولادة بالمغرب؛ وفي هذه الحالة تتعين مباشرة إجراءات الكفالة في حقه.الحالة الثانية تتعلق بالطفل الأجنبي القاصر المتواجد بالمغرب، الذي قد يكون في وضعية لجوء، أو عديم الجنسية؛ وفي هذه الحالة أيضا يستفيد الطفل المهاجر من المقتضيات الحمائية لقانون كفالة الأطفال المهملين، اعتبارا لكون المغرب طرفا في اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين، التي تشير مادتها الثانية عشرة إلى خضوع اللاجئ في ما يتعلق بأحواله الشخصية لقانون موطنه أو بلد إقامته الاعتيادية.
أما الحالة الثالثة من الأطفال المهاجرين الذين أكد دليل رئاسة النيابة العامة إمكانية تطبيق قانون الكفالة عليهم فتتعلق بالقاصرين المهاجرين غير المرافقين المنتمين بجنسيتهم إلى إحدى الدول الأجنبية، انطلاقا من أن اتفاقية لاهاي المتعلقة بالاختصاص تسمح بانعقاد الاختصاص للقضاء المغربي من أجل إيجاد حلول لوضعية لأطفال كيفما كانت وضعيتهم، وتضمن اعتراف الدول المتعاقدة بالإجراءات المتخذة من طرف الدولة التي يوجد الطفل فوق ترابها.
وبخصوص كفالة الأطفال المغاربة من طرف أسَر تقطن بالخارج، توقف دليل رئاسة النيابة العامة عند جملة من الإشكالات الناجمة عن هذا الأمر، تتمثل بالأساس في الشروط المطلوبة بالنسبة للأجانب طالبي الكفالة، وفي مقدمتها شرط الإسلام.ويشير الدليل إلى أن المادة التاسعة من قانون كفالة الأطفال المهملين تنص على وجوب أن يكون طلب الكفالة مستوفيا لمجموعة من الوثائق المثبتة للشروط المتطلّبة، وأهمها شرط الإسلام.وينبع الإشكال الذي يطرحه هذا الشرط من مدة مصداقية شهادة اعتناق الإسلام بالنسبة للأجانب، الذين يتقدمون بطلبات كفالة الأطفال المغاربة، مع العلم أن أغلبهم يتزامن اعتناقهم الإسلام بتقديم طلب الكفالة.
ويشير دليل رئاسة النيابة العامة إلى أن هذا الأمر “يطرح التساؤل عن قدرة هذه الفئة على تربية الأطفال المتكفل بهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية، وهم يجهلون أبسط قواعد الإسلام، وهو ما يتناقض مع روح وفلسفة المادة التاسعة من قانون كفالة الأطفال المهملين، كما يتناقض مع أحد الشروط التشريعية للحضانة، وهي القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وخلقا”.ويقوم نظام الكفالة على جملة من الأسس المرجعية، في مقدمتها المرجعية الإسلامية، “التي اهتمت برعاية الطفل اليتيم، وحثت على إحاطته بالإحسان والتكريم والرعاية، مراعاة لنفسيته، وتعويضا له عن حنان أبويه إلى أن يصبح متحملا لمسؤوليته، ومساهما في بناء صرح الأمة ومجدها، متجنبا طريق الانحراف والإجرام، وإلحاق الضرر بنفسه وبالآخرين”، كما جاء في تقديم دليل رئاسة النيابة العامة.
والطفل المُهمل هو كل شخص ذكرا كان أو أنثى لم يبلغ سن 18 سنة، ووجد إما مولودا من أبوين غير معروفين أو من أب مجهول وأم معلومة لكنها تخّلت عنه بمحض إرادتها، أو إذا كان يتيما أو عجز والداه عن رعايته وثبُت أنه ليست له وسائل العيش.كما يصنّف أيضا ضمن خانة الأطفال المهملين الطفل إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجباتهما في رعايته وتوجيهه، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كون أحد والديه الذي يتولى رعايته بعد فقده للآخر أو عجز عن رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه نحوه.
وأكدت رئاسة النيابة العامة في الدليل الذي أصدرته أن كل طفل وُجد في الحالات المذكورة يُعتبر مُهملا بمقتضى القانون، ويصبح من واجب النيابة العامة أن تبادر بتقديم طلبات لاستصدار حُكم بالإهمال.وحدّد المشرّع المغربي الكفالة على أنها “الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه، كما يفعل الوالد مع ولده”، مضيفا أنه “لا يترتّب على الكفالة حق النسب ولا الحق في الإرث”.ويتوخى الدليل توفيرَ وثيقة مرجعية بخصوص الإجراءات المسطرية لكفالة الأطفال المهملين، ووضع تصور واصح موحد لأدوار النيابة العامة المختلفة في نظام الكفالة، فضلا عن التذكير بمختلف القوانين والإجراءات المتعلقة بالحماية المدنية والجنائية للطفل المهمل إعمالا لمصلحته الفضلى.
وتتمثل أهم أهداف الدليل في توحيد عمل النيابة العامة بخصوص أدوارها في حماية الأطفال المهملين ومسطرة الكفالة، وإعداد وثيقة مرجعية لقضاة النيابة العامة لتيسير إلمامهم بالمساطر والإجراءات المرتبطة بكفالة الأطفال المهملين، بُغية تعزيز الحماية القانونية لهذه الفئة، وتوفير دليل مسطري يوضح كيفية النيابات العامة للملفات ذات الصلة.ويهدف الدليل كذلك إلى تيسير الإلمام بالمقتضيات القانونية الواردة في النصوص الوطنية والدولية، والممارسات الفضلة بهذا الخصوص، وتعزيز نجاعة تدخل النيابة العامة في كفالة الأطفال المهملين، بمن فيهم الأطفال المهاجرون، وتعزيز آليات التنسيق مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في الموضوع.
قد يهمك أيضَا :
النيابة العامة المغربية تقرر متابعة البرلماني سعيد الزايدي في حالة اعتقال
النيابة العامة تدقق في "اختفاء رضيع" بالناظور المغربية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر