ختان الإناث ليست قضية حديثة، تلك الظاهرة التى تتفوق على جريمة القتل فى آثارها البشعة سواء على المرأة او على الرجل فيما بعد وحياتهما الجنسية معا، إلا أن التقارير الحديثة أصابت العالم بصدمة كبيرة وخيبة أمل مفجعة فرغم كل التشريعات والقوانين الجديدة لوقف تلك الممارسة الخطيرة، فنسبة الفتيات والنساء اللاتى تعرضن للتختين زادت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية.
وتؤكد بيانات اليونيسيف الحديثة أن ٢٠٠ مليون فتاة وامرأة خضعن للختان، وأن نصف الفتيات تتراوح أعمارهن ما بين ١١ عاما وأصغر، وتتمركز عمليات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث فى ٣٠ دولة، نصفهم يعيشون فى ثلاث دول فقط وهى مصر وإثيوبيا وإندونيسيا، وقد أكدت نائبة المدير التنفيذى لليونيسيف جيتا راو جوبتا أن «كل حالة ختان للإناث تشكل انتهاكا لحقوق الفتيات والنساء، ويجب تسريع جهود الحكومات والمهنيين الصحيين وقادة المجتمع المحلى وأولياء الأمور والأسر من أجل القضاء على هذه الممارسة».
الختان فى الولايات المتحدة
ورغم أن تلك الممارسة تتمركز أكثر فى دول الشرق الأوسط وإفريقيا إلا أنه تمت مضاعفة تلك العادة فى أكبر الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث تعرضت أكثر من نصف مليون امرأة فى أمريكا إلى الختان وهذا يساوى ضعفين أو ثلاثة أضعاف عن التقديرات السابقة، ووفقا للإحصاءات فإن غالبية الإناث المعرضات للختان يعشن فى ثمانى ولايات وهى كاليفورنيا، ومدينة نيويورك، ومينيسوتا، وتكساس، وماريلاند وفرجينيا ونيو جيرسى، وواشنطن، وفى مدينتى نيويورك ونيوآرك تعرض أكثر من ٦٥ ألف فتاة لتشويه الأعضاء التناسلية التى تؤثر على الجنس والولادة، والصحة العقلية والبدنية وهن ينحدرن من عائلات مهاجرة. وقال الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى بيان صادر عن البيت الأبيض إن «هذا التقليد موجود فى بعض الأماكن، ووجوده لا يمنحه الشرعية، فهذه الممارسة ضارة وخاطئة أينما وجدت، وقد حظرت الولايات المتحدة ختان الإناث حديثا منذ عام ١٩٩٦، لدرجة أن هناك أسراً تسافر خارج أمريكا للقيام بتلك الممارسة على فتياتهم، وخاصة وسط زيادة التشريعات وبرامج التوعية والعقوبات لأولئك الذين يقومون بتسهيل عملية القطع، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والتى يعود تاريخها إلى العصور القديمة، ويأخذ أشكالا عديدة».
وبحسب أحدث الإحصائيات فإن واحدة من كل ٥ فتيات تواجه خطر الختان داخل الولايات المتحدة تكون منحدرة من أسرة مهاجرة من مصر، وأن أكثر من ٢٢٧ ألف سيدة من أصول إفريقية يعشن فى أمريكا يتعرضن لخطر الختان، وأن هناك حوالى ٥١٣ ألف سيدة وفتاة يتعايشن مع الختان فى الولايات المتحدة فى الوقت الحاضر، وتكشف النتائج عن أن كاليفورنيا هى الولاية الأكثر عددا من النساء بمجموع ٥٦٨٧٢ حالة، تليها مدينة نيويورك ٤٨٤١٨ حالة ثم ولاية مينيسوتا بـ٤٤٢٩٣ حالة.
الختان فى بريطانيا
وفى بريطانيا تتعرض أكثر من ٢٠ ألف فتاة للختان، رغم أنها قد أصدرت تشريعا عام ١٩٨٥ أى قبل أمريكا بعقد كامل لتحرم أى شكل من أشكال الختان وحظر أى عملية أو مساعدة فى إجرائها، ولا توجد إحصائيات حقيقية حول عدد العمليات فى بريطانيا، لأنها تتم فى السر، لأن هناك قانونا يدخل كل من يثبت تورطه فى العملية السجن لمدة تصل إلى ١٤ عاما.
إلا أن فى بريطانيا توجد ١٦ عيادة متخصصة للتعامل مع حالات ولادة حيث تحضر نساء مختونات إما بالكامل أو جزئيا لنزع الخيوط التى خيط بها المكان منذ الصغر وذلك من أجل الولادة، ومعظمهم من الأسر المهاجرة والتى تنحدر من أصول مصرية وإفريقية.
الختان فى الدول الدينية
عملية الختان تسبق ولادة الإسلام، ولكنها اتخذت بعدا دينيا، وأصبحت ممارسة يتم تنفيذها عبر الثقافات والأديان، حيث إن بعض الإسرائيليات تنسبها إلى النبى إبراهيم عندما شعرت سارة زوجته الأولى بالغيرة من هاجر زوجته الثانية والتى كانت مصرية حيث قالت له اقطع من جسدها حتى تعرف أنه يحبها أكثر منها وبالفعل قام إبراهيم بقطع جزء صغير من البظر وفتحتين فى الأذن إلا أنها ازدادت جمالا فقد وضعت هاجر قرطا فى أذنيها وأصبح فرجها أجمل، وعندما اشتعلت الغيرة أكثر أمرته بطردها وفعلا هو ما حدث عندما تركها فى مكة هى وإسماعيل وحيدين.
من الأسباب التى تقوم عليها تلك الممارسة هى ضمان العذرية والحفاظ على العفة قبل الزواج، وضمان الإخلاص أثناء الزواج، والاعتقاد بأنها سوف تزيد المتعة الجنسية للرجال عند ممارسة الجنس مع امرأة مختتنة، والاعتقاد الخاطئ بأنها يمكن أن تعمل على تأمين أو تعزيز الخصوبة، وتأمين المستقبل الاجتماعى للفتيات والنساء حيث سيتم منع البظر من النمو لفترة طويلة مثل القضيب، وأن تبقى الأنثى نظيفة، وأكثر صحة. إلا أن تلك الأسباب واهية حيث أثبتت بعض الدراسات أنه فى المجتمعات التى تضع قيمة عالية للعذرية قبل الزواج، يمارس فيها عادات جنسية لا تتضمن عملية الإيلاج كالجنس الفموى أو الجنس الشرجى ورغم أن فقدان العذرية يعتبر على نطاق واسع إحدى المحطات المهمة فى حياة المرأة وعلى الرغم أنه على طول الزمن اعتبر وجود غشاء البكارة دليلا على عذرية الفتاة، إلا أنه فى الواقع لا يشكل أكثر من مؤشر لا يدل بالضرورة على العذرية حيث إنه فى بعض الحالات تتم عملية الجماع دون حدوث تمزق لغشاء البكارة، أو قد يتمزق الغشاء بأسباب غير عملية الجماع، أو قد يتم إصلاح التمزق فى غشاء البكارة بإجراء عملية ترقيع غشاء البكارة.
فى إيران
فى جزيرة «قشم» الإيرانية، ومحافظات إيلام وكرمانشاه وسنندج وجنوب أذربيجان الغربية، تحديدا تؤكد التقارير أن ٨٣٪ من سيدات هذه الأماكن يعانين من تمزق فى جهازهن التناسلى بسبب عمليات الختان، كما أنهن لا يزلن يجرين هذه العمليات رغم معرفتهن بمساوئها، وفى المناطق الكردية نسبة النساء المتضررات فيها تتراوح بين ٥٠ و٧٠٪. عمليات الختان تتم بأمر المرشد الإيرانى، آية الله على خامنئى، والذى أعلن أن ختان الإناث جائز مستندا إلى عدد من الأدلة، وهو يطبق فى إيران لنفس الأسباب والحفاظ على العفة والعذرية إلا أن هناك فى الجمهورية الإسلامية تنتشر وسائل الالتفاف أيضا حول مسألة العفة فهناك تزايد لإجراء جراحة للشابات لتركيب غشاء البكارة وهو الأمر الذى ينتشر بشكل كبير فى إيران، وبالنسبة لأولئك اللاتى لا يستطعن الحصول على الإجراء الطبى المكلف، فإن رحلة إلى المتجر تعيد العذرية فقط بشراء كبسولة مليئة بالسائل الأحمر يتم إدخالها إلى المهبل فى ليلة الزفاف، فتنفجر تحت الضغط.
فى السعودية
ورغم أن المملكة العربية السعودية تعتبر واحدة من أكبر الدول الدينية إلا أن ختان الإناث غير منتشر بها سوى فى المناطق التى تتبع المنهج الشافعى السنى، وهو ما يؤكد أن الممارسة أبعد ما تكون عن الدين، ومصر على النقيض من ذلك، فوفقا لتقرير المسح الديموجرافى والصحى فلقد بلغ معدل انتشار ختان الإناث ٩١٪ بين السيدات اللواتى تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ عاما، بينما بلغ ٧٤٪ بين الفتيات اللاتى تتراوح أعمارهن بين ١٥ و١٧ عاما.
فى إسرائيل
ختان الإناث فى إسرائيل متداول عند يهود الفلاشا وهم من أصل حبشى، فضلا عن أن هناك نوعا من الرحلات السياحية تسمى رحلات الطهور وتتم تحت شعار طهور الأولاد وختان البنات وقد طرحت تل أبيب عددا من برامجها فى السوق الأمريكية لليهود الأمريكيين لإتمام عملية طهارة الأولاد وختان البنات فى إسرائيل على الطريقة اليهودية، ومعظم الأطباء الذين يقومون بعملية الختان فى الولايات المتحدة وبريطانيا هم من اليهود.
إفريقيا بها أكثر طرق الختان تطرفًا
وتمارس تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، فى إفريقيا بطريقة أكثر تطرفا عن بقية العالم حيث تتم إزالة أجزاء من الأعضاء التناسلية للمرأة باستخدام مقص، أو شفرة حلاقة، أو قطعة زجاج مكسورة فى تقليد يبغون منه أن تبقى الفتيات عذارى وعفيفات حتى يتم بيعهن عن طريق صفقات الزواج. وعادة ما تتم مراسم الختان بلا أطباء أو أى مستشفى وبدون مخدر أو أى نوع من أنواع المضادات الحيوية، وغالبا ما تشيع حالات الوفاة بسبب فقدان الدم أو العدوى. والغريب أن عملية الختان هناك تنطوى على قطع البظر الخارجى للأعضاء التناسلية، ثم خياطة المهبل للحد من الرغبة الجنسية للمرأة، ويعتقد أمهات الفتيات أنه علامة القوة حيث يقولون إن الألم سوف يجعل ابنتهم قوية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر