لندن - المغرب اليوم
خلصت دراسة ضخمة في الولايات المتحدة شملت عشرات الآلاف من قدامى المحاربين العسكريين إلى أن هناك خطرا ضئيلا للإصابة بجلطة دموية نتيجة لقاح كوفيد - 19.
ففي حين أن النتائج قد لا تفعل الكثير لإقناع العديد من المدافعين عن اللقاحات بالسلامة النسبية للتطعيمات، من المأمول أن تعزز الثقة في المجتمعات بأن اللقاحات أكثر أمانًا بكثير من المرض الذي يقصدون الوقاية منه، والذي من المعروف أنه يزيد من مخاطر الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية (VTE).
وفي هذا يقول الدكتور بيتر إل إلكين المؤلف الأول للورقة الأستاذ رئيس قسم المعلوماتية الطبية الحيوية بجامعة بوفالو «نظرًا للمخاطر الكبيرة للإصابة بالجلطات الدموية الوريدية الناتجة عن عدوى كوفيد - 19، فإن نسبة المخاطر إلى الفوائد تميل بشدة الى التطعيم».
كان هذا هو الإجماع العام بين الخبراء طوال الوقت. ولحسن الحظ كان له صدى في معظم أنحاء العالم؛ حيث تم إعطاء 9.23 مليار جرعة من لقاحات كوفيد - 19 على مستوى العالم حتى الآن.
ومن الواضح أن الإهمال لا يعني أن الخطر هو صفر. ومع ذلك، فإن أي فرصة للإصابة بجلطات دموية تكون أعلى بعدة مرات إذا لم يتم تطعيمك ضد فيروس SARS-CoV-2؛ وهي نتيجة محتملة بشكل لا يصدق في السكان غير المحصنين مع الحد الأدنى من تدابير السلامة المعمول بها.
ويُنسب الفضل إلى اللقاحات على نطاق واسع في المساعدة بتخفيف حدة جائحة كوفيد - 19 المستمرة، وإنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح في هذه العملية. وهناك أدلة وفيرة على سلامتها وفعاليتها. ومع ذلك، فقد أثيرت شكوك من دعاة مناهضة اللقاحات الذين زعم الكثير منهم أن هناك أخبارا تشير لوجود صلة محتملة بين لقاحات كوفيد - 19 وجلطات الدم.
وظل هذا القلق قائمًا، مع قلة الأدلة على وجود خطر كبير من اللقاحات. كما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات العامة الأخرى.
ويوضح إلكين «كان هناك قلق لدى البعض من أن التطعيم ضد فيروس كوفيد - 19 قد يسبب ضررًا لا داعي له وأن VTE كانت إحدى الآليات المتورطة من قبل مضادات التطعيم. أردنا معرفة الحقيقة».
وللقيام بذلك، درس إلكين وزملاؤه بيانات 855686 شخصًا، جميعهم من قدامى المحاربين العسكريين الأميركيين الذين لا تقل أعمارهم عن 45 عامًا والذين تلقوا جرعة واحدة من لقاح SARS-CoV-2 قبل 60 يومًا على الأقل. وقد ضمت المجموعة الضابطة 321676 شخصًا، وجميعهم أيضًا من قدامى المحاربين الأميركيين في نفس الفئة العمرية. لكنهم ما زالوا غير محصنين.
وجاءت البيانات من أداة المراقبة الوطنية التابعة لوزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية وغطت فترة زمنية من 1 يناير(كانون الثاني) 2020 (التي كانت قبل أول حالة أميركية معروفة لـ كوفيد - 19) حتى 6 مارس (آذار) 2022.
وفي هذا الاطار، وضع الباحثون في الحسبان مجموعة من عوامل الخطر المعروفة للجلطات الدموية الوريدية، بما في ذلك العمر والعرق والجنس ومؤشر كتلة الجسم، للمساعدة في التركيز على أي تأثير من اللقاحات. فوجدت الدراسة أن الأشخاص الملقحين لديهم معدل VTE يبلغ 1.3755 لكل 1000 شخص؛ وهو أعلى بنسبة 0.1 % من معدل VTE الأساسي البالغ 1.3741 لكل 1000 شخص غير المطعمين، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن مجلة Clinical and Translational Science.
ويبين إلكين «كان الخطر الزائد حوالى 1.4 حالة لكل مليون مريض تم تطعيمهم. وبالنظر إلى حقيقة أن معدل الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية المصاحبة لـ كوفيد - 19 أكبر بعدة مرات من المخاطر التافهة من التطعيم، فإن دراستنا تعزز سلامة وأهمية البقاء على قيد الحياة مع لقاحات كوفيد - 19». غير ان الباحثين يشيرون إلى أن الخطر الأكبر قد ينبع من قلة الصفيحات المناعية التي يسببها اللقاح (VITT)؛ وهي استجابة مناعية تغير كمية ونوعية الصفائح الدموية، ما قد يؤدي للإصابة بالجلطات الدموية الوريدية. لذلك أشاروا إلى فئة تشمل لقاحات كوفيد - 19 من «جونسون آند جونسون» و «استرازينيكا».
وتشير الدراسة إلى أن هذه الزيادة الصغيرة في المخاطر تنطبق على لقاحات ناقلات الفيروس الغدي ولقاحات الرنا المرسال، بما في ذلك تلك التي تنتجها شركة «مودرين» و«فايزر»؛ وفي كلتا الحالتين يجادل الباحثون بأن الخطر «تافه». ومن ناحية أخرى، فإن خطر الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية من عدوى كوفيد - 19 الفعلية ليست كذلك؛ فقد لاحظ الباحثون أن الجلطات الدموية الوريدية هي نتيجة بارزة لـ كوفيد - 19، وتحدث في حوالى 8 في المائة من المرضى بالمستشفيات و 23 في المائة من المرضى بوحدة العناية المركزة.
واستنادًا إلى 28 يومًا من البيانات اعتبارًا من 21 يونيو(حزيران) 2021، تشير هذه الأرقام إلى حدوث ما لا يقل عن 3203 حالات زائدة متعلقة بـ كوفيد - 19 من أصل 257125 حالة جديدة لـ كوفيد - 19 المسجلة خلال هذا الوقت. لكن إذا تم تطعيم كل هؤلاء الأشخاص، فإن العدد المتوقع لحالات VTE الزائدة يصبح أقل من واحد (0.36).
وتُظهر هذه الدراسة قوة البيانات الضخمة؛ حيث يمكننا استخدام بيانات السجلات الصحية الإلكترونية بطريقة صارمة للإجابة على الأسئلة التي لا يمكن أبدًا الإجابة عليها بشكل صحيح من خلال تجربة عشوائية محكومة، نظرًا لصغر حجم التأثير والحاجة إلى تجنيد الملايين من المرضى إلى المحاكمة، وفق إلكين؛ الذي يؤكد «إنها مثال على كيفية إجابة المعلوماتية الطبية الحيوية على الأسئلة السريرية المهمة، ويمكن أن تساعد الناس على التعرف على فائدة لقاح كوفيد - 19 وتحسين الالتزام بهذا الدليل الإكلينيكي المعتمد».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر