غزة - صفا
يرقد المسن أبو رشاد شنيورة من مدينة غزة على سرير خشبي في بيته دون حراك بعد إصابته بكسر في الفخذ، ويحيط به ثلاثة من الممرضين الشبان الذين يقدمون له العناية اللازمة.
ويرش الحكيم جهاد سعد (26 عامًا) قليلًا من "البوليدين" على شاشة أمسك بها زميله الحكيم إيهاب حسان (24 عامًا) لينظف بها جرح المسن شنيورة الناتج عن جهاز تثبيت العظم المثبت في فخذه.
الحكيمان سعد وحسان وزميلهما أشرف قلجة لا يعملون في المستشفيات الحكومية أو العيادات الخاصة، بل انضموا إلى شركة "يونيكير" لتقديم الخدمات الطبية المنزلية والتأهيل (دليفري طبي)، وتعد هذه الشركة من أوائل الشركات التي تقدم هذه الخدمة في قطاع غزة.
عناية وتوفير
يقول المسن شنيورة لوكالة "صفا" إن الشركة وفرت عليه تكاليف الذهاب والعودة إلى المستشفى، فقد كان يدفع حوالي 100 شيكل (30 دولار) لاستئجار سيارة إسعاف في كل مرة، فضلًا عن توفير الراحة له والجهد على الآخرين سيما وأنه يحتاج إلى أربعة أشخاص لنقله.
وبحسب المريض فإن ممرضي الشركة يوفرون له عناية لا تقل عن العناية التي تقدمها المستشفيات الحكومية في القطاع، ولا يأخذون لقاء ذلك أجرًا كبيرًا.
وتضم الشركة أطباء متخصصون، وأطباء عامون، وممرضون، وأخصائيو علاج طبيعي، وأخصائيو تحاليل طبية، وتقدم خدماتها في مختلف مناطق القطاع على مدار الساعة.
وحصلت الشركة الربحية التي لم يمض على تأسيسها شهران "عدم ممانعة" من وزارة الصحة في غزة، كونها شركة سابقة لم يتطرق لها القانون الفلسطيني، وتقدر تكلفتها التأسيسية حوالي 10 آلاف دولار بخلاف الإجراءات الرسمية لدى حكومة غزة، كما يوضح نائب مديرها أخصائي العلاج الطبيعي أسامة المغني.
ويلفت المغني في حديثه لوكالة "صفا" إلى أن وزارة الصحة بغزة فتّشت على عملهم قبل أسبوعين، وتعهدت شركته بإتمام إجراءات الترخيص كاملة حال وجود قانون ينظم عملها.
ويشير أخصائي العلاج الطبيعي إلى تزايد إقبال المواطنين على طلب خدمات الشركة سيما وأنها تقدم خدماتها لكافة شرائح المجتمع، وتراعي أوضاع بعض المرضى معدومي الدخل، وتقدم لهم الخدمات بسعر التكلفة.
ظروف اقتصادية
ويعمل في الشركة أكثر من 30 موظفًا بينهم 12 فتاة تم اختيارهم بعد حصولهم على شهادة مزاولة المهنة، وخبرة لا تقل عن عامين في هذا المجال، عدا عن اجتياز مقابلة يجريها كادر طبي متخصص.
ودفعت الظروف الاقتصادية والأسرية الحكيم أشرف قلجة (26 عامًا) للتقدم للعمل في الشركة سيما وأنه متزوج ويعيل عائلته بعد وفاة والده.
ويقول قلجة لوكالة "صفا" إنه يخرج للعمل ضمن فريق الشركة في مهمات شبه يومية، ويوفر دخلًا يمكّنه من توفير لقمة العيش الكريم.
ولم يكن الحكيمان الأعزبان سعد وحسان بأفضل حال من زميلهما قلجة، ولجئا للعمل في الشركة بعد أن تطوعا لسنتين في مستشفى الشفاء بغزة وفقدا الأمل في الحصول على وظيفة بسبب تراكم الخريجين والواسطة التي تلعب دورًا في التوظيف كما قال أحدهما لوكالة "صفا".
وأدى تشديد الحصار الإسرائيلي على غزة وهدم الجيش المصري الأنفاق الحدودية جنوب القطاع بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي في 3 يوليو 2013 إلى تدهور كافة القطاعات الاقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي 38.5% بحسب المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء.
وبمجرد التحاق الموظف بالشركة يتسلّم حقيبة طبية شخصية تحوي (قفازات طبية، قطن، سرنجات ونيادل، شاش لفاف، رباط ضاغط، محلول ملحي، بوليدين، ترمومتر زئبقي، جهاز ضغط، سماعات، وبعض الأدوية والحقن).
ولا يخلو المشروع الجديد من بعض الصعوبات التي تعترض طريقه، وتقف نظرة المجتمع إلى طريقة العلاج غير التقليدية عائقًا مهمًا أمام عمل الشركة، إضافة إلى السؤال عن المقابل المادي قبل معرفة مستوى الخدمة، إلا أن القائمين عليه يشيرون إلى تقدم ملحوظ في نظرة المجتمع إلى عملهم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر