هونغ كونغ ـ أ.ف.ب
مراكز العناية تحل مكان المدارس فيما يخفت الاقتصاد المفعم بالحيوية بسبب تقدم السكان بالسن...هذه هي الصورة التي يتوقعها خبراء لهونغ كونغ في مستقبل ليس ببعيد.
فشخص من كل ثلاثة في هذه المدينة يتوقع ان يبلغ سن الخامسة والستين وما فوق بحلول العام 2041 مما يهدد بلجم النمو الاقتصادي في هذا المركز المالي الرئيسي على ما تحذر سلطات هونغ كونغ.
ويقول بول ييب استاذ العلوم الاجتماعية في جامعة هونغ كونغ لوكالة فرانس برس "انه مصدر قلق كبير جدا على نمو سكاننا" موضحا ان الاقتصاد سيصاب في الصميم اذا استمر هذا الميل الى تقدم السكان في السن.
ويضيف ييب "سيتراجع عدد الاشخاص الذين يعملون والذين يساهمون تاليا في اقتصاد هونغ كونغ".
وفيما يقول بعض الخبراء ان توقعات الحكومة للعام 2041 لا تأخذ في الاعتبار المهاجرين والاشخاص الذين سيستمرون في العمل بعد بلوغهم الخامسة والستين، تواجه هذه المنطقة تحديات واضحة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
والمشكلة الديموغرافية المقبلة هذه تنعكس في برامج مثل "الدباثي" الذي وضعه طلاب جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا ويهدف الى اثارة مزيد من التعاطف حيال المسنين من خلال تشجيع المراهقين على اختبار بزات تعيق الحركة مصممة لمحاكاة تأثير التقدم في السن على جسم الانسان.
وتقول سامنثا كونغ احدى مؤسسات "الدباثي"، ان "محنة المسنين في هونغ كونغ يزداد جدية".
ويرى البعض الاخر ان المشكلة ليست في النسبة العالية من المسنين بل النقص في الانجاب في هونغ كونغ.
فالضغوط المالية والعقلية التي تركز على النجاح المهني وامكنة السكن الضيقة وكلفة العقارات العالية جدا، كلها عوامل اساسية تجعل من معدل الانجاب في هونغ كونغ من الادنى في العالم مع 1,2 طفل لكل امرأة بحسب ارقام البنك الدولي.
ويقول ييب "الشباب يريدون الزواج لكنهم لا يملكون المال الكافي لاستئجار مكان يقيمون فيه".
ويميل الشباب الى الاقامة لفترة اطول مع اهاليهم املا بادخار ما يكفي من المال لشراء شقة مما يعني انهم ينتظرون فترة اطول للزواج وانجاب الاطفال على ما يوضح.
والميول الاجتماعية في هونغ كونغ تظهر ايضا ان عددا متزايدا من النساء يخترن عدم الزواج. واللواتي يتزوجن يقدمن على هذه الخطوة في سن متأخرة وليس لديهن تاليا فترة طويلة لانجاب الاطفال على ما يضيف الاستاذ الجامعي.
ويوضح "الكثير من الازواج يفضلون الحصول على حيوان منزلي على انجاب الاطفال".
وبالاستناد الى دراسة حول معدلات الانجاب والوفيات الحالية، ان لم تتخذ هونغ كونغ اي اجراءات بشأن مشكلة تقدم السكان في السن فان متوسط العمر فيها سيكون 56,3 عاما بحلول العام 2040 على ما تفيد الامم المتحدة.
وبالاستناد الى العوامل نفسها فان متوسط العمر في سنغافورة سيكون 50,3 عاما و في الصين 45,9 عاما وتايلاند 45,7 عاما.
وارتفاع اجل الحياة المتوقع وتدني معدل الولادات سيؤدي الى نسبة 712 شخصا تابعا لكل الف نسمة في العام 2041 في مقابل 355 شخصا تابعا لكل الف نسمة راهنا.
وينتهي وضع هونغ كونغ التي تتمتع باستقلال ذاتي جزئي عن الصين، في العام 2047 ولا يعرف الخبراء تأثير ذلك على البنية الديموغرافية.
فالمستعمرة البريطانية السابقة اعيدت الى السيادة الصينية العام 1997 مع نظام سياسي وقانوني خاص بها يضمن الحريات المدنية.
ويرى الامين العام التنفيذي لهونغ كونغ كاري لام ان على المدينة ان تنوع قوتها العاملة لمواجهة مشكلة تقدم السكان بالسن.
وهو يرئس لجنة بدأت في تشرين الاول/اكتوبر دراسة واسعة تستمر اربعة اشهر حول المسألة. ودرست هذه اللجنة امكانية جذب مواهب من الخارج او من الصين القارية الا ان نقابات المدينة عارضت ذلك.
والسماح لصينيين يتمتعون بمستوى ثقافي جيد انجاب الاطفال في هونغ كونغ كان ايضا اقتراحا للمساعدة على قلب الميل الديموغرافي الراهن.
وحتى نهاية العام 2012، كانت الاف النساء من الصين القارية يأتين الى هونغ كونغ للولادة والحصول على اقامة لاطفالهن فيها الا ان العائلات المحلية اشتكت من انهن يشغلن الاماكن المحدودة في المستشفيات.
وقد منعت المدينة الحوامل من الصين القارية من الانجاب في المستشفيات المحلية ان لم يكن ازواجهن من سكان هونغ كونغ.
ويشكل احتمال ان تعاني المدينة من نقص في اليد العاملة وفي دينامية الشباب مصدر قلق فعليا.
ويقول الاستاذ ييب "لن تكون فعلا مدينة اريد ان اقيم فيها".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر