واشنطن - المغرب اليوم
مع التقدم فى السن تقوم أدمغتنا بإعادة تنظيم أنفسها، وتنظيم وتبسيط الروابط العصبية، وذلك للمساعدة على الحساسية العالية فى معالجة الأمور المتعلقة بموضوع ما، مما يساهم فى تكامل المعلومات.
اكتشف فريق بحثى بجامعة نيوكاسل فى المملكة المتحدة، أن الدماغ يبدأ فى عملية التبسيط هذه مبكرا فى الفتيات، مما قد يفسر لماذا فى سن المراهقة تنضجن قبل الفتيان فى نفس أعمارهن.
ويشير الباحثون إلى أن إنجاز عملية التقليم الانتقائية هذه تدريجيا فى الروابط العصبية، قد يفسر لماذا لا تتدهور وظيفة الدماغ بل تتحسن بواسطة عملية التبسيط.
يقول الدكتور ماركوس كايزر، أحد القائمين الدراسة، إن الاتصالات العصبية لمسافات طويلة من الصعب إنشاؤها والمحافظة عليها، لكنها ضرورية جدا لمعالجة سريعة وفعالة للمعلومات، ويشرح قيمة الاتصالات العصبية الطويلة:
"إذا مثلنا التفكير بشبكة اجتماعية، فإن كل الأصدقاء فى مكان قريب يعطونك نفس الأخبار والمعلومات تقريبا، أما إن كانوا من أماكن بعيدة ومختلفة ستكون أخبارهم جديدة ومختلفة، فبنفس الطريقة، بعض تدفق المعلومات داخل وحدة معينة من الدماغ قد تكون زائدة عن الحاجة، فى حين أن المعلومات الواردة من وحدات أخرى هى أمر حيوى فى صنع إحساسك بالعالم الخارجى، مثلا كمعلومات بصرية عن وجه ما مع معلومات صوتية عن هذا الوجه".
ففى الدراسة قام باحثون من جامعات نيوكاسل وجلاسكو وسيول، بتقييم مسح دماغى من 121 فرادا أصحاء، تتراوح أعمارهم بين 4 و40 عاما، وتم تحديد هذه الفئة العمرية لأنها الفترة الزمنية التى يحدث فيها التنظيم الأكبر للاتصالات فى الدماغ.
هذا المسح الدماغى تم باستخدام وحدة خاصة وحساسة للغاية للتصوير بالرنين المغناطيسى (MRI)، وتعرف باسم (DTI)، وتعمل بقياس المياه التى تنتقل على طول الألياف العصبية.
وأظهر المسح أنه ما بين 4 و40 عاما يكون الدماغ مشغولا بتقليم الاتصالات العصبية، واكتشفوا أن هناك أنواعا من الاتصالات يتم تقليمها أكثر من الأخرى بطريقة انتقائية، وأن بعض التغييرات فى هذه الاتصالات قد يكون له علاقة باضطرابات مثل الصرع، والتوحد والفصام.
فلو عدنا لنموذج الشبكة الاجتماعية الذى قد يخدمنا فى فهم أهمية تقليم الاتصالات العصبية فى عملية التركيز فى الدماغ، فإن فقدت طريقك وأردت أن تعرفه من أحد معارفك، فلن تكلم أيهم، بل ستكلم من له علاقة أو علم مع المكان الذى تريد أن تذهب إليه.
فلأول مرة وبهذه الدراسة أظهر الباحثون أن خسارة المادة البيضاء من مناطق الدماغ هى عملية انتقائية للغاية أطلقوا عليها اسم الفرز التفضيلى.
فقد وجدوا انخفاضا فى اتصالات المخ بين المناطق البعيدة مثل شقى المخ ووحدات المعالجة، خاصة خلال فترة نضوج الدماغ، مما يوضح أن المخ يحافظ على استقرار تركيبه خلال عملية النضج.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر