دراسة تستعرض أساليب احتواء التأثيرات النفسية لجائحة كورونا
آخر تحديث GMT 00:18:47
المغرب اليوم -

دراسة تستعرض أساليب احتواء التأثيرات النفسية لجائحة "كورونا"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - دراسة تستعرض أساليب احتواء التأثيرات النفسية لجائحة

فيروس كورونا المستجد
الرباط _ المغرب اليوم

تستمرّ جائحة "كورونا" في فرز تداعيات نفسية وعاطفية على الفردِ الذي بات يميلُ إلى العزلة والتّباعد، وهو ما أدّى إلى ولادة مشاعر القلق والخوف والتّردد، وهي كلّها نوازع نفسية ستكون لها تأثيرات على الصّحة العامّة بعد انتهاء الوباء وعودة الحياة إلى مسارها الطّبيعي، إذ أصبح العالم مقسّما إلى مرحلتين، مرحلة ما قبل الوباء ومرحلة ما بعده. وأوردت دراسة حديثة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أعدتها الدكتورة داليا رشدي، عن كلية القاهرة، أنّ "هيمنة جائحة كورونا على حياة البشر أفضت إلى تزايد الضغوط النفسية التي يواجهها الأفراد في دول العالم كافة، نتيجة حالة القلق المصاحبة لعدم اليقين ومخاوف العدوى وتأثيرات التباعد الاجتماعي والعزل الإجباري". وعززت هذه المعطيات من أهمية التعافي النفسي عبر عدة آليات،

من بينها معالجة الآثار النفسية المباشرة للوباء، وخلق مناخ عاطفي إيجابي، وتفكيك البنية النفسية والفكرية للوباء، وطرح الأفكار الإيجابية، وتحقيق الرفاهية النفسية عبر تقبل الذات والاستقلالية وخلق آليات نفسية للصمود المستقبلي، والتركيز على إيجابيات الذاكرة الجماعية للوباء. وفي هذا الصّدد توضّح الورقة البحثية أنّ "الجائحة النفسية غيـرت ملامح الخريطـة السّـيكولوجية للشـعوب، مـا يؤكـد أن هـذا الوبـاء لـه خصوصيـة تعكسـها أبعـاد اجتماعيـة ونفسـية"، موردة أنّ "عالمية الانتشار وأفقية التزامن وتعدد آليات العدوى كلها عوامل كرّست خطوة وباء "كورونا"، إذ أدّى الفيروس إلى دخول العالم في حجر صحي دون أن يعد العدة لمثل هذا التغير الجذري، ما نتج عنه توقف عجلة الحياة والإنتاج وتقطيع أواصر العلاقات بين المجتمعات".

واعتبرت الورقة البحثية ذاتها أنّ "الجائحة أدّت إلى نقص مساحة الخصوصية النّفسية التي يحتاجها الفرد في تعاملاته الاجتماعية، كما كرّست مشاعر الوحـدة أو الانفراد"، مبرزة أنّ "التباعد الاجتماعي أصبح مطلبـاً أساسـياً في كل الـدول التـي تعرضت لهذا الوبـاء، وأصبـح الشّعار الرّئيس للمجتمعات هــو "في التباعد حياة"، وهــو أمــر مستجد في المجتمعات الإنسانية التــي تقــوم على شــبكة عنكبوتيــة مــن العلاقات بالآخرين تحفظ لهم توازنهم النفــسي وهويتهم الاجتماعية". وتـؤدي هـذه العزلـة، وفقاً للدّراسة ذاتها، إلى مشكلات نفسـية إذا مـا فُرضـت علـى الأفـراد لفـترة طويلـة مـن الزمـن، لأنّ الإنسان يجـد المعنى والهـدف مـن الحيـاة، ويتغلـب على التحديات المادية والنفسية التــي تحــول دون تحقيــق طيــب الحيــاة، مــن خـلال كيانه الاجتماعي

وعلاقاته الناجحــة بالآخرين".

وشدّدت الورقة البحثية على أنّ "الإجراءات السّاعية إلى احتواء الفيروس أدت إلى النيـل مـن المساحة الخاصـة للأفـراد الذيـن أُجـبروا علـى المكوث في منازلهم، في ظاهرة أطلق عليها البعض "الازدحام الأسري"، مـا يُنـذر -مـن وجهـة نظـر علماء النفـس- بتعرضهم لمشكلات نفسـية جراء العزلة التي فرضت عليهـم وأجبرتهـم كأسر على البقـاء معـاً في مكـان واحـد لأطول فترة ممكنة؛ وهــو أمــر يحمل في طياته جانبــاً إيجابيــاً، حيــث يــؤدي إلى ازدياد الروابط الأسرية". واعتبرت الوثيقة أنّه "في زمـن الأوبئة تتبوأ المشاعر السلبية صدارة المشهد في المجتمعات الموبوءة، لتشكل مناخــاً عاطفيـاً جماعيا يغلب عليه الطابع الســلبي، وتتولد مشـاعر مثـل القلـق والخـوف وعـدم الثقـة واللايقين، وغيرها مـن المشاعر التـي تـؤدي إلى نقـص المناعة

المجتمعية، حيـث تقليل قدرة المجتمعات علـى مواجهـة الأزمـات، وانهيـار الـروح المعنوية، وتحول المـزاج الجماعي فيهـا إلى مـزاج سـلبي يولـد مزيـداً مـن المشاعر الهدامـة التي تتجـدد تلقائيـاً مـع انتشـار المرض". وكما أشارت كثير مــن التحليـلات والتوقعــات الأخرى، ذهبت الورقة إلى "إمكانيــة تغيّر ســلوك الأفراد النفـسـي والاجتماعي، بـل والسياسي أيضـاً، تحـت وطـأة الأزمة، وخاصـة مـع مشـاعر الخـوف التـي قـد تقـود الأفـراد إلى تقليل التفاعل الاجتماعي والانخراط السياسي والانسجام أكثـر مـع المعايير السـائدة، والتصـرف وفقــاً لسياســة القطيــع، والقبـول الأقل للتمــرد والخــروج عــن المألوف، كما قد تصبح الأحكام الأخلاقية أكثر صرامة والمواقف الاجتماعية أكثر تحفظــاً عنــد النظــر في قضايــا مثــل الهجــرة أو الحريــة الجنســية

والمساواة". وقالت الدّراسة إنّ "الأوبئة تؤدي إلى خلق بيئــة نفســية تهديدية بديلة عــن البيئــة الآمنة التــي كانــت تحيــا فيهــا المجتمعات، وتشتمل علـى عنصريـن؛ الأول هـو التحديـات التـي يواجهها الأفـراد أثنـاء الأزمة، كإرضـاء الاحتياجات، والتكيف مـع الضغـوط، والصمود أمـام خطـر الوباء؛ أمـا الثـاني فهـو الخيارات السلبية التـي يتعـرض لهـا الأفراد، كالصعوبـات والخسائر والمعانـاة، وغيرها مـن الخيارات التـي تولـد بيئـة مهدّدة للفرد"، مضيفة: "وتساعد هـذه البيئـة في خلـق بنيـة نفسيـة اجتماعيـة مهددة للفـرد عـلى المستويين المادي والمعنوي في المجتمـع تتعمق كلمـا طالـت فـترة الوبـاء". وتقف الدراسة ذاتها عند المعتقدات المجتمعية الجماعية، "وهــي عبــارة عــن مجموعـة مـن الإدراكات يشارك فيها أعضاء المجتمع، وتتعلق بالأزمة التي يواجههـا"،

موردة أن هـذه المعتقدات "عادة مـا تظهـر في أوقـات الأوبئة، إلا أنّها ليسـت موحدة تساهم في تغذيـة التوجـه العاطفـي الجامعـي للمجتمـع، وتساعد على تشكيل البيئـة لتفسيـر وتقييـم المعلومات بيـن المجتمعات، إذ تختلـف مـن مجتمـع لآخر ومـن ثقافـة لأخرى، ومنهـا علـى سـبيل المثال: أ- المعتقد الدينـي: الاعتقاد بـأن الوبـاء هـو عقـاب مـن الله: كثيـراً مـا يعتقـد النـاس عنـد انتشـار الوبـاء، بغـض النظـر عـن نـوع الديانـة التـي يديـن بهـا أصحابهـا، أو الدولـة التـي ينتمـون إليهـا؛ أن هـذا الوبـاء مـا هـو إلا صـورة مـن صـور غضـب الله، وأنـه عقـاب للبـشر عـلى مـا اقرتفـوه مـن آثـام. وتـؤدي هـذه النظـرة التشاؤمية إلى الاستسلام لتداعيـات الوبـاء، باعتباره أمـراً واقعـاً. ب- المعتقد السياسي: الاعتقاد بنظريـة المؤامرة والأيادي الخفيـة: مـن أهـم المعتقدات

التـي تؤثـر علـى إدراك الأفـراد للوبـاء نظرية المؤامرة التـي تشير إلى تورط أطـراف خارجيـة في صناعـة الأزمة، ليصبح الفيروس المسبب للوباء مخلوقـاً داخـل المعامل وليـس حدثـاً بيئيـاً أو طبيعياً، وذلـك كجـزء مـن لعبـة دوليـة عالمية تستهدف النيـل  مـن قـوة دول كـبرى تتنافـس على قيـادة النظـام.  -السلوكيات المجتمعية الجماعية: تـؤدي المشاعر والمعتقدات التي تصاحب الأفـراد خـلال فتـرة الوباء إلى ظهور سلوكيات جماعية بعضهـا يغلـب عليـه الطبـع السـلبي –تختلـف مـن مجتمـع لآخر حسـب ثقافتـه وقيمـه ومعتقداته ودرجـة تحـرره- مثـل اسـتخدام العنـف للحصـول علـى الاحتياجات الأساسية، والعـدوان عـى الآخرين مـن منطلـق الدفـاع عـن النفس، أضـف إلى ذلـك ظهـور سـلوكيات تعكـس مـدى الخـوف الـذي يشـعر بـه الأفراد وأنانيتهـم، مثـل

تخزين السـلع الاسـتهالكية الـذي يـؤدي إلى خلـق أزمـة شرائية". وتقف الورقة البحثية عند مراحل التّعافي النفسي من الجائحة، عبر تقديم مجموعة من الخطوات: "القــدرة الاستيعابية Capacity Coping-Absorptive وهــي القــدرة علــى الامتصاص والتأقلــم مــع الصدمـات والضغـوط، والتغلـب علـى التهديدات الفوريـة، والحفاظ عـلى "مخـزون" كاف ومتنـوع مـن أنـواع مختلفـة مـن رأس المال. القــدرة التكيفيــةCapacity Adaptive : وتعنــي القــدرة على التعلــم وتعديــل المسارات، والاستفادة مـن الخـبرات السـابقة، واتخـاذ إجـراءات مدروسـة فيهـا استجابة للصدمـة، وتسخير المهارات والموارد بشـكل فعـال للتعافي والحفاظ على تنوع المسارات والخيارات والإبقاء على وظيفـة النظـام. القـدرة الاستباقية: وهـي القـدرة على توقـع مخاطـر محـدودة والتخطيـط والاستعداد بشكل فعال.القـدرة التحويلية: Capacity Transformative وتشمل القـدرة على تحديـد الأنظمـة والعوامـل التـي تخلـق المخاطـر وتتسبب في عـدم المساواة، وصياغة مؤسسـات تعمـل علـى تحسـن رفاهية أفرادهـا. وتعزيـز القـوة المجتمعية المستقبلية وقـت الأزمات، وتنميـة القـدرة علـى الابتكار، وإيجاد فـرص للتحول، عندمـا تندلـع الأزمة، فضلاً عـن خلـق رؤيـة جديـدة قائمة علـى المشـاركة والإنصاف والتمكـن.

قد يهمك ايضا

حسين فهمي يُؤكّد أنّ صوفيا لورين غازلته ويكشف أسباب غيابه عن مهرجان القاهرة

مطار هيثرو في لندن يتخذ قرارًا بغلق أحد مبانيه لقلة المسافرين بسبب "كورونا"

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراسة تستعرض أساليب احتواء التأثيرات النفسية لجائحة كورونا دراسة تستعرض أساليب احتواء التأثيرات النفسية لجائحة كورونا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني

GMT 16:46 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سقوط بالون طائر يحمل عددًا من السائحين في الأقصر

GMT 00:22 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تكشف سبب مشاركتها في مسلسل "أبوالعروسة"

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الثلاثاء

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 13:54 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بيتزا بيتي محشية الأطراف

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,04 آذار/ مارس

10 أشياء غريبة يحبها الرجل في المرأة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib