بعدما كانت جراحة التجميل في تونس حكرا على النساء، دخل على الخط رجال من اعمار مختلفة، خصوصا من الطبقة الميسورة، سعيا للحصول على جسم أكثر جمالا و"إثارة" أو لإخفاء علامات التقدم في السن، وفق متخصصين.
وتقول الطبيبة المتخصصة في التجميل هاجر الأجنف التي تعمل بين تونس وباريس ودبي لوكالة فرانس برس ان طب التجميل أصبح "مطلوبا جدا" من الرجال في تونس.
فهي تجري شهريا أكثر من خمسين عملية تجميل لرجال تونسيين تتراوح بين إزالة التجاعيد عبر حقن الوجه بالبوتوكس، وتقويم الأنف وزرع الشعر وشفط الدهون.
وأغلب زبائن هاجر شبان اعمارهم بين 20 و30 عاما يبحثون بمعظمهم عن حلول للصلع المبكر أو "إصلاح" شكل الأنف وفق تعبيرها.
ويقصد عيادتها ايضا فنانون وممثلون ورجال اعمال ونجوم تلفزيون وسياسيون للأهداف نفسها: "محو اثار الزمن، أو ملء الوجنتين أو الشفتين و شد الحاجبين...".
وتلفت هاجر الى ان هؤلاء الرجال يريدون و"بأي ثمن" ان يصبحوا "أكثر إثارة"، قائلة ان اهتمامهم بالجمال يعادل و"احيانا يفوق" اهتمام النساء.
رجل في العقد الرابع من العمر، جاء الى عيادة هاجر الأجنف بهدف أخذ حقنة بوتوكس تزيل تجاعيد جبينه، أقر بأن "الرجل يحتاج الى الشعور بالرضا عن الذات واثارة إعجاب الاخرين".
وتساءل هذا الرجل الذي رفض اعطاء اسمه "لماذا نحرم الرجل من الامكانات التي يوفرها له الطب حتى يبدو جميلا؟".
أما محمد العصيدي (34 عاما) الذي تعود المجيء الى عيادة هاجر الاجنف منذ ثلاث سنوات لحقن جبينه بالبوتوكس فيقول ان "لجوء الرجل الى طب التجميل لا يمس بأي حال من الاحوال رجولته".
ولا يخف الشاب ان قيامه بحقن جبينه بالبوتوكس جلب له "سخرية بعض اصدقائه" لكن آخرين "أبدوا اهتماما" بالأمر وطلبوا منه معلومات حول أنواع الجراحة المتوفرة وأسماء الجراحين.
والى جراحات التجميل، تسجل صالونات التجميل اقبالا من الرجال في تونس.
يملك محمد احد هذه الصالونات في العاصمة، وهو يقدم خدمة العناية بالوجه لزبائنه الذين يكتظ بهم محله يوميا.
ويقول احد الزبائن ويدعى عبد الرؤوف بعدما غسل وجهه من بقايا قناع مستحضرات التجميل الطبيعية "العناية بالجسم امر طبيعي، لكن الذي يجري عمليات لتغيير ما اعطاه الله فهذا حرام".
وبحسب الطبيب امين الزرقوني المسؤول في مشفى خاص في العاصمة "ارتفع في السنوات الماضية عدد الذكور الذين يطلبون جراحة التجميل".
ولم يتسن لوكالة فرانس برس الحصول من وزارة الصحة على بيانات بأعداد من يخضعون لهذه العمليات في تونس.
- "عبادة الجسد"-
بين عامي 2010 و2012، كانت المصحة التي يعمل فيها أمين الزرقوني تجري يوميا عمليات تجميل لعشرة رجال أغلبهم من الاوروبيين.
ويقول الزرقوني ان التونسيين، وبدرجة اقل الليبيين والجزائريين، حلوا تدريجيا محل الاوروبيين الذين تراجعت اعدادهم في السنوات الاخيرة بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
وفي هذه المصحة، يخضع رجال في الخمسين لعمليات جراحية لشفط الدهون وشدد الوجه و"اصلاح" الجفون المترهلة، وإزالة الأكياس أسفل العينين، وزراعة الشعر وتقويم شكل الأنف وفق الطبيب.
ويقول "هناك اهتمام كبير من الرجال بعمليات إطالة وتكبير القضيب، وتكبير الخصيتين لكن عددا قليلا منهم يقدم فعليا على اجراء هذه العمليات".
ويلاحظ الطبيب ان حديث الرجال في تونس عن جراحة التجميل "لم يعد من المحرمات" لكنه يقر ان الأمر يختلف ان تعلق بجراحة تجميل الاعضاء التناسلية نظر الى الثقافة المحافظة في البلاد.
ويفسر الطبيب الجراح بوراوي القطي ازدياد اقبال الرجال في تونس على جراحة التجميل بطغيان ثقافة الجمال و"عبادة الجسد" في زمن صور "السلفي" وشبكات التواصل الاجتماعي من فيسبوك الى تويتر مرورا بإنستغرام.
ويضيف كمال عبد الحق المتخصص في علم النفس الى هذه الاسباب "حاجة الرجال الى الشعور بالقوة (..) والتفوق .. وإظهار القوة المالية والجنسية".
ويقول "هؤلاء الرجال سيجعلون من التجميل رياضة وطنية لانهم سيجدون كل سنة شيئا يتعين عليهم اصلاحه، وهذا يعكس، في الواقع، حالة عدم ارتياح نفسي يستوجب علاجها بوسيلة اخرى غير الجراحة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر