نيويورك – أ ف ب
ولدت وترعرعت الشقيقتان أدليادا (3 سنوات) وأديلا (6 سنوات) في مستعمرة هوبير دوريه، 250 كلم شمال شرق العاصمة الباراغوية أسونثيون، إلا أن الشقيقتين أصيبتا بحمى شديدة في مارس/آذار 2014، أعقبها قيء شديد وإغماء، واستمرت الحالة قرابة ثلاثة أشهر، لتسلما الروح يوم 20 يوليو/تموز من العام ذاته.
وكان سبب الوفاة، وفقا لتقرير الطب الشرعي، هبوط حاد في الدورة التنفسية نتيجة تليف الرئتين، ولكن أهلهما والهيئة الفلاحية الوطنية (أف أن سي) أكدا أن الموت كان بسبب شيء آخر هو المبيدات المستخدمة في زراعة الصويا والذرة المنتشرة بكثافة في المنطقة.
كما أصيب في الآونة الأخيرة 18 طفلا و15 بالغا بمشاكل في التنفس واضطرابات معوية، لكن تم إسدال الستار على الموضوع بتقرير طبي رسمي، رغم أن العديد من المنظمات الفلاحية، والخاصة بالسكان الأصليين، لا تزال في حالة استنفار تحسبا لمزيد من الإصابات، حيث إن هذه الحالات لم تكن الوحيدة خلال السنوات الأخيرة.
وتنتشر زراعات الصويا في المناطق التي تتكرر بها هذه المآسي، وقد تضاعفت المساحات المزروعة بمحصول الصويا في السنوات الماضية لتبلغ 3.3 ملايين هكتار من إجمالي المساحة المنزرعة المقدرة بـ24 مليون هكتار في باراغواي.
وتعتبر الصويا من أهم المنتجات التصديرية والمحاصيل الإستراتيجية متفوقة بذلك على القطن واللحوم، حيث يعتبر البلد اللاتيني رابع مصدر له على مستوى العالم بعد الأرجنتين والولايات المتحدة والبرازيل، وفقا لبيانات غرفة مصدري وتجار الحبوب والزيوت (أس أي بي أي أس أو) في باراغواي.
وتحذر منظمات فلاحية وجمعيات أهلية من أن عواقب الإنتاج والاستخدام العشوائي للمبيدات السامة التي تتسبب في عمليات تسمم واسعة، تتمثل في أمراض حساسية وإجهاض غير متوقع وتلوث مجاري المياه ونفوق قطعان الماشية.
إنتاج غير منظم
وتوضح الباحثة بمركز الأبحاث العلمية والاجتماعية إنيس فرانسشيللي أنه خلال الفترة من 2004 إلى 2012 نجحت باراغواي في إنتاج الصويا (آر آر) المعدل وراثيا بصورة تقاوم مبيدات الأعشاب الضارة، ولكن عقب رحيل الرئيس فرناندو لوجو بدأ توجه لعملية إنتاج غير منظمة لا تلتزم بالمعايير القانونية المقررة، وفي غضون أقل من ثلاث سنوات تم إنتاج أكثر من 19 نوعا مختلفا من الصويا والذرة والقطن.
وتقول برناردا بيسوا القيادية الفلاحية من السكان الأصليين، وزعيمة قبيلة توبا كوم، ورئيسة المنظمة الوطنية للنساء الفلاحات والمنتميات للسكان الأصليين في كونامور، إن نساء الريف يرين أبناءهن يهلكن أمام عيونهن بسبب الأمراض التي لا يستطيع طبيب القرية تشخيصها، بالإضافة إلى الأطفال الذين يولدون مشوهين، وأحيانا لا يولدون على الإطلاق، لأن الجنين ببساطة لم يتمكن من مقاومة تأثير المبيدات.
وتطالب جمعيات أهلية ومنظمات غير حكومية بوقف استخدام المبيدات الزراعية السامة، والسيطرة على الوضع المنفلت في استيراد وتوزيع وتسويق المبيدات والتخلص منها، وذلك لتجنب المزيد من حالات الوفيات بين الأطفال مثلما حدث مع الطفلتين أدليادا وأديلا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر