صحيح أن المساجد في كل أنحاء العالم الإسلامي مزودة جيدا بأجهزة ضبط الوقت، لأنه من الضروري معرفة ساعة الموعد المناسب للصلوات. في فاس رأيتُ عددا من الساعات الشمسية، لكن، رغم ذلك، فإن مثل هذه المجموعة من الساعات تستحق الاهتمام فعلا.
قال لي صديقي المغربي:
-«هل تعلم أن تُجارنا كانت لديهم تعاملات تجارية منذ القديم مع إنجلترا؟ في مانشستر، على وجه الخصوص، لا تزال هناك عدة شركات لديها مكاتب محلية هناك لبيع السلع المغربية وشراء الأخرى الإنجليزية. التنقل الجوي بين البلدين، اليوم، يُعد مجرد روتين يومي، ولكن، في العصور القديمة، كانت الرحلة بين البلدين محفوفة بالمخاطر. لذلك كان التاجر، قبل أن ينطلق في رحلته، يتعهد بأن يجلب معه هبة لضريح مولاي إدريس عندما يعود سالما. وكانت الهدية المفضلة هي الساعة. وسترى أن معظم الساعات الموجودة في الضريح إنجليزية».
-«لاحظتُ أن أغلبها لا تعمل».
-«نعم. طبعا. ربما لم يتم فتحها من قبل».
-«ولا حظتُ أيضا أن ساعات أخرى كانت تشير إلى توقيت مختلف».
-«أنت تعلم أننا لسنا بارعين في ما يتعلق بإصلاح الساعات. لا أعتقد أنك تحتاج إلى إلقاء اللوم على جودة الساعات الإنجليزية».
صحيح أن المغاربة ليسوا محافظين بشكل جيد، كما أنهم ليسوا متقدمين في مجال الآلات، ولا حتى ما يتعلق بالبناء. يحبون اقتناء الأدوات والأغراض الميكانيكية، لكن سرعان ما يُهملونها.
في قصر يملكه أحد الباشاوات، وجدتُ مصعدا يؤدي إلى طابق علوي واحد، لكن رغم ذلك، فإن المصعد لم يكن يعمل.
أضاف الباشا جناحا صغيرا في قصره للزوار الأوروبيين، وأمر العُمال لديه بأن يضيفوا حماما لكل غرفة نوم ونفذوا هذا الأمر فعلا، وكان السباك فخورا بالعمل الذي أنجزه بيديه. داخل كل غرفة نوم كان هناك حمامان: حمام مزود بالماء البارد وآخر مزود بالماء الساخن!
ومع ذلك، تم تجاوز هذا الغلط الفظيع، بسهولة، باللجوء إلى حل بناء على تجربة الدبلوماسي «ديمانسيسكو»، عندما اشترى منزله المبني على الطراز العربي في مراكش، لم يكن هناك أي مرافق للنظافة. استدعى سبّاكا مغربيا وأمره ببناء حمام ومغسل.
كان العمل على وشك الانتهاء عندما توصل «ديمانسيسكو» برسالة تيليغرام من دبلوماسي بريطاني معروف ويحظى بشعبية كبيرة، يقول له فيها إنه آت عنده خلال الأيام المقبلة. أنهى السبّاك المغربي عمله، مع تجاوز طفيف للمدة المفترض أن يُنهي خلالها العمل، وأشعل النار -في غمرة فرحه بإنهاء العمل- لتزويد الحمام بالماء الساخن.
قال «ديمانسيسكو»، وهو يُحيي ضيفه الدبلوماسي عند وصوله إلى إقامته:
-«حسنا، لا بد وأنك تحتاج حماما بعد هذه الرحلة الطويلة».
-نعم. لكن، قبل ذلك، هل يوجد حمام هنا؟».
-«نعم، لقد انتهت أشغال بنائه للتو، يمكنك تدشينه».
بعد دقيقتين سمع صوت سحب سلسلة، تبعته أصوات صياح من شدة الألم والغضب. ظهر الدبلوماسي في البهو، مجردا من كرامته وزهوه المعتاد. فقد كان سرواله نازلا إلى ركبتيه. وحتى عندما استعاد هدوءه الطبيعي والتقط أنفاسه، كان يرفض الجلوس أرضا. كان لديه ما يبرر به شكواه. السبّاك المغربي ربط أنبوب الماء الساخن جدا، مباشرة مع حوض الغسيل!
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر