الرباط ـ المغرب اليوم
كشف وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي مُعطيات مُقلقة بخصوص ظاهرة الهدر المدرسي في المغرب، إذ اعترف بأنّ القضاء عليها لن يتحقق خلال الآجال التي كانت موضوعة في السابق، بسبب الخصاص الكبير في عدد الأساتذة.
وزير التربية الوطنية قدم معطيات صادمة حول الهدر المدرسي خلال مناقشة مستجدات الدخول المدرسي لهذه الموسم بمجلس النواب؛ ففي حين تمّ خفض نسبة الانقطاع عن الدراسة في التعليم الابتدائي إلى 1.1 في المائة كمعدل وطني، و5.7 في العالم القروي، فإنّ الانقطاع عن الدراسة في التعليم الإعدادي يصل إلى 12 في المائة.
ووصف أمزازي هذا الرقم بـ"الخطر الكبير"، وزاد موضحا: "حيت مكنعرفوش فين كيمشيو هاد الشباب"، مشيرا إلى أنّ من بين الأسباب الرئيسية للانقطاع المدرسي في التعليم الإعدادي عدم توفر النقل المدرسي، الذي اعتبره "إشكالية"، مردفا: "نحن بعيدون جدا عن الوصول إلى تلبية جميع الطلبات المتعلقة بالنقل المدرسي، ويجب بذل مجهود كبير جدا من طرف الدولة والجماعات الترابية لتجاوز هذا الإشكال".
ويبدو أنَّ المغرب لن يتمكّن من القضاء على مشكل الهدر المدرسي خلال الآجال التي كانت متوقعة، بسبب الخصاص الكبير المسجّل على مستوى توظيف الأساتذة، رغم نهج وزارة التربية الوطنية سياسة التوظيف بالتعاقد، إذ أقرّ أمزازي بأنّ ضعف المناصب المالية المخصصة لتوظيف الأساتذة سيعوق مخطط القضاء على الهدر المدرسي كما جرى التخطيط له.
التعليم العالي الجامعي ليس أحسن حالا من التعليم الإعدادي في ما يخص قلة عدد الأساتذة؛ إذ يبلغ عددهم في الوقت الراهن 14400، وفي السنة القادمة سيغادر 1378 أستاذا وأستاذة الجامعة بعد وصولهم إلى سن التقاعد، بينما لم تتعدّ المناصب المالية المخصصة لتوظيف الأساتذة الجامعيين في ميزانية السنة الجارية 700 منصب، أيْ أقل من 50 في المائة من عدد الذين سيغادرون.
ولم يتردد أمزازي في وصف عدد الأساتذة المتوفرين حاليا بـ"علامة الخطر"، نظرا لكون عدد الأساتذة يتطور بشكل بطيء، في حين أنّ عدد الطلبة يتطور بشكل سريع، إذ تم تسجيل 256 ألف طالبة وطالب خلال الموسم الجامعي الجاري، أي بنسبة تطور تقارب 10 في المائة.
غير أنّ الخطر الذي يتهدّد التعليم العالي في المغرب بـ"السكتة القلبية" في أي لحظة لا يقتصر على قلّة عدد المناصب المالية التي تخصصها وزارة المالية لتوظيف الأساتذة، والتي لا تكفي لسدّ الخصاص الذي يخلّفه الأساتذة المحالون على التقاعد كل سنة، بل إنّ "الخطر الكبير والمهول"، حسب وصف أمزازي، هو عدد الأساتذة الذين يتوفرون على رصيد 30 سنة أو أكثر من التدريس في الجامعة، والذين يخوّل لهم القانون التوقف عن العمل في أيّ وقت يشاؤون.
ويبلغ عدد هؤلاء الأساتذة حاليا 6678 أستاذة وأستاذا، وأغلبهم مقبلون على التوقف عن العمل، لعدم توفر شروط تحفيزية، ويتوزعون على ثلاث درجات (أ.ب.ج).
ووفق المعطيات التي قدمها الوزير فإنّ حوالي 70 في المائة من المصنفين في درجة (ج) قضوا 15 سنة من العمل في التدريس، وإذا لم تعمل الحكومة على ترقيتهم إلى درجة أعلى سيغادرون، وقال موضحا: "بإمكانهم أن يكسبوا أجرا أكبر من الذين يتلقونه إذا اشتغلوا لحسابهم الشخصي، ونحن لا نملك أي سلطة لمنعهم من المغادرة".
وفي خضم الانتقادات الكثيرة التي تطال جودة التعليم الجامعي بالمغرب، اعترف أمزازي بأنّ ما يُدرّس في الجامعات المغربية لا يرقى إلى المستوى المطلوب، بل ذهب أبعد من ذلك إلى القول إنّ التكوينات الموجودة في الجامعة المغربية "متجاوزة"، كما دعا إلى "إعادة النظر في منهجية العمل لجعل الطالب الجامعي يملك كفايات ذاتية وتكوينا ومشروعا شخصيا ويعرف إلى أين يريد أن يسير"، على حد تعبيره.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر