الرباط ـ المغرب اليوم
على الرغم من معاناتها من إعاقة على مستوى السمع والنطق، فإن أسماء الغريب، الشابة ذات الـ25 ربيعا، لم تتوقف يوما عن تطوير مهاراتها في القيام بمختلف الأشغال المنزلية إلى جانب ممارسة الأعمال اليدوية، التي تصنع من خلالها ديكورات بديعة، ورسم لوحات معبرة باستعمال أدوات بسيطة.
أسماء، الشابة القروية المقيمة رفقة والدتها المسنة وشقيقها ببيت متواضع من الطين بدوار أولاد بولهوان بجماعة مكانسة ضواحي قرية ابا محمد، تراها مبتسمة نشيطة متحدية الفقر مقبلة على الحياة بروح مرحة ومعبرة عن ما يخالج صدرها من مشاعر باستعمال الألوان أو بنسج مصنوعات يدوية اعتمادا على خيوط الصوف.
إعاقة منذ الولادة
"لقد عانت ابنتي أسماء من الإعاقة في النطق والسمع منذ الولادة"، تقول الأم جمعة الصامت التي أوضحت لهسبريس أن زوجها عَرَض ابنتيهما، وهي طفلة، على أحد الأطباء بمدينة الرباط، والذي بعد أن فحصها، ضرب له موعدا لإعادتها إليه بعد ثلاثة أشهر.
"توفي زوجي، رحمة الله عليه، فجأة، قبل أن يتمكن من إعادة ابنتينا إلى الطبيب"، توضح أم أسماء، وهي تمسح دموعها التي سالت على خديها متأسفة لحرمان فلذة كبدها من العلاج، مشيرة إلى أنها لم تقو هي، أيضا، على حملها مرة أخرى إلى المستشفى، نظرا لفقرها ولبعد المسافة ولخوفها من السفر إلى المدينة.
"على الرغم من إعاقتها، فهي مسكينة من تتكفل بجميع أشغال المنزل، الله يكون معها ومعنا"، تقول الأم جمعة، مبرزة أن ابنتها أسماء، التي تعلمت الكتابة بعد استفادتها من دروس محو الأمية، تستغل ما يتبقى لها من وقت فراغ في الرسم، الذي تعلمته من تلقاء نفسها، وإنجاز بعض الأعمال اليدوية.
تحدّ رغم الفقر
"على الرغم من معاناتها من إعاقة البكم، وعيشها في وسط أسري هش، فإن الله حبا أسماء بموهبة الرسم والأعمال اليدوية، وهي كنموذج للفتاة القروية المعاقة في حاجة إلى الدعم"، بتعبير كوثر المتوكل، رئيسة جمعية شباب القلعة لتنمية العالم القروي، التي أوضحت لهسبريس أنه يوجد في منطقتها عدد من الأطفال والشباب الذين يعانون من الإعاقة ولا يوجد من يهتم بهم.
وقالت رئيسة جمعية القلعة إن "أسماء، التي تعيش في كنف أمها الطاعنة في السن وشقيقها العامل الفلاحي البسيط، تعبر من خلال اللوحات التي تنجزها عن أحلامها"، مشيرة إلى أن الجمعيات والمحسنين هم الباب الوحيد الذي سيفتح لها الآمال في العيش الكريم وسيخفف من معاناتها مع الإعاقة والفقر.
من جانبه، أوضح بوجمعة بالمقدم، رئيس جمعية النور لذوي الاحتياجات الخاصة بقرية ابا محمد، أن أسماء حرمت من العلاج في صغرها نظرا للوضعية الاجتماعية التي تعاني منها أسرتها، مبرزا، في حديثه مع هسبريس، أن أمها، بسبب الفقر والأمية وعدم درايتها بأهمية التطبيب، لم تفلح في عرض ابنتها على الطبيب.
وأوضح بوجمعة أن جمعيته تهتم بمثل هذه الفئات، وتعمل على طرق جميع الأبواب من أجل التكفل بها، موضحا أن الجميل في تجربة أسماء الغريب هو محاولاتها الخروج من عالم الصمت والتعبير عن عالمها الخاص، باستعمال الألوان.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر