المغاربة يلجأون إلى الأولياء الصالحين والأضرحة خلال فترات الأزمات
آخر تحديث GMT 01:10:42
المغرب اليوم -
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

المغاربة يلجأون إلى الأولياء الصالحين والأضرحة خلال فترات الأزمات

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المغاربة يلجأون إلى الأولياء الصالحين والأضرحة خلال فترات الأزمات

سكان دبدو المغربية
الرباط - المغرب اليوم

استفاض الباحثون في نشر المساهمات العلمية عن معاناة سكان دبدو مع الأوبئة خلال النصف الأول من القرن العشرين، وقد وقفنا فيها على حجم الخسائر البشرية التي خلفتها الأمراض والأوبئة بين سكان دبدو المغربية ، وحصدها للعديد من الأرواح بالمدينة، فلم تكن تميز بين السكان، مهما اختلفت وتباينت معتقداتها وتراتبيتها الاجتماعية.

وللخروج من الزاوية الوصفية والكمية في تعاملنا مع تاريخ الجوائح بمنطقة دبدو ونواحيها، ومحاولة منا أيضا، تسليط الضوء على ردود أفعال السكان وعقلياتها خلال فترات الأوبئة، فقد ارتأينا تخصيص هذه المساهمة لعلاقة سكان دبدو بالأضرحة، وإبراز مدى ارتباطهم بالأولياء وكراماتهم في زمن الجوائح.

ويمكن القول إن اهتمامنا بهذا الموضوع نابع من قناعاتنا بالأهمية التي يكتسيها البحث في تاريخ الذهنيات والعقليات لسكان دبدو، والتعمق في دراسة تاريخ سوسيولوجية مجتمع مدينة دبدو، إضافة إلى رغبتنا في تجاوز تلك الرتابة التي اعتدنا عليها في كتب التاريخ العام، باقتصارها على وصف الأحداث السياسية والعسكرية للمدينة دون إيلاء الاهتمام لدراسة المجتمع الدبدوبي وبنيته وعاداته وتقاليده وسلوكياته.

ولعل فضل مدرسة Jacques Le Goff، الذي يعتبر رائدا من رواد مدرسة تاريخ الذهنيات والعقليات، سيكون كبيرا على جل الباحثين في حقل الديموغرافيا التاريخية، والتاريخ الاجتماعي بشكل عام، بإرساء مدرسته لمناهج وأدوات الأبحاث الأنثروبولوجية التاريخية، والتركيز على بعض الظواهر الاجتماعية غير المألوفة في الكتابات التاريخية السابقة، ولو من وجهة نظر استعمارية.

لقد أثارت التقاليد والعادات التي ميزت سكان دبدو فضول بعض الكتابات الأوروبية حول المدينة، حيث شكلت مجموعة من الظواهر المحلية من قبيل: العرف، القبيلة، والزفاف، ونمط العيش، وطقوس الموت..... مادة دسمة للعديد من الكتابات الاستعمارية التي أنجزت حول مدينة دبدو.

وفي هذا الصدد، نذكر بالدراسة المهمة التي أنجزها المراقب المدني المساعدle Contrôleur Civil Adjoint لمنطقة دبدو Michel Lecomte حول "قبائل ملحقة دبدو " Etude sur les Tribus de l’Annexe De Debdou » «، حيث تناول فيها بإسهاب كبير علاقة سكان دبدو ونواحيها بالأضرحة في الفترات التي كانت تنتشر فيها الأوبئة والمجاعات بالمنطقة.

وكان Michel Lecomte شغوفا بشكل كبير بالبحث في تاريخ أضرحة دبدو وكرامات الأولياء بالمنطقة، إلى درجة أنه أشرف بشكل شخصي على بناء قبة الولي سيدي يحيى التي تتوسط المدينة العتيقة لمدينة دبدو سنة 1950، وقام بدراسة ميدانية لجميع الأضرحة التي تتواجد داخل المجال الجغرافي الممتد من دبدو إلى ضفة واد زا، كما حدد بدقة الفترات التاريخية التي عاش فيها أولياء منطقة دبدو وسرد كراماتهم، معتمدا في ذلك على روايات محلية، ومعاينات ميدانية.

وتجدر الإشارة إلى أنه من بين الظواهر التي وقف عندها Michel Lecomte على سبيل المثال أثناء زيارة بعض سكان دبدو لضريح الولي سيدي اعمر العجان، الذي عاش خلال القرن السابع الهجري ودفن بجوار حي المصلى بمدينة دبدو، نذكر ظاهرة التبرك بتراب الضريح، ومسح جزء من جسد المريض أو الموبوء بالتراب، طلبا في الاستشفاء من بعض الأمراض كالكوليرا والروماتيزم، وأمراض الأطفال، وعلاج العقم، ظنا من زوار الضريح بأن ترابه حسب عقليتهم واعتقادهم يعتبر وسيلة ناجعة بالنسبة إليهم للعلاج والتداوي من المرض. وفي الواقع، فإن ظاهرة تبرك الناس بتراب الأضرحة طلبا في الاستشفاء من بعض الأمراض لم تقتصر على الفترة الحديثة والمعاصرة فحسب، بل لها جذور عميقة في تاريخ المغرب تعود إلى الفترة الوسيطية، فقد أشار التادلي المعروف بابن الزيات (توفي سنة 617 هــ) في كتابه "التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي" إلى تبرك المرضى بتراب قبر محمد بن سعدون القيرواني الذي توفي بأغمات سنة 485هـ. وأفادنا كذلك الحسن الوزان، في كتابه وصف إفريقيا، بمعطيات مهمة تبين لجوء سكان المغرب إلى التداوي بالتراب في زمن الطاعون عن طريق التمسح بالتراب الأرميني حول دمل الطاعون للاستشفاء من هذا الوباء.

كما ارتبط سكان دبدو بشكل وثيق بالأضرحة خلال فترات القحط والمجاعات. وفي هذا الإطار، تذكر لنا الرواية الشفوية أنه عند احتباس المطر كان سكان حي أولاد اعمارة بالمدينة العتيقة يبادرون إلى إقامة صلاة الاستسقاء، وإطعام الفقراء والمحتاجين "بالخروبة"، وهي مكان تواجد ضريح الولي سيدي بلعريف، الذي عاش خلال القرن الرابع الهجري، حسب ما أكده لنا المراقب المدني المساعد Michel Lecomte.

وغالبا ما كان يحضر في ولائم إطعام المحتاجين والفقراء بضريح الولي سيدي بلعريف، شرفاء من داخل دبدو وخارجها، كشرفاء أولاد سيدي اسعيد بن مخلوف، وبعض مريدي الزاوية الدرقاوية، والزاوية التيجانية، ثم شرفاء أولاد سيدي يعكوب، الذين كانت تربطهم علاقة وطيدة بسكان المدينة.

وجدير بالذكر أن صلاة الاستسقاء لم تقتصر على المسلمين فقط، بل شملت كذلك الطائفة اليهودية؛ فانطلاقا من الإشارات الواردة عند المؤرخ الراحل الدكتور محمد الأمين البزاز في كتابه "تاريخ الأوبئة والمجاعات خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"، والمعلومات المستقاة من بعض الروايات الشفوية المحلية لشيوخ دبدو، فإن اليهود كانوا بدورهم يقومون بطلب الغيث، وتسمى صلاة الاستسقاء عندهم بـ: " يقون هكشيم"، وغالبا ما كانت تقام في نفس الوقت الذي تنظم فيه صلاة الاستسقاء من طرف المسلمين. وحسب الرواية الشفوية المحلية، فإن يهود ملاح مدينة دبدو كانوا يتجهون في فترات القحط إلى عين إشبيلية، التي تعتبر المصدر المائي الوحيد لسكان المدينة، ويرددون بجانب صهريجها ونافورتها ابتهالات بالعبرية طلبا في نزول المطر، وعودة الحياة إلى العين المذكورة.

وتحولت بعض الأضرحة بمدينة دبدو إلى مزارات مشتركة بين اليهود والمسلمين، لا سيما خلال فترات الجوائح، مجسدين بذلك صورا للعيش المشترك بالمدينة، وهي ظاهرة شملت أيضا مجموعة من المدن التاريخية ببلادنا (فاس، صفرو، الصويرة، أزمور...).

ويشير Michel Lecomte في هذا الصدد إلى وجود أضرحة مشتركة بين المسلمين واليهود بملاح دبدو كضريحي سيدي يوسف الحاج، وسيدي بوقنادل (عاش خلال القرن الخامس الهجري)، ثم ضريح سيدي عبد الله القوبي الذي عاش خلال القرن الثامن الهجري، وقد تطرق Louis Voinot في كتابه " المزارات المشتركة بين اليهود والمسلمين بالمغرب" « le Pèlerinage judéo- Musulmans du Maroc » . لبعض المزارات المشتركة بين المسلمين واليهود بدبدو.

إن هذه المساهمة تحمل بين طياتها دعوة إلى الباحثين من أجل البحث في التاريخ الاجتماعي لمدينة دبدو، وسلوكيات وذهنيات سكان هذه المدينة، سواء من الزاوية التاريخية أو من جوانب أنثربولوجية، فالظواهر الاجتماعية والسلوكية التي ميزت سكان دبدو في زمن الجوائح، يمكن أن تكون مواضيع لأبحاث علمية وأكاديمية في المستقبل، وستميط اللثام بدون شك عن الردود النفسية والسلوكية لسكان دبدو خلال فترات الأزمات الديموغرافية. كما لا تفوتنا الفرصة في هذه المساهمة أن ننوه بالندوات والملتقيات العلمية التي نظمتها جمعية ابن خلدون للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والإصدارات التي أصدرتها حول مواضيع مهمة تتعلق بالتاريخ الاجتماعي لمدينة دبدو، كالأعراف المائية، والعادات الغذائية، والتراث المعماري، والتراث الشفوي للمدينة...

قد يهمك ايضا

طلبة مغاربة بأوكرانيا يطالبون بالعودة إلى المملكة خوفا من "كورونا"

دعوات برلمانية إلى اجتماع لمناقشة أوضاع المغاربة العالقين في الخارج


 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغاربة يلجأون إلى الأولياء الصالحين والأضرحة خلال فترات الأزمات المغاربة يلجأون إلى الأولياء الصالحين والأضرحة خلال فترات الأزمات



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib