الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة
آخر تحديث GMT 13:19:44
المغرب اليوم -

الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة

الفنانة ريم البنا
الرباط - المغرب اليوم

ربّما كانت تَعرف أنها ستكون آخر مرّة تخرج فيها إلى شرفة بيتها المُطل على جبال الجليل البعيدة، تُراقب شُجيرات "البرتقال" المترامية على بلدة الناصرة، وهي تُمسِك بين يَديْها المُرتجفتين كُوب شايِها المسائي، الذي كتبت فيه أسماء المدن الفلسطينية.

كان الموت وقتها، في الجهة المُحاذية، غير بعيد، يتربّص بروحها وينتظر ولادة آخر القصائد، ليُمارس طَقسهُ الأبدي، فما الحياة، كما كانت تقول دوما، إلا رحلة خرقاء... والتالي هو الأجمل.

ريم البنّا، ابنة الناصرة، البلدة الفلسطينية الصغيرة الواقعة جنوب الجليل، والمعروفة بحاراتها وأزقتها الضيقة، التي تُؤرّخ لفترات تاريخية غابرة، رأت النور سنة 1966، قبل عام فقط من أحداث نكسة 1967، التي تلقى فيها الجيش العربي هزيمة نكراء على يد الاحتلال الإسرائيلي.

وقد كان وَقعُ الهزيمة كبيرا على الفلسطينيين وأسهم بشكل كبير في رسم ملامح شخصية البنا فيما بعد، فهي لم تكن تقبل مصطلح "الهزيمة" الذي يُرادف الخنوع والاستسلام؛ فالشعراء نرجسيون لا يقبلون السقوط. وهكذا، كانت هي بالخصوص، تؤمن بالهزيمة السياسية؛ لكنها، أبدا، لم تقبل بالهزيمة الشاعرية.

ودرست ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة صباغ الموسيقى والغناء وهي في سن مبكرة، متأثرة بالمجموعات الموسيقية الفلسطينية التي كانت تتغنى بالثورة والمجد العربي، قبل أن تقرر الالتحاق بالاتحاد السوفيتي، قبلة الثوار والمستضعفين خلال الثمانينيات، لتتخرج من المعهد العالي للموسيقى بموسكو عام 1991 بعد 6 سنوات درست خلالها الغناء الحديث وقيادة المجموعات الموسيقية.

وتصف البنا موسيقاها بأنها "وسيلةٌ للتعبير عن الذات الثقافية"، فتقول: "جزءٌ من عملنا يتألف من جمع النصوص الفلسطينية التراثية غير الملحنة، حفاظاً على هذه النصوص من الضياع، ثم نحاول تأليف موسيقى عصرية مستوحاة من الموسيقى الفلسطينية التُراثية لتتماشى مع هذه النصوص، لهذا أحاول كتابة أغان تتلاءم مع صوتى، أريد خلق شيء جديد في كل صدد. وهذا يتطلب إحضار الناس إلى مكان أقرب من الموسيقى والروح الفلسطينية".

النقطة المفصلية في حياة المغنية الفلسطينية الراحلة كانت خلال سنة 2009، عندما أصيبت بالسرطان، وقد انتصرت عليه في المرة الأولى، ولكن المرض عاد وهاجمها فأعلنت توقفها عن الغناء عام 2016، بعد إصابة أوتارها الصوتية، وكتبت يومها تقول: "صوتي الذي كنتم تعرفونه، توقف عن الغناء الآن أحبتي.. وربما سيكون هذا إلى الأبد".

واختيرت عام 2016 شخصية العام الثقافية الفلسطينية، ولما اعتلت منصة التتويج قالت: "صوتي كان سلاحي الوحيد ضد الاحتلال، ضد إرهاب إسرائيل التي قتلت وشردت وذبحت وحاصرت ونفت، وما زالت تمارس أبشع جرائمها ضد الشعب الفلسطيني".

السرطان "اللعين" غزا جسدها منذ 10 سنوات؛ لكنه لم يهزم روحها وأملها الكبير في العودة إلى "الخشبة" لتغني للأسرى المعتقلين والفقراء في العالم، فقد بقي لديها الأمل بالرغم من الألم.

ومنذ أسبوعين، كتبت لأولادها على حسابها في موقع فيسبوك رسالة مؤثرة قالت فيها: "سأجري كغزالة إلى بيتي، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول.. هذه الحياة جميلة".

وقد كانت معظم أغاني ريم من تأليفها، كما أن لديها طريقة موسيقية مختلفة في التأليف والغناء، ومن أبرز ألبوماتها: جفرا 1985، دموعك يا أمي 1986، مرايا الروح، ألبوم مرفوع إلى الأسرى في سجون الاحتلال 2005، مواسم البنفسج، أغاني حب من فلسطين 2007، نوّار نيسان، أغاني أطفال، مُهداة إلى الأطفال الفلسطينيين اللاّجئ 2009، صرخة من القدس:2010، أوبريت بكرا 2011، تجلّيات الوَجْد والثورة 2013.

لم تكن ريم تحتاج إلى رسائل نعي تحكي عن بطولاتها وأغانيها الشرقية بنكهة البحر، فأصعب امتحان أمام الموت هو مواجهة الغياب، وهكذا تحوّل جدارها على "الفايسبوك" إلى "قبلة" للشعراء والمهاجرين واللاجئين والسياسيين، يعلّقون فيه مآسيهم وأحلامهم وذكرياتهم.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة الفنانة ريم البنا ترحيل بآخر كوكب في سماء فلسطين الحزينة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:11 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يُغرم شركة ميتا الأميركية بـ800 مليون دولار

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:41 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

لعب المغربي وليد شديرة مع المغرب يقلق نادي باري

GMT 13:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

افتتاح مهرجان موسكو السينمائي الدولي الـ41

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

عيادات تلقيح صناعي تُساعد النساء في عمر الـ 60 علي الإنجاب

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

GMT 07:43 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

اختاري العطر المناسب لك بحسب نوع بشرتك

GMT 16:33 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يتشبث بنجم الوداد أشرف بنشرقي

GMT 10:22 2013 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

سمك السلور العملاق يغزو الراين الألماني وروافده

GMT 18:06 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

مفاجأة سارة للراغبين بالتعاقد في قطاع التعليم المغربي

GMT 08:07 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان السعودي أبو بكر سالم بعد صراع طويل مع المرض

GMT 09:55 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جولن لوبيتيغي يؤكد أن إسبانيا ستتعذب بحثا عن التأهيل

GMT 09:56 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الأسود يقطعون 2600 كلم بين ملاعب مونديال روسيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib