"فقدتُ طفلين بسبب هذا المرض، والآن لديّ طفلان آخران مصابان بالداء نفسه"، هكذا تحدثت بشرى خاليص وهي تحكي معاناتها مع مرض أبنائها بضعف المناعة الأولي.
وتضيف هذه السيدة التي قُدّر لها أن تفقد طفلين بمرض نادر، والذي أبى إلا أن يصيب طفليها الآخرين "كانا يعانيان من ارتفاع درجة الحرارة والإسهال والتهاب في الأمعاء، وحين تم تشخيصهما تم التعرف على كون الطفل الأول مصاب بـ ضعف المناعة، وحينها طلب مني الطبيب أن أحضر كل مولود جديد لتشخصيه، إذ تبين أن الطفلة بدورها مصابة، وبعد وفاتهما وخروج طفلين آخرين إلى الحياة بدت علامات المرض نفسه عليهما".
بشرى، التي شاركت أمهات وآباء في حفل نظمته "جمعية هاجر لمساعدة المصابين بضعف المناعة الأولي" زوال الأربعاء فاتح مارس بمستشفى عبد الرحيم الهاروشي بالدار البيضاء بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة، أكدت أن تكلفة الدواء الذي يتناوله الطفلان للعلاج باهظة ولم يكن بمقدورها تسديدها لولا وجود الجمعية المذكورة.
من جهته، لم يكن محمد تانجارت يخال نفسه يوما أنه سيغادر قريته بتاليوين والانتقال إلى مدينة الدار البيضاء للعيش فيها؛ لكن مرض طفليه فرض عليه هذا الانتقال.
يروي هذا الأب، وهو يتحدث لهسبريس، كيف تنقل بين المستشفيات لعلاج ابنيه زكرياء وهاجر، إذ كانا يعانيان من ارتفاع درجة الحرارة وظهور ورم في العنق لم تنفع معه العمليات الجراحية التي أجريت.
واضطر الأب إلى الانتقال إلى الدار البيضاء والسكن بها من أجل علاج ابنيه؛ فقد أظهرت التحاليل، التي أجريت بعد إدخال الطفل زكرياء إلى مستشفى مولاي يوسف ونقله بعد ذلك إلى مستشفى الأطفال عبد الرحيم الهاروشي، إصابته بمرض ضعف المناعة، وبعدها جرى اكتشاف المرض نفسه لدى الطفلة هاجر.
المرضى في تزايد
بلغة الأرقام، تؤكد جمعية "هاجر لمساعدة المصابين بضعف المناعة الأولي" أن عدد الحالات التي جرى الكشف عنها والمصابة بهذا المرض تصل إلى ألف حالة؛ غير أن إحصائيات دولية تشير إلى وجود حوالي 20 ألف حالة في المغرب مصابة بضعف المناعة الأولي.
وحسب ما أكدته حسناء بوجليد، المسؤولة عن التواصل بالجمعية، في تصريح لهسبريس، فإن حوالي 20 في المائة من الحالات المصابة بالمرض في حاجة إلى عملية لزرع النخاع العظمي؛ وهي العملية غير المتوفرة في المغرب، حسب تعبيرها، بالرغم من وجود أطباء تدربوا على العملية بكل من السعودية وتونس وفرنسا.
وأشارت بوجليد إلى أنه بالنسبة إلى الدواء الخاص بهؤلاء المرضى، فإن حوالي 70 في المائة من المرضى يحتاجون من حقنة إلى 4 حقن من الإيميوكلوبين والتي تكلف 4800 درهم للحقنة كل شهر ومدى الحياة، مع العلم أن هناك من يتعاطى أكثر من واحدة؛ وهو ما يعني، حسب المتحدثة ذاتها، أن العلاج مكلف كثيرا لغالبية الأسر.
وبالرغم من كون جمعية "هاجر" توفر الأطر الطبية، فإن العمليات الخاصة بضعف المناعة الأولي تبقى شحيحة جدا، إذ جرى إجراء خمس عمليات فقط منذ سنة 2010.
وطالبت المسؤولة عن التواصل بالجمعية وزارة الصحة بتوفير مصلحة خاصة بمرضى ضعف المناعة الأولي، على اعتبار أن "المرضى يعالجون في مصلحة الأمراض التعفنية؛ وهو ما يعني احتمال تعرضهم لأمراض أخرى".
وتؤكد الجمعية على ضرورة إنشاء سجلات متخصصة، وإدراج الأمراض النادرة في لائحة الأمراض المزمنة ALD، ليتمكن المريض من استرجاع مصاريف العلاج، إلى جانب اقتراح إنشاء مراكز متخصصة للأبحاث المتعلقة بهذه الأمراض.
يذكر أن الحفل، المنظم من لدن "جمعية هاجر لمساعدة المصابين بضعف المناعة الأولي" بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة، عرف حضور الممثلة سامية أقريو التي عبّرت عن سعادتها لوجودها مع هؤلاء الأطفال، وعملت على رسم الابتسامة الغائبة عن وجوه الأطفال المصابين بهذا المرض
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر