دعا عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل السابق، إلى مراجعة عميقة وجذرية لجميع اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها المغرب بهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادي للبلاد وإرساء نموذج تنموي جديد ناجح.
وأبرم المغرب منذ سنوات عدداً من اتفاقيات التبادل الحر؛ أهمها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وتركيا، إضافة إلى مجموعة "أكادير" التي تضم كلا من مصر وتونس والأردن.
وأشار الوزير السابق، خلال يوم دراسي حول النموذج التنموي نُظم مساء الجمعة بمدينة مراكش، إلى أن المغرب لا يجب أن يستمر في وضعية استيراد تفوق بكثير الصادرات، مشيراً إلى كل البلدان التي تربطنا بها اتفاقيات التبادل الحر نسجل معها عجزاً تجارياً.
وأقر الصديقي، في هذا اللقاء الذي نُظم من طرف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بأن البرامج القطاعية المعتمدة بالمغرب تفتقد إلى الجدية وغياب الالتقائية؛ الأمر الذي يعيق تحقيق نتائج ملموسة في التنمية.
وقال إن المواطنين انتظروا كثيراً توزيع الثروة، وأكد على أهمية توزيعها العادل لبناء الثقة مع المواطنين، مبرزا أن الثروة المنتجة حالياً يتم الاستحواذ عليها من طرف الأشخاص المتعودين والمتوفرين على التقنيات.
وشدد القيادي في حزب التقدم والاشتراكية على ضرورة الاعتناء بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره وسيلة ناجعة جُربت في عدد من الدول لمحاربة الفوارق الاجتماعية وتحقيق نمو مكافئ عبر المناطق.
وطالب الصديقي، في وصفته لنموذج تنموي ناجح، الحكومة بأن تعتبر النفقات الاجتماعية منتجة عكس ما يُعتقد، خصوصاً في التعليم، داعياً إلى ضرورة الوصول إلى تخصيص 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبحث العلمي عوض 0.7 في المائة حالياً.
واعتبر الصديقي أن العناية بصحة المواطنين أمر بالغ الأهمية، مورداً أن كبار الاقتصاديين يعتبرونها مرادفاً للتنمية، وقال: "الشعب المريض لا يمكن أن ينتج، بل سيشكل عبئاً على الدولة".
وحث الوزير السابق على الزيادة في الأجور من أجل رفع الانتاجية، ومحاربة الفقر في العالم القروي حيث يوجد 75 في المائة من فقراء المملكة، وبأحزمة البؤس التي تطوق المدن الكبرى.
وربط الصديقي، الذي يشغل أيضاً أستاذاً جامعياً للاقتصاد، تحقيق التنمية الحقيقية في المغرب باعتماد سياسة جريئة لنظام ضريبي عادل وناجح، إلى جانب إقرار الديمقراطية التي ترتبط، بحسبه، ارتباطاً جدلياً مع التنمية.
ولفت المسؤول الحكومي السابق إلى أن مشروع الجهوية المتقدمة يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في تحقيق التنمية الحقيقية للبلاد، لكنه أشار إلى أنه مشروع غير مفعل رغم إقراره منذ سنة 2015؛ إذ لم تتح للمجالس الجهوية الصلاحيات والموارد المطلوبة.
ودعا الصديقي إلى إيلاء الاهتمام اللازم بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني بعدما أثبت نجاعته لكونه لا يهدف للربح بل إلى تقديم الخدمة وإشباع الحاجيات الاجتماعية، وقال إنه متجذر لدى المغاربة من خلال "التويزا" التي مورست منذ زمن في العمل الجماعي.
وبحسب المتحدث ذاته، فإن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يمكن أن يُساهم بعشرين في المائة في الناتج الداخلي الخام للبلاد إذا جرى تنظيم التعاونيات في الفلاحة والصناعة التقليدية وتطوير عمل التعاضديات في مجال الصحة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر