الرباط - المغرب اليوم
قال عبد الحكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، خلال مشاركته في الحفل الافتتاحي لمنتدى برلمان أمريكا الوسطى والكاراييب بسانتو دومينغو في جمهورية الدومنيكان، إن "المناسبة شكّلت فرصة لتجديد اللقاء بمكونات برلمان أمريكا الوسطى والكاراييب، بعد الاجتماع المشترك الذي عقدناه بمدينة العيون بالمملكة المغربية، والذي توجناه بالإعلان التاريخي المشترك "إعلان العيون"؛ وهو الإعلان الذي سطرنا فيه خارطة طريق للعمل المشترك، وعبرتم فيه عن موقفكم النبيل الداعم للقضايا العادلة للمغرب".
وأضاف بنشماش أننا "نسجّل ارتياحنا الكبير لمستوى تحقيق وبلوغ الأهداف التي سطرناها سويا، وكذا اعتزازنا العميق لمسار علاقاتنا سواء مع برلمان أمريكا الوسطى الذي نعتبره اليوم مؤسسة صديقة وشريكة للبرلمان المغربي، أو مع برلمانات بلدان المنطقة؛ فهو بالتأكيد مسار غني ومثمر في مدة يمكن اعتبارها قصيرة، ولكنه بالتأكيد مسار تغذيه ذاكرة تاريخية مشتركة، وعمق حضاري وثقافي متقاسم".
وأشار رئيس الغرفة الثانية إلى أن "المنتدى ينعقد بعد أربع سنوات من انضمام المملكة المغربية لنظام الاندماج بأمريكا الوسطى بصفتها عضوا مراقبا، على هامش قمة رؤساء الدول والحكومات لنظام "سيكا" في دورتها الـ43 والتي انعقدت هنا بجمهورية الدومنيكان الصديقة"، مضيفا أن "انضمام المغرب إلى تكتلكم الإقليمي المهم قد جاء تجسيدا لقناعة المغرب الراسخة بأهمية الدور الطلائعي الذي تلعبه اليوم التكتلات الإقليمية والجهوية، في عالم شديد التعقيد ومتسارع التحولات والتغيرات، ورغبة منه في دعم مسلسل الاندماج الجهوي الذي يوجد ضمنه نظام "سيكا" كمنظمة إقليمية نوعية ووازنة".
ويُعتبر انضمام المغرب إلى التكتل أيضا، يضيف بنشماش، "انسجاما مع الخيار الاستراتيجي لبلادنا تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس بتعزيز التعاون جنوب جنوب، من أجل تقاسم التجارب في مختلف المجالات والأصعدة، وبلورة تدابير ومبادرات ملموسة للتعاون تستثمر الفرص المشتركة المتاحة، وعلى رأسها مكانة المغرب الجهوية والإقليمية المتميزة وموقعه الجيو إستراتيجي، كبوابة تربط بين أمريكا الوسطى والكاراييب وأمريكا اللاتينية على العموم، والعالم العربي وإفريقيا؛ فالمغرب يتطلع دائما إلى مزيد من التعاون والشراكة مع بلدان الجنوب، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية لجلالته لبلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، والتي شملت جمهورية الدومنيكان الصديقة".
وقال رئيس مجلس المستشارين إن "المملكة المغربية تتوفر على كل المقومات لتكون شريكا فريدا وجديرا بالثقة، بفضل الأوراش الكبرى التي باشرها المغرب تحت رعاية الملك محمد السادس، خاصة في مجالات المصالحة والعدالة الانتقالية وتوطيد البناء الديمقراطي، وتعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. كما أن المغرب يتقاسم مع بلدان أمريكا الوسطى والكاراييب عبر التاريخ تراثا ثقافيا وقيما حضارية غنية شكلت لا شك النواة الصلبة لصمود علاقاتنا أمام كل الصعوبات والتحولات التي فرضتها بعض المتغيرات في بعض الفترات".
وبدورنا، يقول بنشماش، "فإننا بمجلس المستشارين، إلى جانب زملائنا بمجلس النواب، نتطلع إلى أن يكون البرلمان المغربي جسرا متينا لتقوية العلاقات المغربية ببلدان أمريكا الوسطى والكاراييب، وكذا تعزيز التضامن بين شعوبنا، فلقد كان لي الشرف مباشرة بعد تولي لرئاسة مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، أي قبل ثلاث سنوات، أن تكون أول اتفاقية أوقعها هي اتفاقية انضمامنا كعضو ملاحظ دائم لدى برلمان أمريكا الوسطى".
وعن جدول أعمال المنتدى، قال بنشماش "إن الإشكالات والقضايا التي تطرحها المحاور، وخصوصا التحديات المرتبطة بالتنمية المحلية وحقوق النساء وأدوار الأحزاب السياسية وما يرتبط بها من تعثر وتعقد مسارات إشراك المواطنين والمواطنات والشباب والنساء على وجه الخصوص، في عمليات صناعة القرار السياسي المرتبطة ببلدان الجنوب، يحتم علينا اليوم كدول وشعوب الجنوب، وخاصة بإفريقيا وأمريكا اللاتينية، الاستثمار في بناء الثقة في أنفسنا وفي قدرتنا الجماعية على تقرير مصائرنا بأنفسنا وصياغة المستقبل المشترك؛ وهو ما يستلزم أكثر من أي وقت مضى العمل وفق منطق شراكة تضامنية من شأنها التخفيف من الآثار السلبية لعدم الاندماج على كافة الأصعدة، وبناء شراكات على أساس التعاون جنوب-جنوب والمضي قدما في إطلاق ديناميات مشاريع تكاملية لضمان الرفاه الاجتماعي في تساوق مع توطيد مسارات الدمقرطة وتعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين في صناعة القرارات الوطنية".
وجاء في كلمة عبد الحكيم بنشماش "إن كان واقعنا اليوم بالقارتين الإفريقية والأمريكو لاتينية تطبعه العديد من الإكراهات والتحديات والتعقيدات، فهو يوفر آفاقا وفرصا تاريخية لإرساء شراكة حقيقية تكون في مستوى نموذج للتعاون جنوب- جنوب، خصوصا في ظل إرادة سياسية تتجاوز مخلفات الحرب الباردة، لخصتها وترجمتها بشكل بليغ الرسالة السامية للملك محمد السادس التي وجهها إلى المشاركين في أشغال منتدى "كرانس مونتانا" بتاريخ 17 مارس 2017 بمدينة الداخلة، حيث أكد جلالته أن تحقيق النهضة الإفريقية المنشودة يبقى رهينا بمدى ثقتنا في نفسنا، وبالاعتماد على مؤهلاتنا وقدراتنا الذاتية، واستغلالها على أحسن وجه، في إطار تعاون جنوب جنوب مربح، وشراكة استراتيجية وتضامنية بين دول الجنوب..، وإننا إننا لواثقون من كسب هذه الرهانات؛ فإفريقيا، اليوم، يحكمها جيل جديد من القادة البراغماتيين، المتحررين من العقد الإيديولوجية، التي عفا عنها الزمن. هؤلاء القادة الذين يعملون، بكل غيرة وطنية ومسؤولية عالية، من أجل استقرار بلدانهم، وضمان انفتاحها السياسي، وتنميتها الاقتصادية، وتقدمها الاجتماعي".
وفي الإطار نفسه، يضيف بنشماش، "فإن بروز قوى إقليمية صاعدة بأمريكا اللاتينية والكاراييب في السنوات الأخيرة، وما تعرفه المنطقة من نهضة على المستويات السياسية والفكرية والاقتصادية، كفيل لا محالة بجعل علاقاتنا الثنائية نموذجا للتعاون جنوب جنوب قادرا على رفع التحديات المرتبطة بالحاضر وصنع مستقبل مشترك يسوده السلم والأمن والحرية وتلازمية العلاقة بين الأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون واحترام الوحدة الوطنية للدول والتضامن بين الشعوب".
وختم عبد الحكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، كلمته بتجديد "التعبير عن مشاعر الاعتزاز والسرور بهذا اللقاء، والامتنان لرئاسة برلمان أمريكا الوسطى وكافة المسؤولين بجمهورية الدومنيكان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مغتنما الفرصة لتجديد الاستعداد لمواصلة العمل سويا من أجل الرقي بعلاقات التعاون مع بلدان أمريكا الوسطى والكاراييب إلى مستوى طموحات شعوبنا، والى مستوى التحديات التي تواجهنا جميعا على كافة المستويات".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر