أكد رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل واحة التنمية في العالم العربي، مشيراً إلى أن البلدين الصديقين يُكمل بعضهما بعضاً في التنمية، وشريكان مهمان للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من رؤى تنموية متقاربة، وأهداف سياسية متطابقة، وروابط تعاون متنامية.
وقال رئيس جمهورية الصين الشعبية في مقال تحت عنوان «يداً بيد.. نحو مستقبل أفضل»، بمناسبة زيارته المرتقبة لدولة الإمارات، التي تبدأ غداً، إن الإمارات أول دولة خليجية أقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين، ومنذ ذلك الوقت تطور التعاون الثنائي بشكل سريع في المجالات كافة، خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في ديسمبر عام 2015، حيث تم التوصل إلى توافق مهم حول سبل تطوير العلاقات الصينية الإماراتية.
وأعرب عن يقينه التام بأن جمهورية الصين الشعبية ودولة الإمارات العربية المتحدة ستفتحان فصلاً جديداً من التعاون المشترك، لتقديم إسهامات أكبر للعالم ومستقبل البلدين المشترك، مؤكداً أنه رغم البعد الجغرافي بين الصين والإمارات، إلا إنهما موطن لشعب محب للكفاح والإبداع والحلم.
وفيما يلي نص المقال:
تلبية لدعوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، سأقوم بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 19 يوليو، حيث تعتبر الإمارات المحطة الأولى لجولتي الخارجية الأولى في هذا العام، وكذلك أول دولة عربية أزورها بعد إعادة انتخابي رئيساً للصين.
ترجع الصداقة الصينية الإماراتية إلى زمن بعيد، فكان أجدادنا يتبادلون البضائع والمعرفة والفهم عبر طريق الحرير القديم قبل أكثر من 2000 عام، وفي القرن السابع الميلادي فتح الجانبان الطريق البحري للتبادل التجاري، ومنذ ذلك الوقت، سُوّق الحرير والخزف الصيني إلى شبه الجزيرة العربية وشرق إفريقيا وأوروبا، كما سوّقت التوابل واللؤلؤ العربي إلى الصين مروراً بالمحيط الهندي.
أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والإمارات في عام 1984، في خطوة جديدة للتواصل والتعاون بين الجانبين، وكانت السنوات الـ34 الماضية فترة حيوية تشهد تطوراً عميقاً للصداقة التقليدية، وتدفقاً مستمراً للتبادلات الشعبية بين البلدين، ولن ينسى الشعب الصيني صداقة الحكومة الإماراتية في وقت الضيق، إذ تبرعت بـ50 مليون دولار أميركي للصين، بعد تعرض محافظة ونتشوان بمقاطعة سيتشوان الصينية لزلزال مدمر في عام 2008، كما شهدت السنوات الـ34 الماضية تنمية سريعة، ومعجزة تنموية صنعها البلدان في طرفي قارة أوروآسيوية، لقد أصبحت الصين محركاً مهماً لنمو الاقتصاد العالمي، فيما أصبحت الإمارات واحة التنمية في العالم العربي؛ كذلك كانت السنوات الـ34 الماضية شاهدة على جهود البلدين لاستكشاف الطرق التنموية التي تتماشى مع الظروف الوطنية، وخطواتهما المتسارعة نحو التحديث، مع الحفاظ على الاستقلالية، لقد أصبح البلدان صديقين مخلصين يكمّل بعضهما بعضاً في التنمية، وشريكين مهمين للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من الرؤى التنموية المتقاربة، والأهداف السياسية المتطابقة، وروابط التعاون المتنامية.
في عام 2012، أصبحت الإمارات أول دولة خليجية أقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين، ومنذ ذلك الوقت تطور التعاون الثنائي بشكل سريع في المجالات كافة، خصوصاً في ديسمبر عام 2015، حيث قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة إلى الصين، وتوصلنا إلى توافق مهم حول سبل تطوير العلاقات الصينية الإماراتية، الأمر الذي دفع التعاون الودي بين البلدين لتحقيق سلسلة من الإنجازات الكبيرة، أهمها:
- التعاون في مجال الطاقة إلى أعلى المستويات في عام 2017، حيث منح الجانب الإماراتي 12% من امتياز الحقول البرية في أبوظبي إلى شركات صينية، وهذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها الصين على الامتياز طويل الأمد في الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، وفي مارس عام 2018 منح الجانب الإماراتي 10% من الامتياز لحقلين بحريين في أبوظبي إلى شركات صينية.
- تعزيز التعاون في الطاقة الإنتاجية بخطوات تاريخية، وفي هذا السياق سيدخل مشروع المرحلة الثانية لمحطة الحاويات بميناء خليفة ــ التي تم بناؤها وإدارتها من قبل الجانبين الصيني والإماراتي ــ حيز التشغيل في الربع الأول من عام 2019، حيث ستتمكن هذه المحطة من معالجة مليونين و400 ألف حاوية معيارية سنوياً، كما تقدمت بصورة سلسة المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية داخل المنطقة الصناعية المحيطة بميناء خليفة، وإلى اليوم، وقعت 16 شركة اتفاقيات نوايا لدخول المنطقة، وبلغ حجم الاستثمار الإجمالي 6.4 مليارات يوان صيني.
- تعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحديثة بشكل تدريجي، وفي هذا السياق، يعتبر مشروع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بـ700 ميغاواط في دبي، الذي يقوم الجانبان الصيني والإماراتي بإنشائه، أكبر محطة كهروضوئية في العالم حجماً وأحدثها تقنية، وستكون محطة حصيان لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف، أول استثمار لصندوق طريق الحرير في الشرق الأوسط، المحطة الأولى التي تعمل بالفحم النظيف في المنطقة.
- تطوير التعاون المالي على نحو عميق، حيث جدد البنكان المركزيان للبلدين في ديسمبر عام 2015 الاتفاق لتبادل العملات، ووقعا مذكرة تفاهم بشأن إقامة ترتيب المقاصة بالعملة الصينية في الإمارات، واتفقا على إدراج الإمارات على قائمة المستثمرين الأجانب المؤهلين للعملة الصينية، واتخذ صندوق الاستثمار الصيني الإماراتي المشترك قراراً بالاستثمار بمليار و70 مليون دولار أميركي في 12 مشروعاً.
- تعزيز التواصل الشعبي، حيث أصبحت الإمارات أكثر وجهة سياحية إقبالاً للسياح الصينيين كمحطة أولى بين الدول العربية ودول الشرق الأوسط، إذ تجاوز عدد السياح الصينيين إلى الإمارات مليون نسمة، للمرة الأولى في عام 2017، ويبلغ عدد السياح الصينيين الذين يقومون بالترانزيت في الإمارات 3.5 ملايين نسمة، وفي عام 2017 أصبحت الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تحصل على معاملة إعفاء مواطنيها من التأشيرة لدخول الصين، كما أقيمت بنجاح ست دورات من فعالية «الرحلة إلى الصين» في إطار مشروع «السفراء الشباب» الإماراتي، وخلال هذه الفعاليات زار أكثر من 100 شاب إماراتي متفوق الصين، كما يجري متحف القصر الإمبراطوري الصيني نقاشاً مع متحف اللوفر أبوظبي حول إقامة معرض للآثار.
تتطلب المسيرة الجديدة والمهام الجديدة قادة حازمين وشجعاناً، وطرحتُ مبادرة التشارك في بناء «الحزام والطريق» أمام العالم العربي في عام 2014، ولاقت تجاوباً حاراً من كل الدول العربية، حيث كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتجاوب مع المبادرة برؤيته الثاقبة، وقال في طريق الحرير الجديد إنه جسر جديد لتعزيز التواصل بين الصين والعالم العربي، ولدينا طموحات مشتركة، إنه إطار ضروري، رغم أن العلاقات بيننا قد حققت تطوراً سريعاً، غير أن طموحنا أكبر من ذلك.
وتنبع مبادرة «الحزام والطريق» من تراب طريق الحرير التاريخي، وتتماشى مع حاجات الدول العربية لتنويع الاقتصاد وعملية التصنيع، وخلال هذه الزيارة، أتطلع إلى العمل سوياً مع القيادة الإماراتية على وضع خطة للتعاون، وتحرير الإمكانات الكامنة، وتسريع وتيرة تطوير العلاقات الصينية الإماراتية، بما يقيم مجتمعاً صينياً إماراتياً، له مصير مشترك من خلال مبادرة «الحزام والطريق»، ويخدم مصلحة الشعبين بصورة أفضل.
آمل من البلدين العمل يداً بيد لـ:
- يكونا شريكين استراتيجيين، يربطهما الصدق والثقة المتبادلة، حيث يعيش عالم اليوم مرحلة التطورات والتغيرات والتعديلات الكبيرة، ولذلك يستلزم من الجانبين الصيني والإماراتي تعزيز التواصل والتنسيق لتوسيع مصالحهما المشتركة في الشؤون الدولية والإقليمية، والإسهام بالقوة الإيجابية في السلام والاستقرار والازدهار في العالم.
- يكونا شريكي تعاون، يربطهما التنافع والتقاسم، حيث يجب على الجانبين الصيني والإماراتي تعزيز تناسق السياسات، وتسريع التنمية المشتركة في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، والعمل سوياً على تعزيز منظومة التجارة متعددة الأطراف، ودفع العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحاً وشمولاً وتوازناً، لتحقيق المنفعة المشتركة والكسب المشترك.
- يكونا شريكي تواصل، تربطهما الاستفادة المتبادلة، حيث يجب على الجانبين الصيني والإماراتي تعزيز التعاون في مجالات الثقافة والتربية والتعليم والسياحة والشباب والإعلام، وبناء جسر للحوار والاستفادة المتبادلة بين مختلف الأديان والحضارات، وفي هذا السياق، سيفتح الجانب الصيني مركزاً للثقافة الصينية في أبوظبي، ويدعم دبي لاستضافة أول معرض إكسبو في الشرق الأوسط في عام 2020 بالمشاركة فيه.
- يكونا شريكي ابتكار، ترشدهما الممارسات الرائدة، فنحن أمتان جريئتان رائدتان، تسعيان إلى التفوق، حيث يعمل الجانب الصيني على تطبيق استراتيجية التنمية المدفوعة بالابتكار، فيما تعمل الإمارات على تطبيق الاستراتيجية الوطنية للابتكار، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، وخطة تنفيذية من ستة محاور لترجمة توجهات الثورة الصناعية الرابعة، ويمكن للجانبين العمل مع بعضهما بعضاً، والاستفادة من بعضهما لتحقيق اختراقات أكبر في التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحديثة.
يتدفق تيار العصر إلى الأمام، ويتطور العالم بتغيرات مستمرة، ورغم أن الصين والإمارات بعيدتان عن بعضهما بعضاً، ومختلفتان في الظروف الوطنية، لكن كلتاهما موطن لشعب محب للكفاح والإبداع والحلم، قلت سابقاً إن الشعب الصيني يدرك منذ القدم أن الخير لا يأتي من تلقاء نفسه، وأن السعادة تتطلب الكفاح، كما قال مؤسس دولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إن تقدم البلد لم يأت بسبب النفط فقط، بل باجتهاد شعبه أيضاً، بالدعم والتجاوب من الشعبين، وأنا على يقين بأننا سنفتح فصلاً جديداً للتعاون والكسب المشترك بين البلدين، ونقدم إسهامات أكبر لعالمنا ومستقبلنا المشترك.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر