أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن الملك محمد السادس جعل، منذ اعتلائه العرش، من تضامن المغرب النشط لفائدة البلدان الأقل نموا محورا رئيسيا في سياسته الإفريقية.
وقال بوريطة، في كلمة له خلال المناقشة رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن البلدان الأقل نموا، إن هذا الانخراط تجسد مرة أخرى بشكل ملموس في سياق الأزمة الصحية، مذكرا بأن مبادرة الملك لتقديم مساعدات طبية ومعدات وقائية لحوالي عشرين بلدا إفريقيا أفادت كثيرا البلدان الشقيقة في القارة التي تشكل جزءا من البلدان الأقل نموا.
وسجل وزير الخارجية أن التعاون التضامني للمغرب مع البلدان الأقل نموا مهيكل بموجب اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية في مختلف المجالات، مثل الفلاحة والصيد والصحة والماء الشروب والطاقة، مشيرا إلى أنها تتجسد في تعاون عملي وتقاسم للخبرات المغربية من خلال المساعدة التقنية.
وأبرز بوريطة أن هذا التعاون مدعوم من خلال عدة مبادرات ملموسة، بما في ذلك، على وجه الخصوص، إلغاء ديون البلدان الإفريقية الأقل نموا، وولوج منتجات بعض هاته البلدان الإفريقية إلى السوق المغربية دون رسوم جمركية، وتوفير منح دراسية، وتنفيذ مشاريع للبنية التحتية، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة والمياه، وكذا أجرأة سياسة الهجرة، التي مكنت من تسوية وضعية حوالي 50 ألفا من مواطني الدول الإفريقية الشقيقة منذ عام 2014.
وأضاف أن هذا التعاون القائم على التضامن يتم تفعيله أيضا من خلال المبادرات الإقليمية والدولية للمغرب في مجال تغير المناخ، مستشهدا، على سبيل المثال، بتفعيل لجان المناخ الثلاث، التي أطلقها الملك بمناسبة انعقاد قمة العمل الإفريقي، التي نظمتها المملكة عام 2016 على هامش مؤتمر “كوب 22″، والمبادرة الثلاثية الخاصة بتكييف الفلاحة الإفريقية.
كما أشار بوريطة إلى مبادرة “تريبل إس” (Triple S) لدعم الاستدامة والاستقرار والأمن في إفريقيا، ومبادرة الولوج الشامل إلى الطاقة المستدامة، ومبادرة الشباب الإفريقي حول التغيرات المناخية، التي تم إطلاقها بمناسبة قمة العمل المناخي لسنة 2019.
وأكد أنه من خلال هذه الرؤية التعددية والتضامنية والدينامية، يعمل المغرب بشكل دؤوب على وضع خبراته ومهاراته رهن الإشارة لتعزيز التعاون مع البلدان الأقل نموا، مسجلا أن المملكة ستواصل عملها من خلال الالتزام بالاستمرار على نهج استراتيجية التعاون والشراكة مع البلدان الأقل نموا، سيما في إطار برنامج عمل الدوحة الجديد، الذي يعد بعمل تضامني وملموس لتحقيق تنمية مستدامة لجميع البلدان الأقل نموا، يضيف بوريطة، مشيرا إلى أنه منذ اعتماد برنامج عمل إسطنبول، أحرزت البلدان الأقل نموا تقدما حقيقيا في مجالات حيوية مثل الولوج إلى الخدمات الأساسية والصحة والتعليم والتجارة، وكذلك في مجال الحكامة، وقال إن الاتجاه الحالي لإعادة تصنيف البلدان الأقل نموا يدعو إلى التفاؤل.
وأوضح بوريطة أن هذا الاتجاه يعكس جهود التنمية في البلدان الأقل نموا، مبرزا أن 6 دول لم تبق محسوبة على فئة البلدان الأقل نموا، وأن 16 دولة أخرى تستوفي المعايير لتحذو حذوها. قبل أن يضيف “هناك أسباب تدعونا إلى القلق بشأن استدامة هذا التقدم الواضح”، مؤكدا أن “جائحة “كوفيد-19″ أثرت على الوضع السوسيو- اقتصادي وفاقمت مواطن ضعف البلدان أقل نموا”.
واستدرك بوريطة قائلا: “مع ذلك، يمكن أيضا تحويل سياق الأزمة الصحية هذا إلى فرصة لإعطاء زخم جديد للتعاون لفائدة البلدان الأقل نموا”، مبرزا أن هذا النقاش يشكل مناسبة لتقديم حلول مبتكرة وملموسة وواقعية للإكراهات الهيكلية والخارجية التي تواجهها هذه البلدان. وبهذا الخصوص، دعا وزير الخارجية إلى تضافر الجهود والابتكارات الجريئة لتعزيز التنمية المستدامة للبلدان الأقل نماء، باعتبارها مفتاح استجابة كريمة وتضامنية.
وقال إن المجتمع الدولي مدعو إلى بلورة حزمة من التدابير، الموجهة والمحددة، تقوم حول أربع أولويات، بما في ذلك الضرورة الملحة لضمان حصول البلدان الأقل نماء على اللقاحات بأسعار معقولة وعادلة، حتى لا يكون الانتعاش الاقتصادي في فترة ما بعد الجائحة أكثر صعوبة مما هو عليه.
ومن بين هذه الأولويات، تطرق بوريطة إلى أهداف التنمية المستدامة، التي ينبغي أن تكون في صميم التعاون الدولي، مشددا على ضرورة مساعدة البلدان الأقل نماء على تعزيز منظوماتها الصحية وتعزيز التنمية المستدامة والشاملة.
وأكد أن من الضروري إحداث آليات تمويل مرنة وقابلة للتنبؤ وتتلاءم مع الاحتياجات الخاصة لهذه البلدان، مضيفا أن التعافي الاقتصادي يعتمد عليها، خاصة أن الوباء فاقم شبح المديونية بالعديد من هذه البلدان.
كما أكد أن من الضروري ضمان انتقال آمن وسلس للبلدان التي لم تعد واردة في قائمة البلدان الأقل نموا، مشيرا إلى أن إعادة التصنيف لا توفر، للأسف، تأمينا ضد مكامن الضعف، لا سيما الخارجية، التي يمكن أن تلحق الضرر باقتصادات هذه البلدان.
وحسب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فإنه من الضروري توفير حلول مبتكرة وتضامنية لتمكين هذه البلدان من جعل انتقالها مستداما.
قـــد يهمــــــــك ايضـــــــًا:
"ماتيو سالفيني" المغرب هو البلد الأكثر استقرارًا في جنوب المتوسط وشمال إفريقيا
ألمانيا تفتح حدودها وأراضيها أمام المغارب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر