بوصوف يدعو إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم
آخر تحديث GMT 01:39:36
المغرب اليوم -

بوصوف يدعو إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - بوصوف يدعو إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم

عبد الله بوصوف
الرباط - المغرب اليوم

مغاربة العالم والاستثمار بين طموح الاستقطاب ومتطلبات النجاح

يعرف مغرب اليوم أكثر من أي وقت مضى نقاشا بجُرعة جُرأة أقوى، خاصة مع وجود قنوات التواصل الاجتماعي التي تسهل عملية التواصل والانتشار وكذا اتساع هامش الحرية في البلاد؛ فالتعبير عن وجهة نظر حُيال موضوع معين ليس بالقطع عنوانا للحقيقة، بل هو فقط إبداء للرأي ضمن مجموعة الآراء المختلفة مع ضرورة التحلي بمعايير الموضوعية والمسؤولية.

إن حالة القلق التي تسكننا وترمي بنا في مسالك التفاصيل والجزئيات تدفعنا إلى طرح العديد من الأسئلة والتي نبغي بعدها إجابات عن إشكاليات هُن بنات لحالات القلق الإيجابي؛ فموضوع الاستثمار، مثلا، حظي بأولوية كبيرة منذ السنوات الأولى لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش البلاد، أي منذ الرسالة الملكية في يناير 2002 وإحداث المراكز الجهوية للاستثمار، مرورا بخطاب العرش لسنة 2017 حيث خص جلالته هذه المراكز بتشخيص قوي وأنها تُعيق الاستثمار، ووصولا إلى خطاب العرش 2018 والتي جعل من التسريع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار وتفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وغيرها، كورش إصلاح وطني كبير، يدخل في مسلسل الجهوية المتقدمة...

إن الاستثمار هو مرادف لمصطلح خلق الثروة، ويوازيه خلق فرص الشغل وخلق التنمية؛ وهو ما يعني الارتقاء الاجتماعي وظروف حياة كريمة للمواطن المغربي... وهو ما أكده خطاب العرش لسنة 2018 بقوله "فإنني كنت ولا أزال مقتنعا بأن أسمى أشكال الحماية الاجتماعية هو الذي يأتي عن طريق فرص الشغل المنتج والضامن للكرامة".

وباعتبار مغاربة العالم جزءا لا يتجزأ عن الوطن، بانتظاراته وبمعيقاته وبآماله وبطموحاته، فقد التزمت الدولة بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 16 من الدستور "على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب"؛ وهو ما يعني تهيئة أرضية المساهمة في التنمية من خلال مؤسسات فعالة ومتخصصة في مجال الاستثمار، سواء المراكز الجهوية للاستثمار أو اللجان الجهوية الموحدة، مع تفعيل الإصلاحات الإدارية وتبسيط المساطر في إطار سياسة القرب من المستثمرين وتبني هذه المراكز لآليات تحفيزية وتشجيع الاستثمار...

إن مغاربة العالم هم في الآن ذاته رأسمال لامادي للمغرب ورأسمال كفاءات وخبرات كبيرة ورساميل من العملة الصعبة، سواء عبر التحويلات أو مختلف الاستثمارات. كما أنهم ينتمون إلى كل جهات المملكة الاثنتي عشرة، مما يرفع مسألة مساهمتهم بشكل فعال في تنمية البلاد، وهو ما يجعل الحاجة ملحة إلى مؤسسة قادرة على احتواء كل هذا التعدد والتنوع والغنى والإشراف على عملية المرافقة والتوجيه لهؤلاء المواطنين المتعددين لإيجاد فرص النجاح في وطنهم الام.

وتصب كل الدراسات والمؤشرات في رغبة أكيدة لمغاربة العالم في الاستثمار بالمغرب، سواء في العقار او الخدمات أو التجارة أو المقاولات المتوسطة والصغرى؛ لكن منطق الأشياء يقول بضرورة وجود مؤسسة عمومية تقوم بكل مهام الوساطة والدعم والمرافقة وتبسيط المساطر، تفعيلا للفقرة الثانية من الفصل 16 من الدستور، وهو التزام دستوري من الدولة تجاه مواطنيها من مغاربة العالم.

التقييم والنقد البناء.. الحلقة المفقودة

لقد راكمت الدولة المغربية في علاقتها مع مغاربة العالم العديد من التجارب والوصفات لإشراك مغاربة العالم في تنمية البلاد؛ لكن لظروف أو لأخرى سرعان ما كان يتم التخلي عنها واستبدالها بمشاريع أخرى مصحوبة بتبريرات تنتمي إلى فئة "وجهة نظر"، أي أنها ليست الحقيقة المطلقة.

وهكذا، عاش مغاربة العالم تجربة "ينكوم" وهي مبادرة تتلخص في إحداث منتدى للكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، والذي عُهد إليه القيام بالدبلوماسية الاقتصادية في الولايتين الأولى والثانية بعد إحداث قطاع وزاري مستقل مكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، تحت إشراف الاشتراكيين السيدة نزهة الشقروني، والسيد محمد عامر. ثم جاءت تجربة "مغربكم" كمنصة افتراضية موجهة لكفاءات مغاربة العالم، جاءت لتكون جسرا بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بالمغرب وكفاءات مغاربة العالم، كما أريد لها أن تكون الإطار المنظم لنقل المعلومات المتعلقة بفرص الشغل والأعمال والتعاون والاستثمار والتشغيل. وقد انضم إلى هذه التجربة، في عهد الوزير الاستقلالي عبد اللطيف معزوز، كل من الاتحاد العام لمقاولات المغرب وجامعة الأخوين وكذا الجامعة الدولية للرباط.

وأخيرا وفي السياق نفسه، جاءت تجربة "الجهة 13" في الولايتين الوزاريتين السابقة مع السيد أنيس بيرو، الذي وقع الأحرف الأولى لاتفاقية المتعلقة بهذه المبادرة، مع الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب السيدة مريم بنصالح، هذه الأخيرة ستعطي الانطلاقة العملية لهذا المشروع مع الوزير المنتدب الحالي المكلف بمغاربة العالم وشؤون الهجرة، السيد عبد الكريم بنعتيق.

وتهدف هذه المبادرة إلى إنشاء منصة افتراضية لتبادل التجارب والمهارات، وتربط أواصر التعاون والشراكة بين المقاولين المغاربة بالمهجر والمقاولات بالمغرب، إضافة إلى كونها "بوابة تفاعلية للاطلاع على المعطيات الاقتصادية" وكذا "لإمداد المستثمرين المحتملين من مغاربة العالم بتشخيص دقيق للواقع الاقتصادي بالمغرب وتمكنهم من التفاعل مع أرباب المقاولات داخل الوطن"...

الآن وبعد مرور سنة على إطلاق مبادرة "الجهة 13"، بدأت بعض الأصوات تطالب بضرورة تقييم هذه التجربة والتوقف على حصيلة سنتها الأولى بإيجابياتها وسلبياتها. ومن أبرز الملاحظات المرافقة لهذه المبادرة التي تهدف إلى دعم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتفترض التوصل إلى نتائج تخدم المصلحة العامة هو التباين الملحوظ بين مقاربة الوزارة ومقاربة "الباطرونا" في فهم فلسفة "الجهة 13".

وبمعنى أوضح، فإن فلسفة الوزارة تعني مستثمرين و"مستثمرين محتملين"، في حين يرى فيهم الاتحاد أرباب مقاولات مغاربة العالم، بمعنى أن الخدمات المقدمة لمقاولي مغاربة العالم أو لنظرائهم من المغرب لا تدخل في بابا الخدمات العمومية ولكن العلاقات التجارية وتبادل المصالح.

بعد مرور سنتها الأولى، لا يمكننا القول بنجاح أو بفشل تجربة "الجهة 13"، مع التأكيد على حُسن نية موقعي التجربة سواء الوزارة او الباطرونا؛ لكن طرح مسألة التقييم يبقى أمرا مشروعا ومعقولا في إطار دينامية التغيير والنقد البناء الذي يشدد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة.

في الحاجة إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم

مع اقتراب ميلاد الميثاق الجديد للاستثمار وخروج المراكز الجهوية الاستثمار في حلتها الجديدة، فإن انتماءات مغاربة العالم إلى أكثر من جهة يجعل من خلق "المركز الجهوي للاستثمار رقم 13" بوابة حقيقية وواقعية وليست افتراضية، تحمل مضامين إجابات واضحة للمقاولين وللكفاءات وللمستثمرين المحتملين لمغاربة العالم؛ فالمركز الجهوي للاستثمار الخاص بمغاربة العالم عليه أن يجعل من القرب من المهاجر والانفتاح عليه هدفه المحوري، يمكنه من لعب دور آلية التحفيز والتشجيع على الاستثمار، سواء من حيث توضيح وتبسيط سياسة الدولة في مجال الاستثمار إلى المهاجرين المستثمرين، وكذا إيصال فرص "العرض الاستثماري" حسب المجالات والقطاعات والأولويات الجهوية واحتياجات كل جهة.

وقبل التفكير في تفعيل هذا المركز المخصص لمغاربة العالم على صعيد الجهات، من الضروري إعداد الترسانة القانونية اللازمة لتسهيل مساطر التقاضي، بداية بتبني مساطر قانونية استثنائية تتماشى مع خصوصيات هذه الفئة من المواطنين المغاربة، وصولا إلى بنية مؤسساتية قضائية قوية، لتسوية الخلافات بين المستثمرين الإدارات العمومية؛ لأن العدد الحالي من المحاكم التجارية على سبيل المثال لا يتماشى مع التقسيم الترابي الجهوي بحيث نجد فقط 8 محاكم تجارية بالمغرب، بينما لا يتعدى عدد محاكم الاستئناف التجارية الثلاث (البيضاء، وفاس، ومراكش).

من جهة أخرى، فإن استقطاب الاستثمارات الأجنبية لمغاربة العالم يقتضي تبسيط الوعاء الضريبي، ونشر خرائط مناطق الامتياز الضريبي، وتخصيص فضاءات في المناطق الصناعية والتجارية لمغاربة العالم، وتنظيم حملات تواصلية داخل بلدان الإقامة بوسائل توجيه ووساطة عصرية مع ضرورة احترام العائق اللغوي للشباب المقاول من مغاربة العالم، فهم يتكلمون لغات مختلفة ليس فقط العربية أو الفرنسية، بل أيضا الألمانية والهولندية والإيطالية والإسبانية واليابانية والإنجليزية؛ وهو ما يعني ضرورة توفر خدمة الترجمة أو الاستعانة بكراسات متعددة اللغات بالمركز الاستثمار الجهوي رقم 13.

"فاستعادة الحيوية الاقتصادية تظل مرتبطة بمدى انخراط المقاولة، وتجديد ثقافة الأعمال، واستثمار المؤهلات المتعددة، التي يتيحها المغرب، مع استحضار رهانات التنافسية الدولية، بل والحروب الاقتصادية أحيانا." هذه الفقرة الواردة في خطاب العرش الأخير يمكن جعلها في قلب التفكير في التوجه نحو مقاولي مغاربة العالم والمستثمرين المحتملين خاصة من حيث تجديد ثقافة الاعمال ورهانات التنافسية الدولية وغيرها...

لذلك واحتراما لمبدأ التنافسية والتعددية، فإنه يجب خلق "المركز الجهوي الاستثماري رقم 13" إلى جانب "الجهة الـ13" حتى نضع مُستثمري مغاربة العالم أمام اختيارات استثمارية عديدة مثلما هو الشأن في دول الإقامة المعتادة على الاشتغال في أجواء تعدد المسالك والاختيارات والتنافسية، حرصا على بقاء ونجاح مشروع "الجهة 13"، وحتى لا نسقط في تجارب الماضي وينضاف مصير تجربة "الجهة 13" إلى مصير تجربتيْ "فينكوم" و"مغربكم ".

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوصوف يدعو إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم بوصوف يدعو إلى مركز استثمار جهوي خاص بمغاربة العالم



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:19 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرطة تعلّق عن تحدث ترامب حول "حالات الغش"
المغرب اليوم - الشرطة تعلّق عن تحدث ترامب حول

GMT 09:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى
المغرب اليوم - أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى

GMT 09:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك
المغرب اليوم - عمرو دياب يتصدّر ميدان

GMT 23:12 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يفشل فى إقناع محمد صلاح وأرنولد وفان دايك بالتجديد

GMT 23:32 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تقاريرتكشف بشكتاش يدرس تجديد استعارة النني

GMT 06:21 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد خميس يكشف المستور ويتحدث عن أسباب زواجه الثاني

GMT 01:32 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اكتشف صفات مواليد الدلو قبل الارتباط بهم

GMT 01:46 2016 الإثنين ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

هناء الرملي تشرح مخاطر التحرش الجنسي عبر "الانترنت"

GMT 16:43 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال يضرب جزر جنوب المحيط الهادئ

GMT 06:08 2022 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفكار للحصول على ماكياج مثالي لحفل الكريسماس

GMT 14:11 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

أداء أسبوعي على وقع الأخضر ببورصة البيضاء

GMT 14:03 2022 الأربعاء ,19 كانون الثاني / يناير

بنك المغرب يلاحق معطيات زبناء البنوك في الخارج

GMT 04:16 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

الريال يهزم أتلتيكو في "ديربي" مدريد

GMT 16:37 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دنيا بطمة تنشر فيديوهات رقص في أحدث ظهور لها عبر انستغرام

GMT 18:59 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

دورتموند يمدد تعاقده مع الحارس مارفين هيتز

GMT 19:36 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

المحكمة تقرر مصير دنيا بطمة في قضية "حمزة مون بيبي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib