تبرز بين الفينة والأخرى أسماء لامعة في الميدان الغنائي والموسيقي، بعدما استطاعت أن تبصم على مسار فنّي متميّز، أمثال الفنانتيْن جنّات مهيد وفاتن هلال بك وغيرهما، انطلاقا من مدينة ارتبط اسمها بالثروة الفوسفاطية والقرى المنجمية والأوراش العمالية.
وإذا كان بلوغ بعض الطاقات الغنائية مستويات كبيرة في الميدان الغنائي والموسيقي مرتبطا بانطلاقة صحيحة إلى حدّ ما واجتهاد شخصي متواصل، فإن واقع الحال على مستوى مدينة خريبكة كان وما يزال فقيرا من حيث البنية التحتية، والبرامج بعيدة المدى، والرؤى المستقبلية المضبوطة، من أجل توفير الظروف الملائمة لصقل مواهب الطاقات الموسيقية والغنائية الصاعدة، باستثناء بعض المبادرات المحدودة كمًّا وكيفًا.
سعيد الهُداني، بصفته ملحّنا وأستاذ موسيقى ومديرًا لمهرجان الأغنية العربية بخريبكة، قال: "مع الأسف، الواقع الموسيقي بمدينة خريبكة لا يرقى إلى طموحات شباب المنطقة، في الوقت الذي شكّلت فيه المدينة منطلقا للعديد من الأسماء الفنية والغنائية والموسيقية اللامعة على الصعيدين الوطني والعربي".
وشدّد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "المدينة عرفت، في أوقات سابقة، تجارب فردية وخاصة للنهوض بالقطاع الموسيقي، إلا أن تلك المبادرات كان ينقصها التكوين الأكاديمي، وبالتالي لم تفلح في تقديم منتوج موسيقي محض متّسم بالجوهرية والدقة في هذا المجال".
"ومن هذا المنبر"، يضيف سعيد الهداني، "أناشد المجلسيْن الإقليمي والجماعي لخريبكة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووزارة الثقافة، وجمعيات المجتمع المدني التي تهتم بالمجال الموسيقي، أن تعمل على تضافر جهودها حتى تتمكن من إنشاء معهد موسيقي أكاديمي بجميع المواصفات".
عبد الرحيم بهـيْجة، بصفته ملحنا وموزع موسيقى ومهندس صوت، أشار إلى أن "الفاعلين في المجال الموسيقي بخريبكة يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أصناف، بدءًا بالفاعلين في الموسيقى التراثية الذين يشتغلون داخل الوطن وخارجه، ولا أظنّ أنهم يعيشون مشاكل كبيرة إلا إذا تحدثنا عن النقص في تنظيم المهرجانات".
أما الصنف الثاني، يضيف بهيْجة، "يَهمّ الموسيقى الشبابية كالرّاب وباقي الأغاني الغربية، ومن المفروض أن تجد دعما كبيرا بسبب وجود منظمات داخل المغرب وخارجه تهتمّ بدعم هذا النوع من الموسيقى، عبر تنظيم تكوينات وأنشطة متنوعة، في حين يبقى المشكل الكبير لدى الفئة الثالثة المرتبطة بالأغنية العربية بكل تجلياتها الطربية والعصرية والحديثة".
وأكّد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "الفاعلين في الأغنية العربية على مستوى خريبكة مطالبون بدراسة الموسيقى أولا، وهو ما يحيلنا إلى المشكل الذي تعرفه المدينة، المتمثل أساسا في غياب معهد موسيقي متخصص تابع لوزارة الثقافة"، مشدّدا على أن "إنشاء معهد موسيقي من شأنه توفير مجموعة من الأنشطة والتكوينات والفنون الأخرى المصاحبة للموسيقى".
خديجة برعو، المديرة الإقليمية لوزارة الثقافة والاتصال بخريبكة، قالت إن "الموسيقى تحظى لدى الوزارة بأهمية كبيرة على غرار المسرح؛ لذلك يتمّ دعم مختلف الأشكال والاتجاهات الموسيقية، الكلاسيكية منها والشبابية، من خلال تلقي طلبات الشباب من مختلف المدن والقرى التابعة للإقليم".
وبخصوص البنيات الثقافية والموسيقية بمدينة خريبكة، أوضحت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن "المدينة تتوفر على فضاء موسيقي تُشرف عليه جمعية الشعلة للتربية والثقافة، لم يكن ليرى النور لولا مجهودات السلطة الإقليمية، من خلال توفير آلات موسيقية من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والفضاء من لدن المجلس الجماعي".
وبينما يشير متتبعو القطاع الفنّي بخريبكة إلى أن الفضاء الموسيقي المقصود عبارة عن قاعة داخل المركب الثقافي، أكّدت خديجة برعو أن "الفضاء يعرف انخراط أكثر من 150 تلميذا كل سنة من أجل تلقّي تكوين أكاديمي، وستنظر المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة والاتصال بخريبكة مستقبلا في إمكانية خلق نواة لمعهد موسيقي بمدينة لها تاريخها وتراثها المادي واللامادّي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر