الرباط ـ المغرب اليوم
تغيَّب يونس قنديل، الأمين العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، عن مؤتمر "الحرية بين الواقع والممكن" الذي نظّم بمدينة مراكش يومي 10 و11 نونبر الجاري، بعد تعرّضه للتعذيب لساعات من طرف جهات مجهولة بالأردن تسبب له في ارتجاج دماغي وعدم استقرار في حالته.
وحسب البيان الرسمي الذي أصدرته مؤسسة مؤمنون بلا حدود، فإنه بعدما أوقف رجال مسلّحون يونس قنديل مساء الجمعة في العاصمة الأردنية عمان، أرغموه تحت تهديد السلاح على الترجّل من سيّارته واقتادُوه إلى منطقة بها أشجار كثيفة، حيث شُدّ وثاقه، وأُلصق شريط على فمه، ووضع كيس على رأسه حتى لا يرى ولا يتكلّم، وأحرقوا جسده، وأحرقوا لسانه، بعدما كسروا أصبعه، وكتبوا على ظهره بآلة حادة، ثم وضعوا المصحف فوق رأسه وأوهَموه بأنه متفجّرات ستفجّر رأسه إذا ما تحرّك، لتجده السلطات فجر السبت وهو مغمى عليه لأكثر من ثلاث ساعات.
وأضاف المصدر أن القصة بدأت مع منع المؤتمر الدولي لمؤسسة مؤمنون بلا حدود الذي كان من المزمع تنظيمه بين 2 و4 نونبر الجاري، والذي تلاه إلغاء المؤتمر الصحافي حول منع مؤتمر في 30 أكتوبر، وهو ما صدر بعده بيان تضامني في 2 نونبر وقّعته أزيد من 1300 شخصية ثقافية ترفض منع المؤتمر، ثم اختفى الأمين العام للمؤسسة في 9 نونبر، ووجد وعلى جسده آثار التعذيب والضرب المبرح في اليوم الموالي.
ووضّح عبد الوهاب رفيقي، باحث في الإسلاميات، في تدوينة على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" أن مؤتمر "انسدادات المجتمعات الإسلامية والسرديات الإسلامية الجديدة" الذي منعت إقامته بعمان، كان يهدف إلى مناقشة محاور السرديات الإسلامية، والنماذج الفكرية التجديدية، وصناعة الفتوى والخطاب الإعلامي الديني، وعلم الكلام الجديد وفلسفة الدين، والإسلام الشيعي وولاية الفقيه ومفهوم الدولة، ولقي معارضة شديدة بدعوى وجود فقرة ضمن البرنامج حول "التاريخ الشعبي لولادة الله"؛ ما اعتبره البعض "اعتداء على الذات الإلهية واستفزازا للمشاعر الدينية، وهو ما نفته المؤسسة معتبرة أن الفقرة متعلقة بتاريخ السرديات الإسلامية حول الإله بشكل أكاديمي وعلمي مجرد، دون أي نية للتنقيص أو المس.
وأدان المشاركون في ندوة "الحرية بين الواقع والممكن" التي نُظّمت بمدينة مراكش المغربية "الفعل الإجرامي الذي استهدف واحدا من المثقفين المهتمين بنشر قيم الحرية والاستنارة"، وأضافوا في بيان عُمّم بعد بقاء كرسي يونس قنديل فارغا في المؤتمر أنه "من عجيب الصدف أن الموضوع الذي نجتمع حوله خلال هذا المؤتمر متعلق تعلقا جوهريا بهذه القضية، وهو ما يكشف الراهنية والأهمية القصوى لمواصلة جهود الدفاع عن الحريات المدنية والسياسية وصيانتها، بما في ذلك حرية التعبير والضمير"، داعين في ختام بيانهم بـ"السلامة والشفاء التام في القريب العاجل للأستاذ يونس قنديل".
وأكّد يونس قنديل في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، الإثنين، رفضه سِلسلة القمع والتشويه والتحريض، و"كل هذه الأعمال المشينة التي تقودها حملة مسعورة ضدنا تصب في صناعة مناخ الفتنة والتأجيج المفتعل من أجل حرف المجتمع الأردني عن قضاياه المصيرية، والتي لا تقتصر على ما نشاهده من مسلسل النكوص في مجال الحريات العامة، وإنما تتعداه إلى التقصير في الوفاء في حقوق المواطنين السياسية والاقتصادية".
وأثنى الأمين العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود في التدوينة نفسها على موقف الملك الأردني الذي "يقف بكل حزم في وجه أي محاولة لوضع الأردن على سكة التدمير الذاتي"، وشكر "الأجهزة الأمنية التي تفاعلت مع الحدث بقدر عال من المسؤولية في الأداء، رغم التهاون الشديد الذي أبدته الحكومة في التعامل مع سلسلة الأحداث بروح خالية من المسؤولية (...) والطواقم الطبية في مستشفى حمزة، وإدارة مستشفى الأردن وفريقها الطبي الذي قدم كل العناية الفائقة بروح أخلاقية وحرفية عالية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر