تحولت مدينة الدار البيضاء، للأسف طيلة أيام بيع خرفان العيد ويوم عيد الأضحى إلى تلال من الأزبال، هنا وهناك، وروائح كريهة مصحوبة بالحشرات الضارة خاصة الذباب الأخضر.
ففي ليلة عيد الأضحى، تغلق الأسواق المخصصة لبيع الأضاحي والدكاكين التي تبيع الفحم والقش وأعلاف الأكباش وكل ما يتعلق بمستلزمات العيد، ليبدأ عمل عمال النظافة والذي يستمر على مدى ثلاثة أيام، يحكم فيها على هؤلاء العمال بالأعمال الشاقة.
ففي الساعات الأولى من صباح اليوم أي عيد الأضحى، شرع عمال النظافة التابعون لشركتي “أفيردا كازا” الفرنسية و ”سيطا بلانكا” اللبنانية، المتخصصتين في جمع نفايات في الدار البيضاء، عملهم في تنظيف "المصلات" التي أقيمت بمختلف المناطق من أجل أداء صلاة العيد.
وبعد ساعتين وبعد عملية نحر الأضاحي ورمي أزبالها يتحول هؤلاء العمال إلى جنود الخفاء، جنود تسهر على نقل أكوام من الأزبال في انتظار مهمة أخرى وهي جمع مخلفات عمليات الذبح.
معاناة جنود الخفاء
قبل العيد، يتجند جنود الخفاء من أجل حماية بيئة المدينة البيضاء، يسخرون كل وقتهم في هذا اليوم الكريم لتنظيف أحياء المدينة، لتكتسي جميلة وتدب فيها الحياة من جديد.
سلاحهم تقليدي وأحيانًا يستعملون أيديهم لجمع النفايات، أسلحة عبارة عن مكنسات تقليدية، يجمع بها بقايا الذبائح وبقايا الأضاحي ما يشكل عبئًا كبيرًا على عمال النظافة، يبذلون مجهوداتهم لتنظيف الساحات والحدائق والمصلى وجمع النفايات المنزلية، ليس من حقهم التوقف، إنهم أمام مهمة صعبة وهي إضفاء ساكنة المدينة على حساب سعادتهم.
هكذا يجد عمال النظافة أنفسهم في مواجهة هذه الأكوام، التي تؤرق الساكنة بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث منها والحشرات الضارة التي تنمو فيها، خصوصًا في المساكن القريبة من هذه الفضاءات، حيث يكون عمال النظافة “في قلب المعركة” لمواجهة هذه النفايات “بأسلحة تقليدية”، تتجلى في المكنسات وبعض الأجهزة المتواضعة.
عمال يتحولون إلى متسولين مساء يوم العيد
في مساء نفس اليوم، أي يوم العيد تحولت هذه الفئة إلى متسولين من نوع آخر، عمال يتسولون ببذلة النظافة، يستعطفون سكان المدينة من أجل لقمة عيش، فراتبهم لا يتجاوز ألفًا وأربعمائة درهم ( 1400درهم)، يطرقون أبواب المنازل لــ"يطلبوا "فلوس العواشر" أو جلود أكباش العيد، من أجل إعادة بيعها لتجار الجلود بثمن بخس لا يتجاوز 20 درهمًا.
منظرهم يزعجك ويقرف من بعيد، ولكن حكاياتهم تؤلمك خاصة تعاملهم من طرف الشركة المشغلة، عمال مسؤولون على عائلات قد تتجاوز أربعة أفراد، وبمعاش لا يسمن ولا يسد رمق الجوع، وهو الشيء الذي يجعل هؤلاء العمال في كل مناسبة يمدون يدهم من أجل التسول لعلهم يجمعون بعض النقود لإعانة عائلاتهم.
أربع ساعات فقط لذبح الأضحية
والغريب في الأمر أن هؤلاء الجنود وللأسف لا تمنح لهم إلا أربع ساعات من أجل ذبح أضحياتهم قبل العودة للعمل في الساعة الثانية زوالًا، ليبدأ عملهم الشاق وهو جمع تلك التلال المتراكمة من الأزبال والتي في الغالب تتكون من الجلود، ونفايات الذبيحة والعلف.
وقد سخرت شركتا أفيردا كازا وسيطا بلانكا 80 شاحنة تتوزع بين شاحنات الأشغال، والشاحنات الصغيرة وشاحنات حمل الصناديق، إضافة إلى كراء 30 جرافة.
6 آلاف طن من الأزبال سيتكلف بها جنود الخفاء
تتوقع شركتا النظافة، “سيطا” و”أفيردا”، أن تتضاعف كمية الأزبال يوم العيد وفي اليومين الموالين، لتصل إلى 6000 طن، بدل 3000 طن التي يتم تجميعها يوميًّا، من جميع أحياء الدار البيضاء.
وكانت الشركتين وشركة التنمية المحلية، برفقة 60 جمعية مدنية قاموا قبل أسبوع، بتجنيد فرق متنقلة لتحسيس السكان بأهمية النظافة، وتوزيع الأكياس البلاستيكية الخاصة بجمع نفايات الأضحيات، بالإضافة إلى الإجابة عن استفساراتهم بخصوص برنامج عمل الشركتين خلال هذه المناسبة وطرق النظافة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر