تتجه هيئة البيئة في أبو ظبي إلى فتح أبواب محمية الوثبة ومتنزه القرم الوطني، التي ظلت مغلقة لأكثر من 3 عقود، ليتسنى للأفراد إعادة اكتشاف تلك البيئات، التي ظلت تحت الوصاية خوفًا من الظلم البشري، وحماية لعدد كبير من الأشجار والطيور والحيوانات التي شارف غالبها على الانقراض.ورأت هيئة البيئة في أبوظبي أنَّ "الأوان قد آن لتحويل فكر المحافظة على البيئة ومكوناتها من مهام تابعة لمؤسسات وهيئات البيئة إلى هم مجتمعي، يرتقي فيه الجميع لتحمل مسؤولية الحفاظ على كنوز الطبيعة".
وأكّدت الأمين العام لهيئة أبوظبي للبيئة رزان المبارك، خلال مؤتمر صحافي عقد على هامش معرض أبوظبي للصيد والفروسية، أنّه "تم الإعلان عن افتتاح محمية الوثبة للأراضي الرطبة، ومتنزه القرم الوطني للجمهور، للمرة الأولى"، مشيرة إلى "تأهيل البنية التحتية في الموقعين، عبر إنشاء مركز وممشى للزوار في كل موقع، إضافة لتوفير لوحات إرشادية وخدمات الأمن والسلامة".
وأردفت "نسعى لتغيير الانطباعات القديمة عن عمل الجهات البيئية، والتي ترسخ تصورات نمطية عن أهدافها وبرامجها"، مشيرة إلى أنّ "الهيئة تأمل بتفعيل مفاهيم التفاعل والمشاركة بينها وبين أفراد المجتمع"، مشددة على أنّ "تغيير الأنماط السلوكية وزيادة الوعي بأهمية حماية البيئة ومكوناتها هو السبيل الوحيد نحو الوصول للإنجاز على صعيد الجهود البيئية".
وبيّنت المبارك أنَّ "برنامج المحميات البيئية يمكن الزوار من استكشاف التراث الطبيعي لإمارة أبوظبي ضمن ثلاثة نظم بيئية مهمة للتنوع البيولوجي المحلي"، مؤكدة افتتاح محمية قصر السراب للزوار كثالث محمية في وقت لاحق من العام الجاري.وتابعت "نحن بحاجة للبحث عن تجارب جديدة تعيدنا للتواصل مع الطبيعة في ضوء حياة مدنية بعيدة عن نظمنا ا
ويتمكن زوار محمية الوثبة للأراضي الرطبة من مشاهدة أكثر من أربعة آلاف من طيور "الفنتير" العائدة إليها بعد هجرتها إلى كازاخستان خلال موسم الصيف، وقامت هيئة البيئة بأبوظبي، خلال موسم هجرة طيور الفنتير، بتطوير البنى التحتية وبناء مسارات للمشي ومناطق مخصصة لمشاهدة الحياة البرية ومركزًا لاستقبال الزوار.
كما سيتمكن زوار المحمية، التي تبعد مسافة 45 كيلو مترًا من مركز مدينة أبوظبي، من الاستمتاع بأنشطة مختلفة تشمل مشاهدة الطيور، والمشي، والقيام برحلات تعليمية، إضافة إلى التعرف على برنامج الهيئة لتتبع ومراقبة طيور "الفنتير"، الذي يستخدم طائرات بدون طيار وتكنولوجيا التتبع عبر الأقمار الصناعية لدراسة أعدادها في أبوظبي، ومراقبة نمط هجرتها وإكثارها وإعادتها إلى موائلها الطبيعية.
أما المحمية الطبيعية الثانية، متنزه القرم الوطني، والذي يقع على الساحل الشرقي من مدينة أبوظبي، فيمكن استكشافها على متن قوارب التجديف التابعة لمنظمي الرحلات السياحية، وتغطي غاباتها مساحة 19 كيلو مترًا مربعًا وتوفر بيئة غنية لمختلف الأنواع البحرية والطيور.
وتمّ بناء منصة لقوارب التجديف والممرات الأرضية والمائية، وتوفير رحلات تعليمية، فضلاً عن أنّ الهيئة ستقوم بمراقبة جميع الأنشطة داخل المتنزه لضمان استمتاع الزوار بالطبيعة الخلابة، دون التسبب بأي إزعاج للحياة الفطرية.وتعتبر "قصر السراب" المحمية الثالثة، التي ستفتح أبوابها في وقت لاحق للجمهور، موطنًا لبرنامج إعادة توطين المها العربي، وحمايته من الانقراض.ويتعرف زوار المحمية على برامج الهيئة لحماية الحياة الفطرية المحلية في أبوظبي والتي تشمل المها والغزلان والزواحف والنباتات.
إلى ذلك، لفتت المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة بأبوظبي الدكتورة شيخة سالم الظاهري، إلى أنَّ "الهيئة تدير مناطق محمية عدة، تسهم في حماية التنوع البيولوجي في البر والبحر والجو، وتغطي أكثر من 13% من المساحة الكلية لإمارة أبوظبي"، موضحة "في ضوء استمرار الهيئة بحماية المناطق المحمية، يأتي افتتاح المحميات البيئية الثلاث بهدف تعزيز وعي المجتمع المحلي وزيادة تقديرهم لقيمة تراثنا البيئي".
بدأت أعداد كبيرة من هواة الاستكشاف، والتصوير، ومع إعلان الهيئة اعتزامها افتتاح المحميات أمام الجمهور، بتقييد أسمائها في كشوفات الهيئة للحصول على إذن لدخول المحمية.وأبرزت الهيئة أنها لم تكن تتوقع تسجيل هذا الكم من الطلبات في غضون أيام قليلة من الإعلان، مؤكدة تلقيها عددًا من المخاطبات الرسمية من شركات الترويج السياحي التي تعتزم القيام برحلات سياحية متكاملة تتضمن محميات أبوظبي.
وأكّدت الهيئة أن أعمال الإنشاءات وأعمال التطوير على المحميات تسير على قدم وساق تمهيدًا لبدء استقبال الزوار بداية تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مؤكدة الانتهاء من بناء برج خاص يتيح الاقتراب من طيور الفلامنجو دون تشكيل أي إزعاج لها، كما أنهت إنشاء محطات انتظار تطل على بحيرة المحمية الرئيسة، في حين تمضي أعمال بناء وتشييد ممشى خاص وفق معايير متوافقة مع البيئة.وتعتبر محمية الوثبة، التي تمتد على مساحة 5 كيلومترات مربعة، موئلًا للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية، وهي تعتبر الموقع الأول لتكاثر طيور الفنتير (الفلامنجو الكبير) في شبه الجزيرة العربية، حيث تستضيف نحو 18 ألف طائر منها أثناء فصل الشتاء، ومنذ عام 2011 تتكاثر طيور الفنتير بانتظام في محمية الوثبة.
وشهدت محمية الوثبة، إحدى المحميات الطبيعية التي تشرف عليها هيئة البيئة ـ أبوظبي، عملية التكاثر الناجحة الأولى لطيور الفلامنجو الكبير في شبه الجزيرة العربية.وفي العام الماضي تم الاعتراف دوليًا بمحمية الوثبة للأراضي الرطبة، وإعلانها كأحد مواقع قائمة "رامسار" للأراضي الرطبة لتنضم بذلك إلى أكثر من ألفي من محميات الأراضي الرطبة على نطاق العالم.ووفّرت هيئة أبوظبي، في أيار/مايو من العام الماضي، طائرات دون طيار لمراقبة طيور الفلامنجو الكبير فيمحمية الوثبة للأراضي الرطبة، ودخلت الخدمة فعليًا طائرتان يتم التحكم بهما عن طريق أجهزة تحكم خاصة، وتعمل الطائرات الجديدة على دعم جهود الهيئة في عمليات جمع البيانات اللازمة لتحديد أسبقيات الحماية والإجراءات الواجب اتخاذها، ضمن برامج المحافظة على الطبيعة والحياة الفطرية في الإمارة.
إلى ذلك، أوضحت المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في الهيئة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، أنَّ الهيئة تملك خططًا لزيادة أعداد تلك الطائرات قبيل نهاية العام الجاري، مشيرة إلى أنه "يمكن للطائرات التحليق لمدة نصف ساعة متواصلة قبل أن يتم إعادة شحن بطاريتها، وتتراوح سرعتها أثناء الطيران بين 10 و15 مترًا في الثانية".
وأضافت أنَّ "تدشين العمل بالطائرات الجديدة يأتي في إطار جهود الهيئة المتواصلة للاستفادة من أحدث التقنيات لدراسة ومراقبة التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي، وستقوم هذه الطائرات بالتقاط صور للمناطق التي يصعب الوصول إليها أثناء التحقق من أعداد هذه الطيور، دون الحاجة إلى الاقتراب منها".وأردفت "يستفيد خبراء الهيئة من الصور الدقيقة التي ستوفرها هذه الطائرات عن الطيور ومواقع تكاثرها، وهي تقنية مهمة ووسيلة فعالة لجمع البيانات من حيث التكلفة والوقت".
وبيّنت "تعتبر الطائرات من دون طيار من التقنيات الحديثة والتي سيتم توظيفها بشكل كبير في المستقبل لفهم الأنواع نظرًا لاستحالة المحافظة عليها في غياب البيانات الميدانية الدقيقة".وتابعت "يمكن اعتبار هذه الطائرات (رجالًا آليين) مجهزين بأجنحة وقادرين على الطيران والوصول إلى مناطق يصعب على خبراء الهيئة الوصول إليها، حيث يعتبر التعرف على مسارات الأنواع الهامة من الطيور وأنماط هجرتها جزءًا مهمًا من جهود المحافظة عليها وحمايتها وحماية المواقع الرئيسية التي تتواجد فيها".
واستطردت "من خلال عمليات البحث والاستثمار في أحدث التقنيات التي تدعم عمل الهيئة وجهودها، تستمر إمارة أبوظبي في اتخاذ خطوات واثقة نحو توفير حياة مستدامة، وذلك من خلال وضع المحافظة على التنوع البيئي والحيوي ضمن أولوياتها الرئيسية، نقوم باستخدام مجموعة واسعة من التقنيات لإجراء الدراسات والمسوحات الميدانية، ويشكل استخدام الطائرات من دون طيار لمراقبة أعداد طيور الفلامنجو إضافة جديدة إلى مجموعة الوسائل التقنية المتطورة التي نستخدمها للتعرف على التنوع البيولوجي والبيئي في إمارة أبوظبي وحمايته بطريقة أفضل".
ولفتت إلى أنّه "سيسهم هذا النوع من الطائرات في مساعدة الهيئة بالتحقق من أعداد الأنواع، وتوفير معلومات ذات دقة عالية وفهم أكثر شمولية للأنواع التي تجري دراستها".وأبرزت الظاهري "حرص الهيئة على استخدام هذه الطائرات لمراقبة مراكز إدارة الحياة الفطرية في الفاية والدليكة"، مضيفة أنّ "طائر الفلامنجو يزور دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل دائم، ويمكن مشاهدته على مدار العام في البحيرات الساحلية والمسطحات المائية وأحواض الصرف الصحي والسبخات والمناطق الرطبة على طول سواحل الدولة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر