الرباط -المغرب اليوم
لم يتردد الزوجان، سوزان ماشين وشارلز هانتوم في اختيار المغرب وجهة لهما، بعد أن أنهيا حياتهما المهنية كمحاميين ب المملكة المتحدة، تقول سوزان: " لقد قررنا العيش في المغرب، لأنه بلد تربطنا به علاقة قوية، منذ عشرات السنين"، بعدها بنيا ملجأ لإيواء عشرات الحمير المتخلى عنها، ويعتبرانه سفرا حياتيا لا نهاية له، كرسوا له قلوبهم وإيمانهم قبل اجتهادهم وكفاءتهم.
اشترى الزوجان بيتا نواحي مدينة مراكش جنوبا، وانتقلا إليه للاستقرار رسميا سنة 2010، اعتادا في بداية إقامتهما، زيارة المنظمة المتخصصة في حماية الحيوانات بشمال إفريقيا، والمعروفة اختصارا بـ SPANA، حيث اقترح عليهما أحد أطباء هذه المنظمة، تبني حمارا صغيرا اسمه "طومي"، والذي كان يعاني من اضطرابات سلوكية تميل إلى العنف، والتي لم ينجح الزوجان في معالجتها حتى بعد أن تم نقل الحمار إلى حديقة بيتهما، وباقتراح من المنظمة؛ قررا شراء أتان (أنثى الحمار)، الشيء الذي ساعد وبشكل ايجابي في تغير سلوك "طومي".
"أنا مهتمة جدا بسلوك الحيوانات، وبسرعة انتقلت حديقتنا من بيت لحيوانين فقط، إلى اثنا عشر حمارا، على إثر ذلك؛ قررت تأسيس جمعية تُعنى بالحمير، خصوصا المريضة منها أو المعاقة"، تقول سوزان في إحدى حواراتها التلفزية على قناة البي بي سي البريطانية، وتواصل حديثها؛ أنها مقتنعة جدا بحق هذه الحيوانات في الحصول على قسط من الراحة، أو حتى تقاعد عند الإصابة. سرعان ما كبر المشروع الإنساني، وبدأت الحيوانات تتوافد على الجمعية من الروافد المحيطة بها، وعلى إثر هذه الأعداد المتزايدة، تم تأسيس ملجأ جارجير الخاص بإيواء الحمير المتخلى عنها، والذي اتخذ حماية وتوفير الرعاية الطبية للحيوانات التي تعاني داخل المغرب، هدفا أساسيا لها، وكذا تشجيع المزارعين والعاملين الذين تُعتبر هذه الحيوانات الأليفة، شريكا أساسيا لهم في العمل، على توفير ظروف عيش أفضل لها، فالزوجان يؤمنان بأحقية العلاج للحيوانات كما الإنسان على حد سواء.
يُشغل الملجأ اليوم، أربعة عشرة عاملا، ويعيل بذلك أربعة عشرة أسرة من الساكنة المحلية، الأمر الذي لم يكن سهلا خصوصا في فترة الحجر الصحي، لكن أنشطة الملجأ لم تتوقف بفضل التبرعات التي يتلقاها بشكل دوري، وبذلك أصبح المكان؛ واحدا من أكبر محركات الاقتصاد الفلاحي بالمنطقة، نظرا للكميات المهمة من القمح التي يقوم المشرفون على الملجأ، بشرائها من المزارعين المحليين كل سنة، مما يوفر لهم دخلا محترما، ويبعد عن أذهانهم فكرة النزوح إلى مدينة مراكش باعتبارها الأقرب، للبحث عن لقمة عيش.
عندما تجد سوزان حيوانات جديدة للتبني، تتكفل بكل الإجراءات الإدارية لدخولها وخروجها، كما تقوم بتنشيط صفحات المؤسسة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوثق يوميا كل الأنشطة التي يقومون بها، من أجل تشجيع أكبر عدد ممكن من الناس على التبرع لفائدتهم، لضمان سيرورة عمل الملجأ.
"نحن فخورون جدا بفريق العمل، الذي يجتهد ويطور من قدراته، ويقدم مساعدات وعلاجات للحيوانات بمهنية وكفاءة قل نظيرها حتى خارج المغرب، ونحفز في شركائنا دوما؛ تلك الرغبة الجامحة على أن يكبر المشروع، ونكبر معه، لكننا لا نسعى أبدا أن نكون شركة تدر أموالا، هدفنا الأساسي؛ توفير العيش الكريم لعاملينا وشركائنا، وكذا الحيوانات، باعتبارها أساس تواجدنا هنا" تقول سوزان التي لا تتوانَ في تشجيع فريقها من العاملين، كما لا تبخل في توضيح دوره الأساسي في نجاح الفكرة من مهدها، بل أكثر من ذلك، لعب ملجأ جارجير دورا مهما، في التعريف بالمنطقة وفي خلق صلة وصل جديدة بين السكان والسياح، داخليين كانوا أو أجانب، من خلال الصور والفيديوهات التي تنشر على الموقع الرسمي للملجأ https://www.jarjeer.org/، والصفحات الرسمية.
قد يهمك أيضا:
عامل يعتني بصغير الحمار الوحشي بطريقة مؤثرة تفتن القلوب في كينيا
ظهور حالات شديدة العدوى لإنفلونزا الطيور في الصين
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر