الرباط - كمال العلمي
“الجفاف” كلمة مخيفة ولها معنى واحد لدى ساكنة الواحات جنوب شرق المغرب، وهي “الموت البطيء”؛ ذلك ما ينطبق على واحات النخيل بمناطق حوض المعيدر بإقليم زاكورة، المهددة بالموت البطيء والزوال النهائي، إن لم تتدخل الجهات المسؤولة لإنقاذ ما تبقى منها في المستقبل.إلى وقت قريب ،كانت واحات النخيل بحوض المعيدر تشكل مصدر رزق المئات من العائلات، بالإضافة إلى احتلالها موقعا إستراتيجيا وسط منظر طبيعي خلاب كان يمنحها خصوصية وجاذبية؛ لكن هذه الواحات اليوم أصبحت تشبه منطقة دمرتها الحروب، ما دفع بالساكنة إلى دق ناقوس الخطر، لتنبيه القطاعات الحكومية المعنية إلى أن الوضع أصبح لا يطاق.
حوض المعيدر، المكون من خمس جماعات ترابية بإقليم زاكورة وجماعة حصيا بإقليم تنغير، يعتبر من أكثر المناطق المغربية التي تعاني من أزمة الماء سواء الفلاحية منها أو الصالحة للشرب المخصصة للبشر. كما يعد هذه المنطقة من المناطق المغربية الأكثر تسجيلا لدرجات الحرارة في فصل الصيف؛ ما يجعل المواطنين يستهلكون هذه المادة الحيوية أكثر بثلاث أو أربع مرات من الفصول العادية.وكشف أحمد بلحسن، فلاح بالمنطقة، أن واحات النخيل بالمعيدر ظلت، إلى أواخر التسعينيات من القرن الماضي، مصدر رزق المئات من العائلات والأسر وعدد كبير من اليد العاملة ممن كانوا يحترفون غرس أشجار النخيل، قبل أن تتحول مع مرور السنوات إلى مجرد ذكريات في ذاكرة كبار السن، بفعل الجفاف الذي أفقد الواحة جماليتها، كما أفقد أشجار النخيل “جريدها”، وزادها طيش البشر الذي كان يستعمل جريد النخل في الطبخ، وهو ما زال يهدد ما تبقى من واحة النخيل بالتلاشي، وفق تعبيره.
وأضاف بلحسن، في تصريح، أن “أشجار النخيل متساقطة هنا وهناك، والأودية والسواقي جافة، والفلاحون يتخوفون من مستقبل “شبح” وجفاف يهدد وجود ثروة التمور المعروفة محليا بجودة إنتاجها، هذا هو حال الواحة ببلدة تزارين، وسط صمت رسمي وغضب الفلاحين”. “في حالة استمرار الجفاف في السنوات المقبلة فإن البشر سينقرض بشكل نهائي وليس فقط الواحات”، قال حمو سكنتي من ساكنة منطقة المعيدر، مضيفا أن “التدخلات التي تقوم بها القطاعات المعنية بين الفنية والأخرى غير كافية نهائيا”، مؤكدا أن “الوضع مقلق وخطير في هذه المنطقة، حيث أصبح المواطن لم يجد ما يروي به الظمأ ولم نعد نفكر حاليا في الفلاحة ولا في الواحة، وما نفكر فيه الآن هو بقاؤنا على قيد الحياة”.
وطالب المتحدث ذاته، في تصريح، الحكومة والقطاعات المعنية بإيفاد لجنة مركزية إلى المنطقة للوقوف على الأضرار التي ألحقها الجفاف بالواحة وبساكنتها، والبحث عن حلول معقولة لإنقاذ المواطنين من شبح العطش والموت.وتعليقا على الموضوع، قال مسؤول بإدارة مجلس جهة درعة تافيلالت إن مكتب مجلس جهة درعة تافيلالت يدرس، بتنسيق مع باقي الشركاء، مشكل الجفاف وتأثيره على الواحة؛ للوصول إلى حلول ناجعة وسريعة، مؤكدا أن هناك خطوات سيقوم بها المجلس الجهوي في هذا الإطار في الأسابيع المقبلة.وأوضح المتحدث ذاته أن من بين الحلول التي يقترحها المجلس الجهوي هو بناء السدود الصغرى والمتوسطة والتي لا تتطلب اعتمادات مالية ضخمة، موضحا أن خطر الجفاف على الواحات يعرفه الجميع وعلى القطاعات المعنية التنسيق فيما بينها لحماية هذا الموروث.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
تمور المغرب في خطر بسبب توالي حرائق الواحات
الواحات المغربية تصارع قسوة الجفاف وتوالي الحرائق في "جهة درعة تافيلالت"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر