لا تزال نتائج التدابير التي اتخذتها السلطات لمكافحة ظاهرة الكلاب الضالة ضعيفة، حيث لا تزال أعدادها تتزايد بشكل لافت خلال الشهور الأخيرة، بعد أن أصدرت وزارة الداخلية قرارا يقضي بعدم قتلها، تفاعلا مع مطالب الجمعيات المدافعة عن حقوق الحيوانات.
وكانت وزارة الداخلية قد أبرمت اتفاقية إطار للشراكة والتعاون مع كل من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ووزارة الصحة، والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، حول معالجة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة، بهدف الوقاية من بعض الأمراض الفتاكة المتنقلة عبر هذه الحيوانات، وتفادي ظاهرة تكاثرها بطريقة عشوائية، وتحسين محيط عيش الساكنة.
وتنص الاتفاقية المذكورة على جمع الكلاب والقطط الضالة، وإجراء عمليات التعقيم الجراحية لها لضمان عدم تكاثرها، وتلقيحها ضد داء السعار، وإعادتها، بعد التأكد من سلامتها، إلى المكان الذي تمّ جمعها منه، معتبرة أن هذه المقاربة ستمكّن من المساهمة في استقرار عدد هذه الحيوانات لينخفض تدريجيا بعد ذلك، مما سيساعد على احتواء هذه الظاهرة والسيطرة عليها.
في ضواحي مدينة الرباط، تم تشييد مستوصف جهوي خاص بالحيوانات، انتهت أشغال بنائه لكن لم يتم تجهيزه بعد، ولا يزال أحمد التازي، رئيس جمعية “أذان” للدفاع عن الحيوانات والطبيعة، التي تشتغل في هذا المجال منذ سنوات، ينتظر أن يُفتح هذا المستوصف الذي واكبت الجمعية التي يرأسها، إلى جانب شركاء آخرين، عملية إخراجه إلى حيز الوجود منذ البداية.
وبدأت جمعية “أذان” عملية تعقيم وتلقيح الحيوانات في مقرها بالرباط منذ سنة 2015، حيث وقعت اتفاقية مع المجلس الجماعي لمدينة الرباط، وأخرى مع ولاية الجهة، سنة 2019، بناء على مقتضيات الاتفاقية الوطنية لتدبير حيوانات الشارع، ولكن الطاقة الاستيعابية لمقر الجمعية تظل غير كافية، ما يجعل الحاجة ملحّة، كما قال ، إلى فضاء أكبر.
وأفاد المتحدث ذاته بأن المستوصف الجهوي للحيوانات تم تشييده من خلال استشارة خمس جمعيات دولية، قدمت تجربتها في بناء المستوصفات الخاصة بالحيوانات، لكنه أبدى تخوفه من إحداث جمعية أخرى لتدبيره.
وتابع قائلا: “نحن لا نريد سوى أن تسير الأمور في الاتجاه الذي يخدم المصلحة العامة، لتحصل حيوانات الشارع على الرعاية عوض قتلها، وتقديم صورة جيدة عن بلدنا، ونحن مستعدون بكل ما أوتينا من جهد وخبرة تتجاوز عشرين عاما أن نساهم في إنجاح هذه التجربة”.
وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قد أكد في جواب على سؤال لفريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، شهر يناير الماضي، أن الفضاء الذي يتم الاشتغال عليه في ضواحي الرباط لتجميع الكلاب الضالة، في إطار شراكة بين وزارتي الداخلية والصحة، والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، لا يزال في طور الإنجاز.
ويتضح، من خلال معاينة قطعان الكلاب الضالة المنتشرة بكثرة في مختلف المدن المغربية، أنها لم تخضع للتعقيم، ذلك أنها لا تحمل الحلقات المتعلقة بالترقيم أو الترميز الذي يعلق في أذن الحيوان بعد خضوعه للتعقيم الجراحي على يد البياطرة في المحاجز.
وتُقر وزارة الداخلية بأن ظاهرة الكلاب الضالة “تشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين، نظرا للأمراض التي قد تسببها، حيث تُعتبر الخزان الرئيسي أو الناقل للعديد من هذه الأمراض الخطيرة كداء السعار، ناهيك عن الإزعاج الناجم عنها وتأثيرها السلبي على محيط عيش الساكنة”، بحسب ما جاء في جواب لوزير الداخلية على سؤال كتابي آخر تقدم به فريق التقدم والاشتراكية شهر شتنبر الماضي.
وبلغ إجمالي الاعتمادات المالية التي خصصتها وزارة الداخلية لاقتناء سيارات ومعدّات لجمع ومحاربة الكلاب الضالة وداء السعار، خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحسب المصدر نفسه، ما يناهز 7 مليارات سنتيم.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر