الرباط - المغرب اليوم
منذ أكثر من ثلاث سنوات والمواطنون القاطنون بأقاليم الجنوب الشرقي للمملكة المغربية يطلقون تحذيرات من مخاطر حدوث جفاف غير مسبوق، خاصة مع تزايد انخفاض منسوب المياه الجوفية بسبب قلة التساقطات المطرية واستنزاف الفرشة المائية بزراعات مستهلكة للماء.كذلك دفع التدبير العشوائي للفرشة المائية بأقاليم الجنوب الشرقي للمملكة خلال السنوات الأخيرة، المواطنين إلى دق ناقوس الخطر من أن يؤدي إلى حالة من الجفاف وإلى كارثة إنسانية، وهو ما بدأت مظاهره تبرز فعلا، حيث هناك مناطق تشتكي ندرة الماء الصالح للشرب في عز فصل الشتاء، فما بالك خلال فصل الصيف.وبهذا الخصوص، أكد عدد من المهتمين بالمجالين الفلاحي والمائي بالجنوب الشرقي للمغرب، في تصريحات متطابقة لهسبريس، أن المنطقة تعاني موجة جفاف لم يعرف لها الجنوب الشرقي مثيلا منذ أكثر من 30 سنة، موضحين أن الجفاف ضرب عموم أقاليم درعة تافيلالت، وأن الساكنة مهددة بالرحيل القسري.
فصل الشتاء وندرة المياه
في وقت نبهت فيه عدد من الجمعيات المحلية بالجنوب الشرقي للمغرب إلى تفاقم أزمة ندرة المياه بصفة عامة، الصالحة للشرب والسقي، أكد عبد المجيد بناصر، فاعل جمعوي من مدينة زاكورة، أن منطقة الجنوب الشرقي أصبحت تصنف تحت خط الفقر المائي، متوقعا مزيدا من انخفاض نصيب الفرد السنوي من الماء بسبب الاستنزاف المفرط والاستغلال العشوائي للفرشة المائية.
وقال الجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، إن “الجنوب الشرقي يعاني في عز فصل الشتاء من ندرة الماء، ما ينذر بحدوث مشاكل خطيرة في فصل الصيف بسبب الانخفاض المهول لهذه المادة الأساسية في الحياة”، مضيفا أن “حدة الإشكاليات المتعلقة بالموارد المائية في المنطقة، من ندرة وتملح وتلوث، ازدادت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة”.من جانبه، أكد مصدر مسؤول بوكالة الحوض المائي لكير زيز غريس أن نسبة استغلال الطبقات المائية الجوفية بالجنوب الشرقي تعد مرتفعة جدا، وقال إن “خطر ندرة الماء في المناطق التابعة لوكالتي كير زيز غريس ودرعة واد نون حقيقة لا يمكن لأحد إخفاؤها”، مضيفا أن “هذا الخطر يتفاقم يوما بعد يوم، خاصة أن موعد فصل الصيف يقترب”.
وأبرز المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الاستغلال المفرط من قبل الفلاحين للفرشة المائية من خلال زراعات موسمية مستهلكة للمياه، ساهم بقدر أكبر، قد يفوق 50 في المائة، في مشكل ندرة الماء الذي يعيشه الجنوب الشرقي حاليا، موردا أن “هناك حلولا يمكن اللجوء إليها من أجل ردع مستنزفي الفرشة المائية، من قبيل تخصيص عدادات للفلاحين الذين يقومون بزراعة البطيخ الأحمر والأصفر والزراعات المستهلكة للمياه لتأدية مبالغ مالية مقابل كل طن من الماء المستهلك”، على حد تعبيره.وأكد عدد من المواطنين الذين تحدثوا لجريدة هسبريس بخصوص موضوع الجفاف وندرة الماء، أن خطر نزوج أهل الجنوب الشرقي نحو الداخل المغربي ممكن في أي وقت بسبب هذا المشكل الذي أصبح يهدد حياة البشر والشجر والحيوان على حد سواء، مطالبين الجهات المسؤولة، سواء على مستوى الحكومة أو القطاعات اللاممركزة، بأن تأخذ الأمر على محمل الجد.
حماية وتطعيم الفرشة المائية
كشفت مصادر متطابقة بكل من وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس والمديرية الجهوية للفلاحة بدرعة تافيلالت أن الأحواض المائية بالجهة تعاني من ندرة المياه وضعف حقينة السدود، موضحة أن “القطاعات المعنية اتخذت مجموعة من التدابير الاستعجالية الرامية إلى ضمان التزويد بالماء الصالح للشرب بمختلف مناطق الأحواض التابعة لها جهة درعة تافيلالت”.
حسن بنعدي، من ساكنة إقليم تنغير، قال إن “الفرشة المائية بأقاليم الجهة عموما متضررة بشكل خطير”، مضيفا أن “الجهات المسؤولة تعمل حاليا من أجل بلورة خطة عمل لحماية الفرشة المائية المتبقية والبحث عن حلول لتطعيمها في السنوات القادمة”، معتبرا أن “الجميع يتحمل المسؤولية في تضرر الفرشة المائية، خاصة الفلاحين أصحاب البطيخ الأحمر والزراعات المستهلكة للمياه بشكل مفرط”.وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “العديد من المناطق بجميع أقاليم الجهة بدون استثناء، تعيش على وقع ندرة الماء الصالح للشرب، ما يثير مخاوف الساكنة من تأزم الوضع في فصل الصيف الذي يتميز بحرارة مفرطة في الجنوب الشرقي للمغرب”.
ومن أجل حماية وتطعيم الفرشة المائية، طالبت حياة أعدو، من ساكنة إقليم ورزازات، الدولة ببناء سدود أخرى إضافية بالجنوب الشرقي، خاصة على الأودية الكبرى في الجهة، وذلك “من أجل حماية أراضي الساكنة من الفيضانات أولا، وتطعيم وحماية الفرشة المائية من الاستنزاف المفرط ثانيا”.وقالت المتحدثة لهسبريس إن “كميات مهمة من الماء تضيع أثناء التساقطات المطرية والثلجية بسبب غياب سدود لتجميعها”، مشيرة إلى وجود “واد كبير بزاكورة، يمر بجماعة تزارين نحو تغبالت والحدود الجزائرية، لو تم بناء سد عليه لتم حل إشكالية ندرة الماء بحوض المعيدر عموما”، بتعبيرها.
وتعليقا على موضوع بناء السدود، أكد مصدر مسؤول بالمديرية الجهوية لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء أن “الوزارة قامت في وقت سابق، بتنسيق مع القطاعات المتدخلة، بإعداد لائحة خاصة بالسدود التي يمكن إحداثها في السنوات الخمس المقبلة”، موردا أن “الجماعات المحلية يجب أن تراسل الوزارة من أجل دراسة المقترحات الممكنة”.وأضاف أن “الجماعات الترابية بالجهة لا تقوم بواجبها في العديد من المشاريع التي يحتاجها المواطن بهذه المنطقة”، موضحا أنه “يجب عليها أن تقوم بمرافعات في مجموعة من المجالات، خاصة في ما يتعلق بالقطاع المائي والسدود”، داعيا رؤساء الجماعات الترابية إلى القيام بواجبهم تجاه هموم وقضايا المواطنين.
قد يهمك أيضَا :
منيب تُؤكد أن ارتفاع الأسعار في موسم الجفاف يُؤدي إلى اتساع دائرة الفقر
مجدوبي يُؤكد أن البرنامج الاستثنائي يُمكن من دعم مربي الماشية المتأثرين بالجفاف
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر