انتقد جمال بنشقرون كريمي، النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، تسمية عقد الزواج بعقد النكاح، ذاهبا إلى القول إن فيها إهانة للمرأة، لأنها تحمل دلالات جنسية، وتكرّس سيادة السيطرة الذكورية.
بنشقرون طالب، خلال مداخلة له في ندوة نظمتها منظمة بدائل للطفولة والشباب، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، حول تزويج القاصرات، بتغيير اسم عقد النكاح إلى عقد الزواج، قائلا: "هذه التسمية إهانة للمرأة ويجب أن تُزال".
الرأي الذي عبّر عنه بنشقرون أثار اعتراض الحبيب غازي، رئيس اللجنة العلمية للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط، إذ قال إنّ النكاح في اللغة هو العَقد، وهو من المعاني والألفاظ المشتركة، موضحا أن القاعدة تقول بتقديم الحقيقة على المَجاز.
نقطة أخرى أثارت جدلا بين النائب البرلماني بنشقرون ورئيس اللجنة العلمية للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط، تتعلق بعدم إجراء الخبرة الطبية على القاصرات لتحديد سنّهن قبل تزويجهن، إذ قال بنشقرون إنّ هذه الخبرة "لا تتم في حالات كثيرة، وإذا تمّت لا تُجرى وفق قواعد مضبوطة".
وردّ الحبيب غازي بالقول: "هذا غير صحيح، حين ننصب اللفيف العدلي لتحديد سن الراغب في الزواج، واش غير كيجيو الشهود وكنسجلو داكشي اللي كيقولو؛ هذه تفاهات وتقوُّل على مهنة العدول، على الأقل الواحد يسوّل ليكون على بيّنة"، مضيفا: "لا نقوم بتحديد السن إلا بناء على شهادة طبية".
وشكك النائب البرلماني جمال بنشقرون كريمي في مصداقية شهادات الخبرة الطبية والاجتماعية التي تنصّ مدوّنة الأسرة على ضرورة إجرائها قبل الإذن للقاصر بالزواج، قائلا إنّ الشهادة الطبية "يقوم بها طبيب عاد، بينما المفروض أن تكون شهادة شاملة، فيها فحص جسدي وتحليل نفسي".
وبلهجة ساخرة واصل بنشقرون انتقاده للشهادات الطبية المسلّمة للقاصرين الراغبين في الزواج، قائلا: "كيعطيوهم جوج وريقات كيتّكتبو بفرنسية بحال الشينوية، وكيمشيو يتزوجو بهم".
القاضي عبد الحميد مبركي، عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، قال، تعليقا على كلام النائب البرلماني جمال بنشقرون، إنّ القضاة لا يمكن أن يأذنوا بتزويج أي قاصر إلا إذا كان الملف مستوفيا لجميع الوثائق، ومنها الخبرة الاجتماعية والطبية، قبل أن يستدرك: "الإشكال هل تلك الخبرة تُجرى، فعلا، على النحو المطلوب أم لا؟".
ورغم أنّ مدونة الأسرة حددت سنّ الأهلية للزواج في 18 سنة، فإنّ تركها هامشا لتزويج القاصرين بناء على تقدير القضاة يطرح إشكالا، خاصة في ظل عدم تحديد السنّ الأدنى لتزويج القاصرين، ما يجعل القضاة يبنون تقديرهم على اجتهادات شخصية، حسب القاضي مبركي، الذي أوضح: "نقوم بالاستماع إلى الفتاة القاصر، وبمجرد أن تبكي أثناء الاستماع إليها نقول إنها غير قادرة على الزواج، وإذا صرحت بأنها غير راغبة في الزواج، وبأنه فُرض عليها من طرف والديها نقوم بتعليل رفض عدم الإذن لها بالزواج بمبررات كالرغبة في مواصلة الدراسة وغيرها..دون أن نخبر وليّ أمرها بعلّة قرار الرفض".
المشاركون في ندوة منظمة بدائل للطفولة والشباب أجمعوا، باستثناء الحبيب غازي، رئيس اللجنة العلمية للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط، على ضرورة التنصيص على تحديد سن الزواج في 18 سنة، دون أي إمكانية لتزويج مَن هم تحت هذه السن.
في هذا الإطار قالت حياة مشتان، رئيسة جمعية صوت المرأة الأمازيغية، التي قدمت خلاصات دراسة ميدانية أنجزتْها الجمعية حول تزويج القاصرات، إنّ تزويج القاصرين في المغرب "ظاهرة مؤنثة ولا تمس الذكور إلا في حالات نادرة جدا".
ووفق المعطيات التي كشفتها الدراسة فإنّ تسعين في المائة من زيجات القاصرات تتم في البادية، وعشرة في المائة فقط في المدينة؛ "وهذا يعني أن هناك استغلالا لهذه الفئة الهشة أصلا، التي تتحدر من أسر فقيرة، وتكريسا للهوة الفاصلة بين الأطفال وبين الدولة، التي عليها أن تتخذ تدابير وإجراءات لحماية الأطفال، لكنها غائبة في هذا الجانب".
مشتان إلى القول إنّ القاصرات اللواتي يتمّ تزويجهن يتعرضن للاستغلال الجنسي، وأردفت بأنّ نسبة كبيرة من زيجات القاصرات تنتهي بالفشل، ما يدفعهن إلى الخروج إلى الشارع لامتهان الدعارة أو أساليب عيش أخرى، من أجل إعالة أنفسهن، وأطفالهن، في حالِ أنجبن.
بدوره قال محمد النحيلي، رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب، "إن تزويج القاصرات هو انتهاك لحقوق الطفل، والضحايا دائما هم الفقراء"، مضيفا: "يجب القطع مع كل التبريرات العاطفية التي يُعلّل بها الإبقاء على تزويج القاصرات"؛ بينما وصف جمال بنشقرون هذا النوع من الزواج بـ"سوق النخاسة"، وبأنه "اغتصاب للطفلات البريئات".
قد يهمك ايضا
دراسة تُعلن ارتفاع نسب زواج القاصرات في الأردن وتؤكد أنه بسبب لجوء السوريات
شابة يمنية تفوز بجائزة الأمم المتحدة في قمة "نيروبي العالمية"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر