"قل للمَليحةِ في الخمارِ الأسودِ.. ماذا فعلتِ بناسِكِ مُتعبّد" هكذا استهل أحد الشعراء والمغنين الظرفاء في الحجاز قصيدته، باعتبار لبس المرأة من خلال عباءتها وما تستر به وجهها، مصدرًا لأبيات الشعراء ومواعظ الخطباء، فلم يعد مشهد العباءة في السعودية اليوم، مظهرًا يسهل وصفه وشرحه، وإنما بات حالة مركبة أكثر تعقيدًا من السابق، بما حملته الساحة من مذاهب فكرية وشرعية، حيث بات المجتمع أكثر انفتاحًا عليها، وغدت العباءة أو ما درج على تسميتها محليًا بـ"العباية" صورة تختزل الكثير في طياتها، لمؤثرات وتحولات اجتاحت كلًا على حد سواء، ساحتي المحافظات والأقل محافظة من النساء في المجتمع السعودي.
وذلك بالأخذ بعين الاعتبار حرص المرأة واهتمامها بالتغيير في الملبس والزي، هو دافعها للبحث عن "الموضة"، سواء أكانت لأسباب "صحوية" أو بروز ظاهرة فنية وشخصية مشهورة، أو تأثرًا بمجتمعات عربية وإسلامية أخرى، قد يعد السفر أحد أبرز مسبباتها، وأخيرًا ظهر في السعودية لدى طائفة من النساء المحافظات ممن التزمن وواظبن على ارتداء عباءة الرأس، نمطًا جديدًا ومغايرًا عما شاع ارتداؤه من عبايات لدى النساء في السعودية، عرف بما يسمى بـ"الخمار" يشبه في هيئته اللبس الشامي والتركي، وتأتي صورة هذا الخمار بارتداء المرأة عباية كتف سوداء، وتسدل من على رأسها قطعة سوداء ثانية طويلة تصل حتى القدمين أو ما بعد منتصف الساقين، مع تغطية كاملة للوجه أو ارتداء نقاب أسود اللون.
ويعد زي "الخمار" هذا تقليدُ لما يسمى بـ"الملاية التركي"، وهو عبارة عن قطعتين من القماش الأسود تلف الأولى حول الجزء السفلي من الجسم من الوسط وحتى القدمين، والثانية توضع على الرأس وتسدل أطرافها على الجزء السفلي من الجسم حتى منتصفه وتغطية كاملة لليدين، ويرتدى مع هذه الملاية غطاء للوجه كان يسمى "بيشة".
لم تكن هذه المحاولة الأولى لمن حافظن على ارتداء عباءة الرأس بإحداث تغييرات ضمن سياقات المفهوم ذاته، متأثرات كغيرهن بما يشاهدن، ومبادرات لتطويع المبدأ، وفقًا لما قد يكون اختزالًا لرسائل إيديولوجية، أو استجابة لآليات الوقت المعاصر ومتطلباته، بالخروج للعمل أو للجامعات وتصريف الأمور المعيشية مستوجبة زيًا يتيح المزيد من حرية الحركة والتنقل، فظهرت قبله ما يعرف بـ"عباية كتف راس" سميت بعد ذلك بـ"العباية المغربية" لاقتباس التصميم منها.
وكان الغرض من ابتكارها متعددًا ما بين ضمان الحفاظ على نظافة العباءة من الأسفل وسهولة التحكم بها من على الرأس، وما بين الاستفادة بما يمكن أن تقدمه العباءة من مظهرين، الأول عباءة رأس والثاني عباءة كتف، تستفيد منه عدد من النساء أثناء مراجعة بعض الأجهزة الحكومية التي يتطلب ارتداؤها، كما ويسمح لها بالتخلص من الجزء العلوي بعد الخروج مباشرة والاكتفاء بوضعها على الكتف، واستخدمت كذلك كوسيلة احتيال من قبل بعض الفتيات ممن هن في المرحلة الثانوية أو الجامعية، إما هربًا من السلطة الأبوية أو سلطة المدرسة بفرض عباءة الرأس عليهن.
وامتازت التحولات في مشهد العباءة بالسعودية بالديمومة، وكان أكثر ما شهد من تغيرات أثناء المد "الصحوي" وخصوصًا ما بعد منتصف الثمانينات حيث بدأت ملامح الأدوار التي لعبتها كوادر نساء الصحوة بالبروز أكثر في الأوساط النسوية في ذلك الوقت، وكان أحد أهم الشعارات التي رفعت آنذاك محاربة ما سمي بـ"التبرج والسفور"، ومن هنا بدأت عباءة المرأة تتبدل عما كانت عليه في السبعينات وقبلها حيث شاعت موضة رفع العباءة إلى منتصف الجسد، ومع بداية الثمانينات كانت موضة وضع مادة "النشاء" على غطاء الوجه وسمي في ذلك الوقت بـ"التاج"، إلا أنه لم يظل كثيرًا، فعادت العباءة إلى الأرض، واستخدمت الأقمشة الثقيلة عوضًا عن الحرير، وتبع ذلك لبس ما يعرف بـ"الدسوس" أو القفازات.
وأثناء الغزو العراقي للكويت، واستقبال المجتمع السعودي للأسر الكويتية، استطاعت المرأة الكويتية التي كانت منقبة في كثير من الحالات أن تنقله إلى المرأة السعودية، وهو سرعان ما أثار حفيظة التيار الصحوي، فبدأ بالتحذير منه واعتبرها خطوة للسفور المتدرج.
وقبل الحديث أكثر عن تحولات العباءة وغطاء الوجه مع المد "الصحوي" وآلياته في ذلك، وبتتبع مراحل تطور زي العباءة وغطاء الرأس من النقاب والبرقع في المناطق السعودية، يلحظ من خلال ذلك ما لعبته "العباءة" بتنوعاتها، من وظائف مختلفة سواء أكانت كوسيلة للاتصال، أو لجذب الانتباه، أو للانفصال، ووسيلة للتعبير عن المكانة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي، وذلك ضمن ما يسمى بـ"سيكولوجية الملابس".
ووفق أحمد الوشمي وما سجله في كتابه "اللباس في التراث السعودي للمرأة والرجل"، يذكر فيه أن النساء في نجد وقبل ارتداء العباءة السوداء، تلفعن بالرداء وغطين وجوههن به مع كشف جزء بسيط لرؤية الطريق "المقصود به "الجلال" أو "الشرشف" بألوانه المختلفة"، حتى تطور إلى وضع غطاء خاص للوجه، عُرف بعدها البرقع، الذي ارتدته نساء البادية، أما صغيرات السن فيكتفين بوضع منديل على الرأس أو ما يسمى بـ"القحفية"، إلى أن تطور الأمر إلى لبس العباءة من قماش مستورد من قطن وحرير وصوف ونايلون مع تنوع التطريز عليها.
وعرف غطاء الرأس بأسماء مختلفة منها: شيلة "أم كريشة" التي اشتهرت بخشونتها، وشيلة "تريز" من القماش القطني أسود اللون عرف بخشونته، وشيلة "الحسا" من قطن خفيف جدًا، و"شيلة مرضوفة"، وشيلة "بور سعيد" ، كما عرف ما يسمى بـ"الملفع" وهو قطعة قماش سوداء مستطيلة، إلا أنها ليست من قماش "المنيخل" الذي عُرف لدى نساء نجد وإنما من الحرير، كما كان من أسماء الطرح ما عرف بـ "أم رحيلة" و"الغدفة" وهو مسمى الشيلة عند البادية إلا أنها أكثر سماكة، إلى ذلك كان ما يسمى بـ"المنديل" من ألوان متعددة يوضع على الرأس على شكل مثلث ويربط تحت الذقن، وغالبًا ما يكون باللون الأصفر، ويلبس دون غطاء أو نقاب، ليدل على أن الفتاة غير متزوجة.
ورغم احتفاظ العباءة باللون الأسود، إلا أنها اختلفت في نوع القماش الذي كان بداية من الصوف الخشن ثم الصوف الناعم فالوبر، وأخيرًا العباءات المنسوجة من الحرير، متباينة فيما بينها من حيث نوع التطريز، ومن العباءات ما عرف بعباءة "تبريز" قماش مستورد من تبريز في إيران، وعباءة "حايكة" للاستخدام اليومي، وعباءة "فيصول" من قماش الصوف الناعم الحالك السواد وهي غالية الثمن يستعملها ذو المستوى الاقتصادي المرتفع وتقدم كجزء من جهاز العروس، وعباءة "الحيرة" من الحرير السميك، وعباءة "دوك" للاستخدام اليومي.
كما أن للعروس عباءة خاصة بها عرفت بمسمى "الدفة" واقتصر استخدامها في نجد على منطقة القصيم، من قماش الجوخ يسمى "ماهود"، تزين بـ "التطريز" بخيوط مذهبة عرفت بالزري، في المنطقة المحيطة بفتحة الرأس وعلى خطوط الأكتاف، ومنطقة الصدر، كذلك كان الخمار مطرزًا من خيوط الحرير الخضراء، وأهداب مفتولة ملونة، كما عرف ما يسمى بطرحة "مريشة"، وجاءت تسميتها لوجود ريش وردي اللون في أطرافها، إلى جانب القبعات التي تعرف بـ"الطفاشة" مصنوعة من سعف النخيل ارتدتها النساء في تهامة والحجاز.
ضجيج معارك الصحوة
عقدان مضى على ضجيج معارك الصحوة في زي العباءة السوداء، الآتي لمحاربة "التغريب والعلمنة" وفقًا للدعاية الصحوية، كان آخرها ارتداء النساء والفتيات في السعودية وبالأخص في نجد العباءات الملونة، وحاول رجالات الصحوة استغلال بعض الأصوات من الشيوخ الرسميين في هذا الأمر، ودفعهم إلى المطالبة بسحب كافة العبايات الملونة والمزينة بالتطريز من الأسواق، الجدير بالذكر أن العباءة الملونة هذه هي ذاتها ما باتت ترتديها عدد من الداعيات والنساء الأكثر محافظة أثناء السفر إلى الخارج عوضا عن العباءة السوداء.
رقية الهويريني الكاتبة في صحيفة "الجزيرة" والداعية السابقة التي عايشت عصر الصحوة في منطقة القصيم، تؤكد أن العباءة في منطقة القصيم لم تكن بالصورة المشهودة حاليًا وإنما كانت خفيفة من قماش الحرير وترفع على اليدين بحيث تبدو وتظهر ملابسها ولم تكن بهذه الصورة التي هي عليها اليوم، وكانت تلقى قبولًا اجتماعيًا، إضافة إلى غطاء الوجه، فكان في أبسط صوره ولم يعرف لديها النقاب ".
وفيما يتعلق بالنقاب تفيد الهويريني من أن النقاب لم يكن دارجًا ومعروفًا في نجد بين أوساط النساء، حتى انتقاله إليهن بعد بداية الصحوة في مطلع التسعينات، من خلال نساء الكويت في أعقاب أزمة الخليج، وبهدف الوصول حينها إلى تأييد المتشددين له، اشترط وضع غطاء خفيف ساتر للعينين تسدله المرأة في حال تواجد الرجال الأجانب، مضيفة "ظهر نقاب آخر سمي بنقاب طائر البومة يحوي فتحات للعينين صغيرتين لا تخرج سوى عدسة العين، بالإضافة إلى نقاب العين الواحدة، ونقاب الشبك إلا أن ذلك لم يستمر طويلًا ".
وأفادت الكاتبة الهويريني أن النساء في نجد كن يخرجن قبل ظهور العباءة السوداء بما يسمى بالجلال أو شرشف الصلاة، كما وتكتفي بارتدائه في المنزل أمام أقرباء الزوج من أشقاء وأعمام"، وبينت "بعد ظهور الصحوة تغير النمط العام للملابس سواء أكان للرجل وللمرأة فباتت العباءة أكثر ثقلًا وسمكًا، إلى جانب ظهور ما يسمى الدسوس التي باتت تجارة رائجة، وتطور الأمر إلى اشتراط ارتدائها في المدارس والجامعات والأسواق، قائلة "كنا نقوم بجمع المال من المعلمات بهدف شراء جوارب اليدين والقدمين بهدف توزيعها على الفتيات".
وتابعت الهويريني ضمن ذكريات الصحوة مع زي عباءة المرأة وآليات تغييره "كنت مرشدة طلابية في مدرسة وكنت تابعة للطاقم الإداري بمراقبة الطالبات أثناء الدخول والخروج، وكنا نلزم الطالبات منذ مرحلة السنة الدراسية الرابعة، ورغم اعتراض أولياء الأمر على عباءة الرأس خشية على الصغيرات من السقوط، إلا أنه بقي أمرًا إلزاميًا من قبل إدارات المدارس للفتيات، وقد وقعت حوادث سقوط لطالبات من الباصات إلا أننا رفضنا الانصياع، كما وكنت أن أشارك في كتابة التعهدات على الطالبات بالالتزام بارتداء عباءة الرأس، رغم أنه لم يكن هناك قرار وتوجيه رسمي من قبل وزارة التربية والتعليم بذلك".
إلى ذلك كشفت الهويريني أنه ومن خلال رصد تطور العباءة يتبين أن العباءة وكما هي معروفة اليوم، ليس لها أي سند شرعي قائلة "لا شك أن المراة أمرت بالحجاب والستر للحفاظ على نفسها، إلا إذا نظرنا إلى ارتداء المرأة للعباءة لم ترتديها المرأة بكونها عباءة وإنما باعتبارها زيا".
اقتصاد العباءة في عصر الصحوة:
اشتمل العرض بالأسواق منذ منتصف الثمانينات وحتى منتصف التسعينات على أنواع مختلفة من حجاب وغطاء الرأس والنقاب منها الطرحة، والإيشارب، ومنديل الرأس، وبحسب دراسة نشرتها مجلة "الأسواق" في عددها الثامن يوليو 1995 بعنوان "أغطية الرأس النسائية"، فإن إجمالي كمية الواردات من أغطية الرأس النسائية قد أخذ بالتزايد خلال الفترة 1985-1990، حيث بلغت في عام 1985 ما يقارب 1864 طنًا، وتزايد إلى أن وصل إلى 2582 طنًا عام 1990، ووصل إلى 2815 طنًا عام 1993.
ويجدر التنويه إلى أن تخصيص دراسة بشأن أغطية الرأس تناولت الأعوام ما بين 1985-1993 ، حقبة المد الصحوي في الأوساط النسائية، ومستشرفة لمستقبل الغطاء حتى العام 2000 خلصت إلى وجود فجوة تسويقية في تلبية حجم الطلب على غطاء الرأس مقابل حجم الإنتاج المحلي، يعد إشارة لافتة وهامة إلى مدى استحواذ قضية عباءة وغطاء الرأس ضمن الأبجديات الصحوية وشعاراتها آنذاك.
ووفق الدراسة فإنه وبالرغم من كميات الطلب المتزايدة، التي قدرتها ارتفاع الطلب من 43 مليون وحدة عام 1994 إلى 48 مليون وحدة، إلا أنه لم يكن يوجد حينها سوى مصنع واحد في الرياض، ينتج أغطية الرأس النسائية بطاقة إنتاجية قصوى قدرها 237،2 ألف قطعة طرح وغطاء رأس، مقابل الاعتماد على تلبية احتياجات السوق من خلال الاستيراد.
فتصدرت الهند قائمة الدول الموردة لأغطية الرأس النسائية في السوق السعودية من حيث الكمية والقيمة، تليها كل من كوريا الجنوبية وباكستان والصين الشعبية، وبلغ متوسط سعر الطن من أغطية الرأس المصنعة من الصوف والقطن في عام 1985 ما يقارب 80 ألف ريال للطن الواحد، مقابل 85 ألفًا في عام 1993، من المصنعة من المواد التركيبية والصناعية والتي تغلبت على باقي المواد المصنعة.
هذا وتباينت أسعار البيع لأغطية الرأس بحسب المواد الخام المصنعة منها، فكان من أغطية الرأس المصنعة من الحرير، والتي تراجعت كميات استيرادها منذ العام 1988 حتى بلغت أدنى حد لها في عام 1993، وذلك خلافًا لأغطية الرأس المصنعة من الصوف، حيث شهدت نمواً متزايدًا في الكمية المستوردة فبلغ حجم الكمية المستوردة للعام 1985 ما يقارب 120 طنًا، تزايدت إلى 460 طنًا في العام 1993، بالإضافة إلى أغطية الرأس المصنعة من القطن، والتي وصلت كميات استيرادها في العام 1992 ما يقارب 712 طنًا، مستحوذة على الحجم الأكبر من إجمالي الواردات من أغطية الرأس.
وتنوعت مسميات أغطية الرأس والعباءة بحسب اختلاف المناطق السعودية فما كان يعرف بـ "الشيلة" أو الغدفة "الخمار أو الطرحة" لتغطية الرأس والشعر في نجد، أو ما سمي بـ "البخنق" الذي اقتصر ارتداؤه على الفتيات الصغيرات اللاتي في سن الزواج، وعرف غطاء الرأس التقليدي في المنطقة الشرقية بالنسبة للقرويات بحسب ما جاء في دراسة بعنوان "تاريخ أزياء الشعوب" للدكتورة "ثريا نصر"، بـ "أم رجولة"، أما سيدات المدن فارتدين "الملفع" وهي قطعة قماش سوداء اللون شفافة من القطن بالإضافة إلى لأنواع أغطية الرأس التي تستعمل في نجد، وعباءة "معصمة" نسبة إلى طريقة التطريز وتزيينها بخيوط الزري.
أما المنطقة الشمالية فعرفت العباءة فيها باسم "موزي"، وارتدت نساء البادية وشاحًا أسود شفافًا سمي بـ "الملفع" ويغطى به الجزء السفلي من الوجه، فلم يعرف بينهن البرقع أو القناع، وعرف كذلك حجاب "المقرونة" قطعة قماش سوداء على هيئة مثلث، إلى جانب غطاء رأس "سمبسر" ارتدته النساء الثريات، مع عصابة للرأس تسمى "صطفة".
وفي المنطقة الغربية عرفت النساء في منطقة الحجاز أنواع مختلفة من أغطية الرأس والحجاب، منها ما هو مكون من ثلاثة أجزاء "الشنبر" و"المحرمة" و"المدورة"، إلى جانب "المصون" و"الملفع" و"البخنق"، أما العباءة فعرفت "الملاية" وهي قطعة من القماش الأسود، مخطط أطرافها باللون الأبيض أو الفضي منسوجة من الحرير وكانت أجود أنواعها "الملاية الجاوية" نسبة إلى مكان استيرادها، ويغطى الوجه بـ"برقع" طويل من قماش قطني خفيف أبيض اللون، يزين أطرافه بورود صغيرة.
وفي غضون خمسينيات العقد المنصرم حلت مكانها "الملاية التركية" والتي لم تكن تسمح للعينين أو اليدين بالبروز، إلى جانب حجاب "الجامة" الذي عرف بالمنطقة الغربية، وهو مقتبس من الزي الأفغاني والباكستاني، حيث يوجد في هذا القناع قطعة مستطيلة صغيرة على هيئة شبكة عند منطقة العينين، وعادة ما كانت الجامة من ألوان متعددة منها الرمادي والأزرق.
المنطقة الجنوبية وعسير أنواع عديدة من أغطية الرأس الخاص بالمرأة داخل المنطقة الواحدة أو الإقليم أو القبيلة، إضافة إلى ما كانت ترتديه نساء القرى في عسير، وعادت ما تزين أغطيتهن بخيوط الحرير الأحمر وتطريزه، من بينها "البشكير" قطعة قماش بألوان متعددة زاهية، يلبس في الأعياد والمناسبات، أما البرقع فيختلف عن بقية البراقع في مناطق المملكة من حيث المظهر العام، ويصنع من القماش الأسود ويزين بالعملات الفضية، ويطرز بدقة بخيوط من الفضة، ويضاف إليه بعض الجدائل المصنوعة من الخيوط الذهبية.
قصة العباءة وأحاديثها في السعودية لم ولن تنتهي ستبقى مرآة تعكس من خلالها طيف المجتمع النسوي وألوانه الشتى، وكما للملابس على مختلف أنماطها سيكيولوجية تدور في فلكها، هناك كذلك "سيكولوجية العباءة"، تعبر، وتفصح، وترسل رسائلها، وما للمهتم بفهم هذه السيكيولوجية سوى أن يحجز موقعه في أحد صفوف طلب القهوة الصباحية والمكتظة بالنساء والفتيات، ليقف على التعددية في المجتمع النسوي بعد تخطيه فكرة "الزي الموحد" .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر