المرأة السورية بين سندان الجريمة وتدهور الأضاع الاقتصادية
آخر تحديث GMT 00:02:18
المغرب اليوم -

جهات تطالب بانتشالهن من قاع الفقر والحاجة

المرأة السورية بين سندان الجريمة وتدهور الأضاع الاقتصادية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المرأة السورية بين سندان الجريمة وتدهور الأضاع الاقتصادية

امرأة سورية
دمشق ــ المغرب اليوم

لا شكّ في أن الإجرام فعلًا وصفة قديمة قِدَم وجود الإنسان على الأرض، كما أنه فعل لا يتصل مباشرة بالجنس "رجل، امرأة" وإنما بقابلية ممارسته "استعداد نفسي - تربوي" من جهة، والظروف المهيّئة له من جهة أخرى "فقر، بطالة، غلاء، حروب، كوارث طبيعية وبشرية – اجتماعية".

ووفقًا لأبحاث تربوية ونفسية، فإن السرقة لا تُعتبر صفة أصيلة عند الإنسان، إنما هي عادة مُكتسبة دافعها إمّا قسوة الزمن من فقر وعوز ووضع اجتماعي متهالك "يُتم، طلاق، تفكك أسري، حروب أو كوارث طبيعية..."، أو أساليب تربوية سلبية نابعة إمّا من دلال مُفرِط يؤدّي إلى الأنانية وحبّ الامتلاك والاستحواذ على كل ما تقع عليه العين أو اليد، أو تضييق خانق على ما يحتاجه الأبناء أطفالًا كانوا أم مراهقين، لا سيما حين يكونون بصحبة أقران يستحوذون على كل ما يرغبون من مال أو لباس وأدوات زينة أو سواها، بالتالي فإن الرغبة في التقليد، أو الشعور بأن أولئك الأبناء ليسوا أقلّ من أقرانهم شأنًا هو ما يدفعهم غالبًا إلى السرقة من أجل الحصول على ما لدى أولئك الأقران.
 
في المقابل، هناك أطفال كثر في أعمار مُبكّرة يلجأون إلى السرقة ليس من أجل أي غاية، وإنما لجهلهم بأن هذا السلوك سلبي ولا يجب أن يتطاولوا على ممتلكات الغير، وبالتالي هي حالة طبيعية أثناء نمو الشخصية وتكوين قيمها وتجاربها.

ولعلّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي عايشها السوريون خلال عقود ما قبل الحرب، قد هيأت المناخ الملائم لانتشار أنواع مختلفة من الجرائم التي لم يعهدها المجتمع السوري من قبل، لا سيما في ما يخص المرأة التي دخلت هذا الميدان بنسب لا تُذكَر آنذاك قياسًا لما هي عليه اليوم في ظلّ الحرب الدائرة التي شرّعت قيمها أنواع الإجرام كلها لدى الجنسين معًا.

وأعلن مصدر قضائي نهاية نيسان/أبريل الماضي، أنه تمّ توقيف عصابات سلب عدة تقودها نساء، معتبرًا أنهن يلعبن دورًا كبيرًا في مسألة النهب والسلب، قائلًا "في اعتقادي هذا وضع شبه طبيعي في بلد تعيث فيه الحرب دمارًا وفسادًا على مختلف الصُعُد الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ما جعل من الجريمة ملاذًا وسبيلًا لتأمين لقمة العيش بحدودها الدنيا، بسبب البطالة المستفحلة وانعدام فرص العمل الشريف، لا سيما إذا ما كانت الباحثة عن العمل امرأة تقف وحيدة في مواجهة الواقع بمرارته وقسوته".

وتابع المصدر: "هناك حالات عدة رصدناها أو سمعنا بها، ريم، فتاة جامعية تعيش مع أمها المصابة بمرض عضال وتحتاج مبالغ طائلة للعلاج والغذاء، لم تترك بابًا إلّا وطرقته من أجل العمل بمرتّب يُعينها على مسؤولياتها الجسام من دون جدوى، وحين لم يعد الانتظار مُجديًا أمام صحة الأم وحياتها، لجأت لأحد زملائها كي يُساعدها، فكان العون بيع المواد المخدرة للشباب في الجامعة وخارجها، فقبلت مُرغمة على رغم الأخطار التي تُحيق بها، المهم أن تؤمّن علاج الأم ودواءها".

وأضاف المصدر: "قريبة لي تعرّضت للنشل من جانب مجموعة من السيدات وهي خارجة من المصرف الذي قبضت منه تعويض زوجها المُتوفى، حيث ادعت إحداهن أن زميلتها أُغمي عليها وتريد المساعدة لإنهاضها ووضعها في السيارة التي ستسعفها إلى المستشفى، فما كان من قريبتي إلّا أن قامت بالمساعدة بلا أدنى تفكير أو شبهة بأولئك النسوة اللواتي نشلن المبلغ كاملًا من حقيبتها التي وجدتها مفتوحة حين انطلقت سيارتهن مسرعة".

وأردف المصدر أيضًا بقصة أخرى: حيث "سيدة تزعم إشرافها على جمعية خيرية تؤهّل الفتيات والنساء للعمل في مهنٍ تُساعدهن على تكاليف الحياة، تُبدي من الحب والعطف والتعاطف مع الوافدات بطريقة لا تترك أدنى شك في مآربها، ولردّ الدين أو المعروف، تقبل بعضهن مُرغمة أو حرّة على اصطياد بعض الرجال الميسورين واستدراجهم، ومن ثمّ إمّا اختطافهم لطلب فدية تتناسب ووضع هؤلاء، أو الضغط على بعضهم وابتزازهم بعد تصويرهم في وضعيات لا تناسب مكانتهم الاجتماعية والأسرية".

أمّا محال الذهب والصاغة، فقد شهدت حالات نصب وسرقة عدة وحتى سطو، فمثلًا، هناك سيّدة تجرُّ عربة أطفال بداخلها طفل رضيع، توهم صاحب المحل بشراء بعض القطع، لكنها تريد أن تُريها لزوجها الذي ينتظرها خارجًا في سيارته لأنه لا يستطيع النزول منها فهو مُعوّق، وتقول لصاحب المحل سأترك ابني عندك ريثما أعود، ليكتشف بعد فوات الأوان أن العربة تضم لعبة تصدر صوتًا فقط.

وهناك من تنتحل صفة مندوبة مبيعات لمنتجات شركة ما، لا سيما ما يتعلّق بمواد التجميل والماكياج، لتستهدف ربات البيوت اللواتي يسعى بعضهن لاقتناء آخر صيحات الموضة في هذا المجال، فما إن تدخل الفتاة المندوبة حتى توهم السيدة بتجريب بعض أنواع العطور وشمّها، والتي ما هي إلّا نوع من مخدر يُدخل السيدة في حالة إغماء موقّت يسمح زمنه للفتاة بتفتيش البيت إن كان خاليًا وسرقة ما يمكنها حمله من مصاغ أو نقود.

لقد غدت ظاهرة العصابات النسائية التي تقوم بالسرقة والنصب والاحتيال أو النشل مُلفتة للانتباه بمقدار ما تُثير الخوف والهلع بين الناس، بحكم الأساليب التي تتبعها للوصول إلى غايتهن عبر طلب المساعدة أو مد يد العون لهن في مجتمع ما تعوّد يومًا أن يصدَّ امرأة ملهوفة أو مُستغيثة، وهذا بالتالي ما دفع كثرًا إلى رفض المساعدة حتى لو كانت لامرأة تحتاجها بصدق فعلًا، ما قلّص مساحة الرحمة والتآلف بين أفراد المجتمع.

إن الوضع الراهن بكل ما يحمله من ظواهر سلبية بالنسبة للجنسين معًا، يتطلّب من الجهات المعنية رسمية أو خاصة، العمل ليس على معاقبة أولئك النسوة أو تجريمهن، بل انتشالهن من قاع الفقر والحاجة، للعودة بهن إلى ما اتسمت به المرأة من حنان وعطف وكرامة تليق بها وبالمجتمع الذي تبنيه عبر أمومتها.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة السورية بين سندان الجريمة وتدهور الأضاع الاقتصادية المرأة السورية بين سندان الجريمة وتدهور الأضاع الاقتصادية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib