أشاد مؤيدو اليمين المتطرف الأوروبي، بقرار محكمة العدل الأوروبية، الذي يحظر إبراز أو ارتداء أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني في مكان العمل، وهو الحكم الذي طال انتظاره بعد الحملات الانتخابية في فرنسا وهولندا. وقررت العدل الأوروبية، في أول قرار لها بخصوص ارتداء الحجاب أثناء أوقات العمل الرسمية، منع الحجاب في إطار قانون داخلي لمؤسسة خاصة يمنع إبراز أو ارتداء أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني في مكان العمل، وهو ما اعتبرته أنه لا يشكل تمييزًا مباشرًا على أساس الدين أو العقيدة.
ويأتي الحكم المنتظر بالتزامن مع عشية الانتخابات البرلمانية الهولندية، التي تشهد مشاكل عديدة، بشأن ملف اللاجئين المسلمين، بينما في فرنسا مازال السباق مفتوحًا على مصراعيه، لخلافة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وأخذ سياسيو اليمين المتطرف على عاتقهم هذه المسألة.
وأشاد المرشح الرئاسي والمناهض للمسلمين في فرنسا، فرانسوا فيون، بحكم العدل الأوروبية، ففي اليوم الذي خضع فيه لتحقيق على خلفية اتهامه بسوء استخدام الأموال العامة، كشف في بيان له أن الحكم "رائعًا للغاية ومفيدًا للشركات والعاملين فيها على حد سواء"، مشيرًا إلى أن الحكم سيؤدي إلى تعزيز السلم الاجتماعي في أوروبا وخاصة فرنسا.
وكتب النائب البرلماني الفرنسي غيلبير كولار القريب من حزب الجبهة الوطنية المتطرف، ورئيس لجنة دعم مارين لوبان، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن حكم المحكمة جاء بمثابة تصويت من المحكمة للمرشحة ماريان لوبان.
وفي ألمانيا، رحب الحزب الشعبي اليميني، البديل من أجل ألمانيا، بالحكم، وقال مرشح الحزب في برلين، جورج بازدرسكى، في بيان له إن "حكم محكمة العدل الأوروبية أرسل الإشارة الصحيحة، فالطبع يتعين على الشركات السماح بحظر ارتداء الحجاب".
وأصدرت المحكمة، ومقرها لوكسمبورغ، قرارها في قضيتين في بلجيكا وفرنسا، تتعلقان بمسلمتين اعتبرتا أنهما تعرضتا للتمييز في العمل، بسبب ارتداء الحجاب.
وتابعت المحكمة أن "منع الحجاب في إطار قانون داخلي لمؤسسة خاصة، يمنع أي إبراز أو ارتداء أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني في مكان العمل، لا يشكل تمييزًا مباشرًا على أساس الدين أو العقيدة".
وفي القضية الأولى لم تكن سميرة أشبيتا ترتدي الحجاب عند توظيفها عاملة استقبال عام 2003، من قبل مجموعة "جي 4 أس" للمراقبة والأمن في بلجيكا، ولكن بعد ارتدائها الحجاب، طردت من وظيفتها في يونيو/حزيران عام 2006، بحجة أن حياد المؤسسة لا يسمح بارتداء رموز سياسية أو فلسفية أو دينية، وقالت الشركة إنها خرقت قواعد عرفية بحظر ارتداء رموز دينية.
وفي القضية الثانية، تعرضت مهندسة البرمجيات أسماء بوغناوي، للفصل من شركة "ميكروبول" الفرنسية، بسبب شكوى تقدم بها أحد العملاء في مدينة تولوز، بسبب ارتداء أسماء الحجاب خلال العمل. وطلبت الشركة من أسماء عدم ارتداء الحجاب بعد ذلك، إلا أنها أصرّت خلال محادثتها مع أرباب العمل على ارتدائه، ما أدى في النهاية إلى فصلها.
وبالنسبة للقضية الأولى، أخذت المحكمة بتوصيات خبرائها بالسماح للشركات بوضع سياسات تحظر ارتداء الرموز الدينية والفلسفية.
وقالت المحكمة إن قوانين الاتحاد الأوروبي تحظر التمييز على أساس الدين، لكن ما قامت به شركة "جي 4 أس"، يندرج في إطار معاملة الموظفين بالتساوي، بما أنه لا يتم استثناء أي أحد من حظر الرموز الدينية، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بـ"تمييز غير مباشر".
وأما القضية الثانية، قال المحامي العام إن أسماء تعرضت للتمييز العنصري، وأنها شخص تتمتع بكفاءة مهنية وتعرضت للفصل بسبب رفضها خلع الحجاب، واعتبرت المحكمة أن المتعامل مع شركة لا يمكنه أن يرفض خدمات هذه الشركة، إذا قامت بها موظفة محجبة.
ولم تفصل المحكمة في مسألة ما إذا كانت إقالة أسماء استندت على عدم التزامها بسياسات الشركة أم لا، لكنها قالت إن هذا الأمر يدخل في اختصاص المحاكم الفرنسية. وتوقعت صحيفة "سودويتش تسايتونغ" الألمانية، أن الحكم من سيؤدي إلى حدوث تغيير جذري في أحكام المحاكم الألمانية المتعلقة بالمسائل الشبيهة، وذلك لأنه منذ عام 2002، لا يمكن فرض حظر على ارتداء الرموز الدينية في مكان العمل باستثناء أسباب السلامة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر