بيروت - المغرب اليوم
لا زيارات ولا هدايا.. هكذا هو احتفال "عيد الأم" في لبنان، الذي كان يحظى باحتفالات صاخبة، وفعاليات في شتى الأنحاء، إلا أنه يبدو أن فيروس كورونا المستجد - لعنة العالم الجديدة - فرض واقعًا مغايرًا، على هذا الاحتفالية التي ينتظرها العالم من عام إلى آخر، ويصل عيد الأم هذه السنة إلى لبنان يتيم الأب والأم معا فقد بقي على مسافة من المحتفى بهن خوفا عليهن من انتقال عدوى «كورونا». فغالبية اللبنانيين غاب عن بالهم تاريخ 21 مارس (آذار) موعد الاحتفال بـ«ست الحبايب» لانشغالهم بكيفية مواجهة جائحة «كورونا». فالقلق الذي يعيشونه في كيفية مواجهة الوباء وانشغالهم بأساليب التعقيم والعزل، أنساهم مناسبة عزيزة على قلوبهم، كانوا في السنوات الماضية ينتظرونها من عام إلى آخر بحماس للتعبير عن مدى الحبّ الذي يكنونه لأمهاتهم.
ففي زمن الـ«كورونا» لا معايدات ولا زيارات ولا هدايا تلون هذه المناسبة. وصار فيه عناق الأم وحضنها ممنوعا على الأبناء انطلاقا من ضرورة الحفاظ على سلامتهن. وامتثل الأولاد لنصائح «منظمة الصحة العالمية»، وهي ضرورة الابتعاد عن الأشخاص المتقدمين في السن لأنهم أكثر المتأثرين سلبا بعدوى «كورونا» فيما لو التقطوها.
من هنا برزت أفكار احتفالية تواكب المرحلة التي نمر بها اعتمد فيها على هدايا رمزية مستوحاة من أسلوب حياة لم يسبق أن شهده اللبنانيون عبر التاريخ.
ومن بين الهدايا الرائجة في عيد الأم هذه السنة سلال القش التي تحتوي على مواد معقمة كالصابون والمواد المطهرة على أنواعها. ووضعت هذه السلع بين باقة ورود برية تتألف من زهور الخشخاش (كوكليكو) الأحمر والمارغريت الأصفر وأغصان الزيتون المقطوفة من الحقول والحدائق القريبة. وتصل هذه الهدية لمنزل الأم عبر خدمة الـ«دليفري».
وبعض الأبناء أضاف إلى هذه السلة المعقمة، صورا فوتوغرافية لأمهاتهم أخرجوها من ألبومات قديمة ووزعوها حول السلة لتضفي عليها ذكريات حلوة، على أمل اللقاء القريب بهن. وفي منطقة طبرجا الكسروانية عمد أحد المصورين الفوتوغرافيين لوقا طقي (أستاذ في جامعة ألبا) وتحت عنوان «خليك بالبيت»، إلى تصوير جيرانه في كل طابق من المبنى الذي يسكنه. وطلب منهم الوقوف في مداخل منازلهم وهم يرتدون ثيابهم وكأنهم يستعدون للاحتفال بالعيد. وراح يلتقط لهم الصور من بعيد، طالبا منهم التعبير عن الشوق الذي يجتاحهم لملاقاة أمهاتهم في ظل إجراءات عزل مفروضة عليهم. وبعد إرسال هذه الصور إليهم والتي تجمعهم مع أفراد عائلاتهم، يقومون بإرسالها بدورهم عبر أجهزتهم الخلوية إلى أمهاتهم للتأكيد بأنهم لم ينسوهم. فالمناسبة ورغم كل شيء تسكن فؤادهم وتشعرهم بالأسى لعدم استطاعتهم وضع قبلة على جبين من بذلت تضحيات كثيرة من أجلهم. والمعايدة ولو عن مسافة بعيدة تبقى أفضل وسيلة يعتمدونها في صورة تذكارية يرسلونها لهن.
إقفال تام للمحال والمراكز التجارية يطبّق في لبنان، عملا بحالة التعبئة العامة المفروضة من قبل الدولة اللبنانية. وهذا الأمر تسبب في غياب تام لباقات الورد، والقلوب الحمراء البلاستيكية المنفوخة، وما إلى هنالك من أصناف هدايا كان الأبناء يقدمونها لأمهاتهم في هذه المناسبة. فظهرت هدايا من نوع آخر، ترتكز على مواقع التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى. فتجمع الأحفاد يرسمون مع أهاليهم قلوبا افتراضية بأياديهم خلال اتصال هاتفي يقومون به عبر خدمة «واتساب» الإلكترونية. فيما عمد بعضهم إلى تزيين غرفهم ببطاقات معايدة رسموها بأنفسهم ليطلوا بها مع موسيقى أغنية «يا ست الحبايب» للراحلة فايزة أحمد و«حبيبة أمها» للراحلة صباح أيضا ضمن «فيديو كول» يجرونه مع جدّاتهم.
وعمد بعض الأبناء أيضا إلى تقديم هدايا تساهم في إضفاء بعض الترفيه على يوميات أمهاتهم. فأجروا اشتراكات شهرية وأخرى سنوية مع منصات إلكترونية كـ«نتفليكس» و«شاهد» و«ستارز بلاي» وغيرها وقدموها لهن تحت عنوان «تسلّي وخليك بالبيت».
وخصصت بعض التعاونيات عبر خدمة «أون لاين» التي يعتمدونها لائحة هدايا يستطيع الأبناء تقديمها لأمهاتهم في هذه المناسبة. وتتألف من مجموعة أكياس خضار وأسماك ولحوم مثلجة وحلويات وأنواع خبز، بحيث يتم إرسالها عبر خدمة التوصيل المجاني (دليفري) إلى مركز سكنهن. أما الهدايا التي اتبعها أهالي القرى والبلدات فتمثلت بباقات ورد ومجموعة خضار طازجة يقطفونها من بساتينهم ويتركونها في صناديق بلاستيكية أمام أبواب أمهاتهم.ش
وقد يهمك ايضا:
خبير روسي يتنبأ بظهور فيروسات وبائية أكثر خطورة
"فوجي فيلم" تنتج عقار يساعد المصابين بـ”كورونا” في التعافي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر