طالبت الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء بإصدار قانون شامل للوساطة بشكل عام، وللوساطة العائلية بشكل خاص، اعتبارا للخلافات الزوجية والأسرية المتنامية في ظل جائحة “كورونا”، الأمر الذي يستدعي “مهننة” ومأسسة الوساطة بالمغرب في المستقبل القريب.
وتكتسب الوساطة أهميتها، بحسب المذكرة المطلبية الموجهة إلى الجهات الوزارية المعنية، لدورها في حل النزاعات العائلية، سواء كإجراء قبلي أو بعد اللجوء إلى المحكمة، وهي بمثابة جواب على مطالب النساء ضحايا العنف اللواتي يعانين من خصومات مع أزواجهن بشكل مباشر، أو نتيجة تدخل عناصر أخرى من المحيط العائلي.
وأبرزت الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، من خلال المذكرة التي تتوفر وسائل إعلامية على نسخة منها، أنها راكمت تجربة مهمة في مجال محاربة العنف ضد النساء منذ تأسيسها سنة 1995، عن طريق إحداث مركز للاستماع والإرشاد القانوني والدعم النفسي للنساء ضحايا العنف، أضافت إليها تجربة جديدة للوساطة العائلية سنة 2007، ضمن مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار البعد النفسي والاجتماعي والقانوني والاقتصادي.
لذلك، دعت الجمعية إلى استحضار التجارب الدولية الناجحة في مجال الوساطة، التي حققت ممارسة مهنية ناجحة أثمرت العديد من النتائج المهمة على أصعدة كثيرة، من أجل إصدار قانون شامل ينظم الوساطة العائلية والأسرية بالمغرب.
فعلى الصعيد الوطني، تبقى النصوص القانونية المعتمدة كمرجعية لمسطرة الوساطة منحصرة، وفق الجمعية، في القانون 05-08 للتحكيم والوساطة الاتفاقية، ذلك أنه وضع مجموعة من الشروط الشكلية التي تؤسس لعملية الوساطة عبر إبرام اتفاق الوساطة كتابة، وتقيّد الوسيط بأحكام السر المهني أثناء سير مسطرة الوساطة مع احترام الآجال المخصصة لذلك.
وعلاقة بالتشريعات الدولية، أشارت المذكرة إلى مجموعة من التجارب الناجحة في العالم، في مقدمتها التجربة الأمريكية التي بدأت العمل بالوساطة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، بوصفها مقاربة جديدة مكملة للقانون في مجال تسوية النزاعات الأسرية المرتبطة بالطلاق وتدبير شؤون الأطفال.
وتنقسم الوساطة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نوعين، تبعا للوثيقة ذاتها، وساطة قضائية ووساطة اتفاقية، ويتم اللجوء إليها وفق مجموعة من الشروط، من بينها التكافؤ بين الأطراف، عدم وجود عنف بين الطرفين أو على الأطفال، ألا يكون أحد الطرفين متعاطيا للمخدرات، وغيرها.
أما التجربة الكندية، فهي تعتبر مسطرة إرادية حسب قانون 1985، قبل أن يصدر قانون جديد ينظمها سنة 1997، على أساس أنها إجراء طوعي يكون قبل أو أثناء المسطرة القضائية، وهو ما يتطلب تخصيص جلسة لإخبار الأطراف بإمكانيات اللجوء إليه، ناهيك عن كونه يكون بأمر من المحكمة.
وبالنسبة إلى فرنسا، فقد بدأت العمل بالوساطة في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وتبنت النظام الكندي؛ ففي سنة 1988 تأسست مصلحة الوساطة الأسرية فقط على هامش القضاء، ثم برزت الوساطة بوصفها رابطا بين ما هو قضائي وما هو اجتماعي سنة 1995، ليتطور ذلك إلى إحداث جمعية الارتقاء بالوساطة، فإنشاء اللجنة الوطنية للجمعيات ومصالح الوساطة الأسرية.
واستعرضت مذكرة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء مراحل الوساطة المعمول بها على الصعيد الدولي، موردة أنها تبتدئ بمرحلة الإعداد التي يتم التعارف فيها بين أطراف النزاع لخلق الجو المناسب للحوار، تليها مرحلة تقديم الوساطة التي تشرح دور الوسيط وأهدافه ليتم الاتفاق على قواعد سير الجلسات وكذا الإطار الزمني المتوقع، تتبعها مرحلة الشروع في الوساطة التي تستقبل فيها الأطراف، ويتم الاستماع والتلخيص، والبحث عن المصالح، وتحديد نقاط الاختلاف والالتقاء.
ووقعت على مذكرة مأسسة الوساطة بالمغرب الجمعيات الوطنية التالية: اتحاد العمل النسائي، جمعية عين غزال، جمعية تطلعات نسائية، جمعية الخير النسوية، جمعية الانطلاقة النسوية، جمعية نعمة للتنمية، جمعية الألفية الثالثة، فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، جمعية النخيل للمرأة والطفل، وجمعية دعم المركب الاجتماعي ابتسامة.
قد يهمك ايضا :
جميلة المصلي تؤكّد ضرورة تطوير جيل جديد من مؤشرات حماية الطفولة
جميلة المصلي تترأس وفد المغرب في "اجتماع عربي"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر