فاس- حميد بن عبد الله
تنظم المدرسة العليا للأساتذة في مدينة مكناس المغربية، يومي 14 و15 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ندوة دولية في موضوع "الفنون في الجامعات والمعاهد العليا المتخصصة، رهانات التكوين والتنشيط"، بمشاركة مجموعة من الباحثين الجامعيين والمهتمين، الذين يتدارسون محاور متعددة ومتنوعة، تصب في صلب هذا الموضوع.
ويناقش المشاركون في مشروع إنشاء مؤسسة جامعية متخصصة في الفنون، وتحديد مهامها، والتصورات البيداغوجية، والمسارات الأكاديمية الكفيلة بإنجاحها،
عقب تدارسهم محاور "الفنون في الجامعات والمعاهد بين التكوين والتنشيط، والتجارب الجامعية الدولية في مجال تدريس الفنون، والأوضاع البيداغوجية والأكاديمية للمعاهد الفنية المغربية المتخصصة".
ويتطرق المشاركون، طيلة يومين، في جلسات مختلفة، بالدرس والتحليل، إلى مفهوم التعليم الفني الجامعي، وأهدافه ومساراته البيداغوجية، وديداكتيك الفنون، مع تدارس أوضاع الفنون في الجامعة المغربية، من حيث التخصصات والبرامج والمقررات ووحدات التكوين والمسالك، والفنون والبيداغوجيا الجامعي".
واقترحت الجهة المنظمة هذه المحاور، وفتحت باب المشاركة لكل المعنيين فيها، معينة لجنة علمية تتكون من أساتذة التعليم العالي في المدرسة العليا للأساتذة في مكناس حسن يوسفي، ومحمد أمين، ومحمد عفط، وإدريس مسكين، تستقبل ملخصات المساهمات المرتقبة في حوالي 250 كلمة، مرفقة بموجز عن السيرة العلمية، في أجل لا يتعدى الخميس المقبل.
وتتوخى الندوة القيام بتشخيص دقيق لأوضاع الفنون في الجامعات والمعاهد المغربية، واقتراح البدائل، بغية تحقيق الرهانات المرجوة منها، على صعيدي التكوين والتنشيط، والإفادة والاستفادة من تجارب دولية رائدة في هذا الباب، سواء في الوطن العربي أو أوروبا وأميركا وآسيا، واستحضار تراكماتها ومقترحاتها في كل منظور مستقبلي بشأن الفنون في الجامعة المغربية.
وتأتي الندوة في وقت تعرف فيه الفنون، في اختلاف أنواعها وأجناسها، حضورًا قويًا ومتوازنًا في التعليم الجامعي دوليًا، تعكسه أوضاعها البيداغوجية، والإشعاعية، في كليات ومعاهد ومراكز ومحترفات ومختبرات ونواد فنية متنوعة، فيما تعيش الفنون في الجامعة المغربية وضعية ملتبسة وغير مستقرة وغير متوازنة، على صعيد التكوين أو التنشيط.
ويتفاوت الحضور الجزئي للفنون في الجامعات المغربية ما بين جامعة وأخرى في المسالك والشعب والوحدات المبرمجة فيهما، فيما تعرف مؤسسات جامعية حركية نسبية على صعيد التنشيط الفني، في حين تعيش أخرى على إيقاع الجمود، وغياب الإشعاع الثقافي المتصل بالفنون، بل إن الفنون فيها لا تحظى بالاهتمام المعرفي والأكاديمي والإشعاعي المأمول.
وتبقى أوضاع التعليم الفني في المغرب، جامعيًا كان أو غير تابع للجامعة، يحتاج لمساءلة قوية على أصعدة متعددة، بينها الوضع البيداغوجي والديداكتيكي المتصلين بالتكوين، ومساراته وأهدافه ومسالكه ومحتوياته، والجانب المتصل بالتنشيط من حيث بنياته وآلياته وأوضاعه وانعكاساته على الأوضاع السوسيولوجية، والسيكولوجية للطلاب، ومساراتهم العلمية والمهنية والحياتية.
ويكاد التنشيط يقتصر على المسرح، الذي يحضر في غالب الجامعات بكيفية ظرفية، عبر المهرجانات الجامعية الوطنية والدولية في الدار البيضاء، وأغادير، وفاس، وطنجة، ومراكش، ووجدة، بالتوازي مع بعض الأنشطة المتفرقة، وغير المنتظمة، بشأن السينما والفيديو، فيما تغيب كليًا تظاهرات جامعة وازنة بشأن الموسيقى والرقص والفنون التشكيلية والفنون الرقمية الجديدة.
وفي شأن التكوين، تعيش الفنون إما خارج دائرة الانشغال الأكاديمي، أو على هامشها في مختلف الشعب والمسالك الجامعية، لاسيما في كليات الآداب والعلوم الإنسانية، رغم بعض المحاولات التي بوأت المسرح مكانة علمية، إما من خلال برمجة وحدات مسرحية في سلك الإجازة، أو عبر فتح مسالك للماستر، أو مختبرات للدكتوراة في الدراسات المسرحية.
ويبقى الحضور العلمي لهذا الفن في الجامعة محدودًا وخاضعًا لظرفيات تتفاوت بين مؤسسة وأخرى، فيما تحتاج الأوضاع البيداغوجية والأكاديمية التي تعيشها هذه المؤسسات، لاسيما منها "المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي"، و"المعهد الوطني للفنون الجميلة"، لاعتبارهما نموذجين في هذا الإطار، إلى وقفة تأملية لمراجعة مسارات التكوين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر