فاس ـ حميد بنعبد الله
قرّرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر المغربية هدم الحي الجامعي الأول في ظهر المهراز في مدينة فاس، المخصص لإيواء الطلاب، للخطر الذي أصبح يُشكِّله بالنسبة إلى القاطنين والعاملين فيه، بالنظر إلى التصدّعات البارزة على جدرانه وهشاشة بنايته التي تعود إلى الفترة الاستعمارية، حيث شكّلَت ثكنة عسكرية للجيوش الفرنسية المستعمرة، فيما اعتبرها الطلاب خطوة لترحيل الفرع برمته وضرب احتجاجاتهم.
ويأتي هذا
القرار بعد نحو أسبوع من قرار مماثل اتخذته إدارة الحي الجامعي المذكور ساعات قليلة قبل فتحه في وجه الطلاب، الذين سبق أن استبشروا خيرًا بإعلان سابق للإدارة بشأن فتحه، مما أثار غضبهم وأجّج حنقَهُم بالنظر إلى المشاكل التي ستعرفها عملية نقلهم إلى ملحقة الحي الجامعي سايس، البعيدة ببضعة كيلومترات عن الحي الجامعي الذي تقرّر هدمُه.
وجاء قرار الهدم المتخذ من قبل المكتب الوطني للأعمال الجامعية والثقافية التابع للوزارة، بناءً على نتائج دراسات مختصة أُجريت على البناية، بما في ذلك الخبرة التقنية من طرف المختبر الوطني للدراسات والتحاليل، التي أكَّدت هذه الحقيقة ووجود خطر متواصل على الطلاب القاطنين، وكذا التقرير الذي أنجزته لجنة تقنية منتدَبة من قبل ولاية جهة فاس بولمان.
وكرد فعل على هذا القرار، سارعت "نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" في فاس، إلى نشر توضيح بشأن الدوافع الحقيقية وراء إغلاق الحي وترحيل قاطنيه، عقب تدخل أمني لمنع اقتحامه من قبل الطلاب القاعديين، بعدما نشرت إدارته بلاغًا أكَّدت فيه إغلاقه وملحقته المعروفة باسم "الديرو" في وجه الطلاب والطالبات وترحيلهم إلى الحي الجامعي سايس.
وأكّد بيان لهذه النقابة المحظورة أن "السبب المباشر وراء القرار، هو "تسهيل عملية تنفيذ القرار وإحباط أي رد فعل طلابي، متحدثًا عن محاولات لتفكيك الفرع الجامعي في ظهر المهراز، معتبرًا أن إغلاق الحي وهدمه "مجرد فرش الأرضية إعلاميًا وسياسية تحت مسمّيات عدّة، في أفق تحقيق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية في هذا الموقع الجامعي".
واعتبر ذلك محاولة لضرب الحركة الطلابية في "القلعة الحمراء" لما شكّله ويشكِّله نضالها من عرقلة لتطبيق "مخططات حرمان أبناء الشعب من الحق المقدس في التعليم، خاصة أمام امتداد الاحتجاجات إلى الشارع العام وتأثيرها عليه"، حسب البيان، مؤكدًا أن الموقع يثير أطماع الاستثمار السياحي والعمراني، متحدثًا عن خطة محبطة لترحيل الجامعي برمته.
وأوضح بيان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أنه منذ بدء عملية وضع ملفّات طلب السكن في الحي الجامعي الأول، كان الطلاب يملؤون ملفّات خاصة بهذا الشأن معنونة بـ "الحي الجامعي الأول، ظهر المهراز"، موازاة مع الإصلاحات الجارية على قدم وساق في بناية الحي، من خلال تركيب زجاج النوافذ المكسرة وإصلاح المراحيض وصباغة الجدران ونقل الفرش إلى الغرف.
وتساءل بيان هذه النقابة الطلابية عن سرّ عدم إخبار الطلاب بالخطر الذي يُحدِق بهم جراء التصدّعات التي أكّدتها الخبرتان (الدراستان) اللتان شكّك في إجرائهما، خاصة أن خبرة (دراسة) سابقة طالت الجناح المغلق من الحي ذاته قبل ستّ سنوات، وأكّدت أنه "سينهار في وقت قريب" قبل أن تُقرّر الإدارة إغلاقه، متسائلاً عن سرّ عدم انهياره، وترحيل الطالبات قاطنات حي الديرو.
وسيتمّ حسب وزارة التعليم العالي المغربية إعادة إسكان 1400 طالب كان منتظرًا إيواؤهم في الحي الجامعي الأول، في ملحقة الحي الجامعي سايس، في الوقت الذي سيتم فيه توجيه العدد ذاته من الطالبات إلى الحي الجامعي سايس الجديد (سايس 3)، الذي تبلغ قدرته الاستيعابية 2232 سريرًا، مشيرة إلى إغلاق البنايات القديمة في الحي الجامعي سايس للذكور.
وأكّدت الوزارة أن النقص المسجل في عدد الأسرة بالنسبة إلى الطلاب بعد إغلاق الحي المذكور ستتم تغطيته بـ 1400 سرير في ملحقة سايس، و1800 سرير في الحي الجامعي سايس، ما ستنتج عنه طاقة استيعابية إضافية تصل إلى 1280 سريرًا، موضّحة أن الطالبات ستستفدن من قدرة استيعابية إضافية تصل إلى 832 سريرًا، مقارنة بما كان مخصصًا لهن السنة الماضية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر