الكويت ـالمغرب اليوم
صدر في الكويت أخيرًا كتاب يستحق القراءة والتأمل، من تأليف كيرتس جي بونك، وهو أستاذ نُظُم تكنولوجيا التدريس في جامعة إنديانا الأميركيّة، حمل الكتاب عنوانًا مثيرًا هو "العالم المفتوح "كيف تصنع تكنولوجيا الـ "ويب" ثورة في التعليم"، وأنجزت ترجمته الزميلة غادة العمودي.
وعلى مر التاريخ كان تعلم الإنسان يتشكّل دومًا من قدمٍ منغرسة في إنتاج المعرفة، وأخرى متمرسة في نشرها وتمكين الوصول إليها، وتقدّم شبكة الإنترنت قاعدة مكينة وأساسًا راسخًا للقدمين كلتيهما، ويتمثّل ذلك في تسهيلها عمليات الوصول إلى المعرفة وآليات العمل على انتشارها، والأرجح أن محرّكات البحث الشبكيّة كـ "ياهو" و "غوغل" غيّرت أساسيّات التدريس، وأخرجت تكنولوجيا الشبكات مارد التعليم المفتوح عالميًّا من القمقم، وبات باستطاعة كل شخص ما يريد في الوقت الذي يناسبه، ومن المصدر المتلائم مع ميوله وتطلعاته.
وكي يساعد المدرّسين وكل من يهمهم أمر التعليم على فهم إمكانات التكنولوجيا الشبكيّة وطرق الاستفادة منها، يقدّم المؤلف نموذجًا رياديًّا يسمّيه "كلنا نتعلم" We-All-Learn. إذ يتضمّن عشرة مفاتيح تكنولوجيّة في التعلّم تتآزر مع مجموعة من الاتّجاهات في طرق نقل المعرفة، ويخلص للقول بأن التقنيّات الشبكية بدّلت الفرص التعليمية للمتعلمين من الأعمار كافة، في شتى أصقاع المعمورة.
ويستطيع التعليم عبر الشبكة العنكبوتية استيعاب ملايين الأفراد الساعين للترقي في المعارف، بل ربما الاستمرار في التعلّم مدى الحياة أيضًا.
آفاق أكثر اتّساعًا
من أجل التقدّم الوظيفي، وزيادة الثقة بالنفس، وتدعيم الاعتبار الذاتي، وتلبية حاجات اقتصادية مختلفة، ينتسب ملايين الأفراد إلى صفوف التعلّم عبر الشبكة "أون لاين ليرننغ" On- Line Learning"، والتعليم المدمج الذي يجمع التقليدي والافتراضي سويّة، ويلاحظ كتاب "العالم المفتوح" أنّ بعضهم يكملون التدرج علميًّا سعيًا منهم للحصول عبر الـ "ويب" على شهادات ووثائق اعتمادات أخرى، وغالبًا ما يكون ذلك بديلًا من الخطو في صف دراسي حقيقي، أو التنازع على آخر موقف للسيارات في الحرم الجامعي.
وبقول آخر، صار الآلاف ميّالين إلى أن يدرسوا بأنفسهم المصادر المتنوّعة المتضمّنة في مواقع شبكيّة كـ "إي دي إكس. أورغ" edx.org التابع لمبادرة المحتوى المطوّر المفتوح الذي أطلقه في السنوات الأخيرة "معهد ماساشوستس للتقنيّة" يشتهر باسمه المختصر "إم آي تي" MIT"، ويتيح الموقع إنزال قائمة طويلة تمامًا من المراجع والكتب والـ "كورسات" التعليميّة وغيرها، وينطبق وصف مماثل على مشروعات تعليميّة تقدّم عبر الأقمار الاصطناعيّة بهدف الوصول إلى من لا تصله الألياف الضوئيّة للانترنت، وتعمل مجموعة منها على تعليم اللغات المختلفة، بما فيها الـ "ماندرين" الصينيّة، وفي مجال تعليم برمجة الكومبيوتر والشبكات، يبرز موقع "كود بروجكت.كوم" codeproject.com المخصّص لتعليم "مفاهيم البرمجة الموجهة وفق المواضيع" Object Oriented Programming Concepts، واختصارًا "إوبس" OOPs. وصار معلومًا لدى الجميع أن الـ "ويب" تقدّم مجموعة واسعة من الكتب التعليميّة الرقميّة بعضها مجاني، إضافة إلى موارد تحويها مكتبات ومتاحف وجامعات، تقدّمها الـ "ويب" مفهرسة ومنظمة في بوابات رقمية مكرّسة للتعليم.
والأرجح أنّ المسارات الدراسيّة هي أشياء عظيمة حقًا، لكن تجارب الحياة أعظم منها. وتستطيع الشبكة العنكبوتيّة أن تقدّم تجارب غنيّة ومتنوّعة. إذ يتصور جورج سيمنز من "جامعة مينوتوبا" أن يكون العالم خاليًا من الدورات الدراسيّة، لكنه مع ذلك يظل غنيًا بخبرات التعلّم. ربما يعتمد العالم على الاتصالات أو الشبكات الرقمية في التواصل بين الناس. كتب سيمنز كثيرًا عن نظريته بصدد التعلّم المفتوح الذي يكون ممكنًا عالميًّا استنادًا إلى الشبكات الرقميّة المعززة بتقنيات التعليم والاتصال والتواصل.
مواقع مفتوحة
يتناول الكتاب قدرة الأفراد حاضرًا في قطاف معلومات من الـ "ويب" تعادل ما تقدّمه كليّة جامعية في سياق تأهيل الطلبة للحصول على درجة علميّة. "هل أنت مهتم بالعمل مع ذوي الإعاقات السمعيّة؟ هناك دورات دراسيّة "أون- لاين" مجانيّة في لغة الإشارة الأميركيّة، تقدّمها جامعة ولاية ميتشغان. هل تريد بديلًا آخر؟ حسنًا. ربما ترغب في أن تخصّص بعض الوقت للانخراط في مبادرة جامعة "كارنيجي ميلون" المفتوحة، كي تتعلم الأحياء، والإحصاء، والفرنسية، والتفاضل والتكامل، والاقتصاد، أو منهجيات البحث التجريبي. وربما تفضل أيضًا أن تستكشف مصادر مجانية حرّة من "معهد ماساشوتس للتقنية" عن علوم الطيران، والهندسة المدنيّة، والعلوم النووية، والدراسات الحضريّة، والبحوث عن المرأة وغيرها. وإذا كنت مهتمًا بتعلم المزيد عن الإرهاب البيولوجي، بإمكانك أن تتفحص مصادر متنوّعة من "مركز جامعة كارولينا الشمالية للتحضير للصحة العامة". إذا كانت العناية الصحية من بين اهتماماتك، فإن كلية "جونز هوبكنز بلومبيرغ" للصحة العامة لديها دورات دراسية مجانية "أون لاين" في ذلك المجال، إضافة إلى كورسات في صحة المراهقين، والتغذية، والصحة النفسية، والوقاية من الإصابات وغيرها، ما قولك بأن ترتحل افتراضيًّا إلى الساحل الغربي وتتعلم المحادثة باللغة الصينية من الدكتور تيانوي زي في جامعة ولاية كاليفورنيا في لونغ بيتش؟ لعلك تفضّل تعلّم اللغة التركية بتقنية التعاون مع الكومبيوتر التي تقدّمها مجموعة كبيرة من المواقع الجامعية، إضافة إلى الموقع الإلكتروني "كاليكو. أورغ" calico.org، واسمه الكامل هوComputer- Assisted Language Instruction Consortium، ليس ما سبق سوى خطوات مجانية قليلة يمكنك القيام بها عبر الـ "ويب" حاضرًا"، وفق ما ورد في كتاب "العالم المفتوح".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر