ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات متميزة مع جمهورية الصين الشعبية في مجالات حيوية عدة منها التعليم، إذ تسعى وزارة التربية والتعليم في الدولة من خلال خططها المستقبلية إلى زيادة حجم التعاون والتبادل المعرفي مع الجانب الصيني بما يسهم في رفد المورد البشري المواطن بمقومات الريادة والاستمرارية في خطط التنمية.
وحظيت مبادرة تدريس اللغة الصينية باستحسان ورضا كبيرين بين أوساط الطلبة وأولياء الأمور الذين رأوا فيها خطوة عملية وجادة على الطريق الصحيح لتمكين الطلبة من اللغة الصينية، إذ باتت الصين إحدى أهم الدول المصدرة للمعرفة والتكنولوجيا الحديثة ووجهة عالمية مؤثرة حضاريًا وعلميًا، وهو ما استدعى من وزارة التربية والتعليم مد جسور التعاون التعليمي والتربوي مع الجهات المعنية في الصين لإثراء تجربة المدرسة الإماراتية بوصفها مدرسة حديثة مواكبة متعددة اللغات تستثمر كافة إمكانياتها لرفعة وتطور أبنائها.
خطوات
وأوضحت وزارة التربية والتعليم أن تطبيق تعليم اللغة الصينية خطوة أولى ستتبعها خطوات عدة أخرى خلال الأعوام الدراسية المقبلة من بينها توسيع نطاق الطلبة المستهدفين، إذ تعتزم الوزارة تطبيق تعليم اللغة الصينية في 100 مدرسة من خلال الأندية الطلابية لطلبة الصفوف 9/10/11/12 وهو ما نبني عليه زيادة حجم التعاون الأكاديمي بين الوزارة والجهات الصينية المختصة.
وشكل التعليم في فكر القيادة الرشيدة حجر أساس ونقطة انطلاق جوهرية لاستدامة تطور الدولة والحفاظ على مكانتها العالمية باعتباره أداة محورية لصياغة فكر وعقول الطلبة استنادًا لأفضل الممارسات التعليمية والتربوية العالمية التي سعت وزارة التربية والتعليم لترسيخها في مختلف مكونات المدرسة الإماراتية لتمكين الطلبة علميًا وفكريًا وذهنيًا وسلوكيًا .
وهي في سبيل ذلك ارتأت إدخال عدة لغات أجنبية في مدارسها لتعليم الطلبة أسس تلك اللغات كالصينية على سبيل المثال، حيث طرحت الوزارة اللغة الصينية بشكل اختياري للطلبة في الصف العاشر في 10 مدارس ثانوية كمرحلة أولى خلال العام الدراسي المنصرم، إذ تم تعيين 22 معلمًا واختصاصيًا لتطبيق اللغة الصينية في الصف العاشر بهدف تمكين الطلبة المواطنين منها تمهيدًا لابتعاثهم للدراسة هناك للنهل من معارف الصين وتاريخها وحضارتها العريقة.
ولتوثيق أوجه التعاون بين البلدين، عملت وزارة التربية والتعليم على إيفاد وابتعاث طلبة مواطنين للدراسة في أعرق الجامعات الصينية، وستعمل على زيادة أعداد الطلبة المبتعثين هناك خلال المراحل المقبلة إذ وضعت الوزارة ضمن قائمتها الخاصة لابتعاث الطلبة للدراسة في الخارج الجامعات الصينية كوجهة معتمدة، وذلك وفقًا للشروط التي تحددها الوزارة. ويأتي ذلك في سياق حرصها على مواكبة توجهات الدولة وخططها المستقبلية الرامية للانتقال لعصر الاقتصاد المعرفي وفقًا لأسس منهجية راسخة ترفد مختلف القطاعات الحيوية بالدولة بخبرات وكوادر وطنية مؤهلة قادرة على مواصلة مسيرة التنمية في الدولة.
وعلى ضوء ذلك ووفقًا للرؤية الشمولية لوزارة التربية والتعليم المستمدة من أجندة الدولة واهتماماتها في المراحل المقبلة عكفت الوزارة على تهيئة طلبة المدرسة الإماراتية لاستحقاقات المستقبل واشتراطاته التي تحتم عليهم ضرورة التعامل والانفتاح على الحضارات الأخرى على اختلاف منابعها ومنابتها لا سيما تلك الصادرة من دول بات لها تأثيرًا كبيرًا في مجمل النشاطات الإنسانية والعلمية والمستقبلية.
تجارب
واستلهامًا لرؤية القيادة الرشيدة وحرصها على توثيق علاقات الدولة مع غيرها من الدول الرائدة في المجالات العلمية، دأبت الوزارة على توسيع أفق وأوجه التعاون المشترك فيما بينها وبين الجهات المختصة في الصين والاطلاع كذلك على التجارب الأكاديمية الناجحة فيها للإسهام في تأهيل الكادر البشري المواطن وفقًا لأرقى المعايير العالمية.
وتعد «مدرسة حمدان بن زايد» في أبوظبي تجربة رائدة في مجال تعليم اللغة الصينية يميزها الجمع ما بين الطلبة المواطنين والصينيين تحت صرح تعليمي واحد يوفر لهم الفرصة لتبادل ثقافاتهم وتعلم مهارات مختلفة باللغات الثلاثة العربية والإنجليزية والصينية، ويؤكد هذا الصرح التعليمي حرص دولة الإمارات على عقد الشراكات والاستثمار في التنوع العلمي والثقافي وبناء جسور من العلاقات مع الثقافات العالمية والعمل على تزويد الطلبة بمهارات التواصل والتفاعل والعمل في بيئات متعددة الثقافات وتنمية قدرات الطلبة وتطوير مهاراتهم بما ينسجم مع متطلبات وتحديات القرن الحادي والعشرين، ويمكنهم من بناء حاضرهم ومستقبل وطنهم مع اعتزازهم بقيم مجتمعهم ووطنهم وهويتهم الأصيلة.
تفوق
وقالت فاطمة البستكي، مديرة مدرسة حمدان بن زايد، في لقاء مع وكالة أنباء الإمارات «وام»: إن نظام التعليم المتبع في المدرسة ثلاثي اللغة للطلبة الإماراتيين وكذلك الصينيين الذين يشكلون نحو 5% من إجمالي طلبة المدرسة، مشيرة إلى أن عدد الطلبة في سبتمبر المقبل سيصل إلى 870 طالبًا وطالبة، وأعربت عن فخرها بطلبة المدرسة الإماراتيين الذين حققوا تفوقا في امتحان الكفاءة اللغوية للغة الصينية الدولي الذي يتم عقده بالتعاون مع معهد كونفوشيوس التعليمي - هانبان- بكين بهدف تقييم وتحديد كفاءة الطلبة اللغوية باللغة الصينية بعد دراستهم لها في مدرسة حمدان بن زايد ومقارنتها بمستويات الطلبة الذين يتعلمون الصينية على مستوى العالم.
وأضافت البستكي: إنه تم افتتاح المدرسة عام 2006، لافتة إلى أن المدرسة تدرج مرحلة تعليمية سنويًا، مشيرة إلى أن العام الدراسي المقبل 2018_2019 سيشهد افتتاح الصف الـ 11، وأكدت أن المدرسة بصدد افتتاح الصف الثاني عشر لطلبة الثانوية العامة حيث سيتخرج منها أول دفعة منها في العام الدراسي 2019 - 2020 لتتوالى الدفعات الطلابية سنويًا، حيث سيتوجه الطلبة المواطنون من خريجي المدرسة نحو الجامعات الصينية المرموقة بهدف استكمال دراستهم في تخصصات مختلفة، مشيرة إلى حرص المدرسة على تنظيم رحلات تعليمية لطلبتها إلى جمهورية الصين بهدف تبادل الخبرات التعليمية وإكساب الطلبة مهارات جديدة والاطلاع على التجربة الصينية في التعليم والتعرف عن قرب على الثقافة الصينية ونمط الحياة السائد في الصين.
وأشارت البستكي إلى أن هناك زيادة كبيرة في أعداد الطلبة المسجلين على قوائم الانتظار ممن يترقبون الحصول على فرصة لتسجيل أبنائهم بمرحلة رياض الأطفال في المدرسة.
سوق العمل
من جهة أخرى التقت «وام» بعدد من الأمهات لطلبة من المدرسة، أكدن أن تعلم اللغة الصينية أمر مهم يواكب مستجدات سوق العمل في الدولة، واصفات تجربة أبنائهن بالمغامرة الشيقة التي ستفتح أبوابًا جديدة من العلم والمعرفة وتساهم في تحقيق التقدم والازدهار لدولتنا الحبيبة خاصة أن اللغة الإنجليزية لم تعد وحدها اللغة المطلوبة حالياً فلا بد من تعلم اللغات الجديدة والتعرف على ثقافات أخرى.
وأكد المعلمون من الجنسية الصينية في مدرسة حمدان بن زايد اهتمامهم بتعزيز الهوية الإماراتية لدى الطلبة الإماراتيين تمامًا إلى جانب اهتمامهم بتعريفهم بالثقافة الصينية ومشاركتهم بالمناسبات الوطنية الإماراتية، وكذلك الاحتفال بالمناسبات الصينية، مشيرين إلى شغف الطلبة لمعرفة المزيد عن الصين ولغتها وعادات وتقاليد شعبها.
04
تعتزم وزارة التربية والتعليم التوسع في تطبيق مبادرة تدريس اللغة الصينية في 4 مدارس جديدة خلال العام الدراسي المقبل لتضاف إلى المدارس العشر الأخرى التي كانت الوزارة طبقت فيها المبادرة خلال العام الماضي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر