الجامعات السعودية ما بين العزلة الفكرية والثقافة الغائبة
آخر تحديث GMT 01:31:17
المغرب اليوم -
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

اهتمت بالعلوم التطبيقية والتي تدر أموالًا لدارسيها

الجامعات السعودية ما بين العزلة الفكرية والثقافة الغائبة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الجامعات السعودية ما بين العزلة الفكرية والثقافة الغائبة

جامعة الملك سعود
الرياض ـ المغرب اليوم

تبلغ أقدم الجامعات السعودية، وهي جامعة الملك سعود، في هذا العام 2017،60 عامًا، وهو في حقيقة الأمر عمر طفولة مبكر، قياسًا إلى بعض جامعات العالم، الأوروبي بشكل خاص، لكنه سن نضج، وربما كهولة، قياسًا إلى عمر المجتمع السعودي الذي لا يزال يعيش مرحلة تنموية، شأنه شأن غيره من المجتمعات العربية والشرق أوسطية، بل ومعظم مجتمعات ما يعرف بالعالم النامي في آسيا وأفريقيا بشكل خاص.

ويعرف السعوديون، أو بعضهم، أن جامعة الملك سعود، التي تخرجت منها أجيال أسهمت - ولا تزال تسهم - في بناء الوطن، فتأسست على تخوم الصحراء، في بلدة صارت فيما بعد واحدة من أكبر مدن المنطقة، هي الرياض التي لم يكن بعض سكانها عام 1957 يعرف الفرق بين الجامع والجامعة، بل ربما رأى أن كلمة "جامعة" مغالطة لغوية لأنها اسم مؤنث للجامع الذي لا يجوز تأنيثه.
 
أما اليوم، وقد تضاعف عدد الجامعات في الرياض وحدها ليقارب العشر، إلى جانب الكليات الجامعية، وبلغ طلاب وطالبات الجامعات فيها، وفي المملكة ككل، ما قد يتجاوز النصف مليون طالب وطالبة، فإن الحديث عن الجامعات، لا سيما جامعة تعد أعرق الجامعات السعودية، من الزاوية التي أشرت إليها سيبدو غريبًا.

وسيبدو غريبًا أن أقول إن الثقافة، بمعنى النشاط الفكري والإبداعي المجتمعي، غائبة عن الجامعة، أو إنها لم تعد من همومها أو جزءً من نشاطها وعلاقتها بالمجتمع، وهو وضع غريب لأن الجامعات تضم عددًا ضخمًا من أصحاب العقول والخبرات والقدرات العلمية المتنوعة، بما يستطيع أن يكون رافدًا ضخمًا للحياة الثقافية في أي مجتمع، ناهيك بمجتمع نامٍ يحتاج إلى كل الروافد الممكنة لكي يستطيع أن يحقق كوامنه الخلاقة، ونهوضه المأمول.

وتقوم الجامعات السعودية بشكل عام بدور حيوي في المجال التربوي والمهني، لكن يؤخذ عليها أنه ليس لها حاليًا حضور يذكر في الحياة الثقافية الاجتماعية، وأنا أتحدث عن الجامعة بوصفها مؤسسة وليس عن منسوبيها بوصفهم أفرادًا لهم إسهاماتهم الفردية: الجامعات لا تكاد تقدم المحاضرات العامة، ولا الندوات المفتوحة لعموم الراغبين في الحضور والمشاركة، فهي جامعات لا تستضيف علماء أو مفكرين أو مثقفين يمكن للجمهور أن يتفاعل معهم ويستفيد، حيث تعيش في عزلة، لم يعد لها من العمل سوى التعليم وتطوير القدرات المهنية في الطب والهندسة وما إليهما، إلى جانب إجراء الأبحاث ذات التوجه الذي يخدم إما السوق التجاري وإما حاجة أعضاء هيئات التدريس للترقية العلمية.

قلت إننا أمام وضع غريب، لكني أعود فأقول إنه في حقيقة الأمر ليس بالوضع الغريب تمامًا؛ فعزلة الجامعات السعودية فيما يبدو ليست بالغريبة؛ ليست حالة استثنائية، ذلك أن القطيعة بين الجامعات والحياة الفكرية والثقافية من حولها قائمة في كثير من البلاد العربية، وربما غير العربية أيضًا، أذكر أنني حضرت ندوة علمية في كلية الآداب في جامعة القاهرة قبل أعوام، وفوجئت أن الدخول للجامعة محصور في منسوبي الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين، يدخلون بالبطاقة التي تثبت ذلك، ولولا وساطة أحد الزملاء المصريين الذي أخبر البواب أنني مشارك في مؤتمر لما دخلت.
 
قد يكون هذا الوضع ساريًا في جامعات عربية أخرى، لكن العزلة ليست دائمًا على هذا النحو الملموس الواضح، فقد يدخل المرء إلى كل مباني الجامعات دون قيد أو شرط، وهذا هو الحاصل في الجامعات السعودية، في جامعة الملك سعود هو كذلك بالتأكيد، لكن العزلة التي أشير إليها تتجاوز المادي والمحسوس إلى اللامحسوس، إلى المعنوي والأكثر تأثيرًا.

في تسعينات القرن الماضي، التي شهدت نقلة نوعية في العالم أجمع، ببدء ما يعرف بالعولمة وعواملها الانفتاحية الكثيرة "الفضائيات، والإنترنت، الخ"، شهدت السعودية، إلى جانب كل ذلك، نقلة "غير نوعية" تمثلت بما يعرف بالصحوة الدينية التي كانت وراء عدد من الخطوات التراجعية في التعليم في المملكة بشكل عام، والجامعي منه بطبيعة الحال، وسأعطي مثالًا واحدًا على ذلك: "بعد عودتي من البعثة أواسط الثمانينات الميلادية، للعمل عضو هيئة تدريس، طلب مني تقديم دروس لطالبات الدراسات العليا في تخصصي، آداب اللغة الإنجليزية، ووجدت أن التدريس يحدث كما يحدث في كل مكان، أي في قاعة الدرس، فالطالبات في القاعة والأستاذ في القاعة معهن، والفصل الوحيد كان بين الطلاب والطالبات، لكن مجرد وجود رجل بين عدد من الإناث كان على الرغم من كونه عاديًا وطبيعيًا في كل مكان في العالم يعد خطوة ثورية في مجتمع كالمجتمع السعودي "النجدي بشكل خاص".
 
ومع ذلك، فإن الوضع الذي كان جاريًا منذ تأسست الدراسات العليا في مطلع السبعينات توقف فجأة في التسعينات مع اشتداد موجة التشدد الديني. طُلب مني، كما من غيري من الأساتذة عندئذٍ، التوقف عن الذهاب لمبنى الطالبات، والاكتفاء بالتدريس من خلال شبكة تلفزيونية، تراني فيها الطالبات ولا أراهن.

في تلك الفترة أيضًا، احتلت النشاط الثقافي في الجامعات المختلفة فئة من المتشددين الذين منعوا النشاط الطلابي، إلا ما كان ذا طابع ديني تلقيني، فقصروا ذلك النشاط على الوعظ والإرشاد، وسيطروا بمقتضى ذلك على الكشافة والمعسكرات، ولربما أسهموا بصنيعهم في دعم ما اشتكت منه البلاد كلها باسم الإرهاب، ذلك التمكن من النشاط الثقافي والإبداعي جعل من غير الممكن دعوة أحد إلى الجامعة، أو السماح لأحد بالمشاركة، إن لم يكن كثيف اللحية أو قصير الثوب وظاهر التدين، وكان القيد أشد ما يكون على من "يتهم" بالعلمانية أو الليبرالية أو الحداثة، تلك التابوهات التي روعوا بها المجتمع.
 
لكن بعيدًا عن تلك الموجة من التشدد، كانت القيود قد انتشرت على كل نشاط ثقافي عام، أذكر أنني في تلك الفترة عملت مشرفًا على النشاط الثقافي في كلية الآداب، وبما أنني كنت ناشطًا في الحركة الأدبية في المملكة المعروفة بحركة الحداثة، فقد أردت دعوة شاعر سعودي من خارج الجامعة، فقيل لي: "على رسلك؛ الأمر يتطلب موافقات كثيرة تتجاوز مدير الجامعة نفسه"، وهكذا، بدأت الصورة تتضح تدريجيًا أن الجامعة لم تعد تلك التي خبرتها حين كنت طالبًا فيها، حين كانت الندوات والمؤتمرات تقام ويحضرها كل الراغبين، وحين كانت الأمسيات الثقافية والأدبية يحييها أهم شعراء الحداثة وكتابها في السبعينات والثمانينات، دخلت الجامعات في بيات شتوي ثقافي طويل.

ذلك البيات، أو تلك العزلة، بدأت تنحسر الآن لكن ببطء شديد، فما زال كثير من القيود قائمًا، وإن كان بعضها ناتجًا عن التعود لا عن الفرض، فقد اعتاد الجميع على ألا يأتي أحد من خارج الجامعة - وأنا أتحدث عن الجامعات السعودية بصفة عامة، وليس جامعة بعينها - وألا تقام ندوات عامة أو محاضرات لمفكرين سعوديين أو عرب من خارج الجامعة، ويحضرها الأساتذة والطلاب "هناك بالطبع حالات استثنائية لا يقاس عليها".
 
وقد زاد من تلك العزلة أن الجامعات السعودية بشكل عام سيطر عليها ما يعرف باقتصاد السوق، فصارت تبرمج نفسها لتكون مصنعًا للتقنيين والمهندسين، وخبراء الحاسب والعاملين في المجالات الطبية، وغير ذلك مما تنفتح له أبواب الوظائف، ويقبل عليه الطلاب، صحيح أنها لم تهمل العلوم الإنسانية "غير المجدية ماديًا"، لكنها فعلت ما هو أسوأ: أرسلت معظم الطلاب الضعاف الذين تضطر لقبولهم لكي يدرسوا علوم الإنسان التي تعد قليلة الأهمية في العرف المعاصر، فالعلوم التي تتخصص في الطبيعة أو الآلة في ذلك العرف العجيب أهم من تلك التي تتخصص في الإنسان، في جوانب حياته الاجتماعية والاقتصادية والفكرية.

ويمكننا أن نتخيل الناتج عن ذلك: ضعف المخرجات نتيجة لضعف المدخلات، حسب التعبير السائد في لغة السوق الحالية، فإذا أرسلت أضعف الطلاب لدراسة التاريخ أو القانون أو علم النفس أو اللغات، فستنتج مجتمعًا لا يكاد يفقه شيئًا في أمور بالغة الحيوية والأهمية، إنها دورة جهنمية على الجامعات أن توقف دورانها بسياسات تعليمية وبحثية تضعها بمقتضى دورها القيادي المفترض، لا بمقتضى احتياجات السوق ومتطلبات الوظيفة فحسب، كما أن المطلوب هو فتح الأبواب مرة أخرى لتتنفس الجامعات هواء الفكر والثقافة العامة، أو غير المتخصصة، وتشارك المجتمع قضاياه وهمومه، لتشارك من ثم في بناء ذلك وتعزيزه.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجامعات السعودية ما بين العزلة الفكرية والثقافة الغائبة الجامعات السعودية ما بين العزلة الفكرية والثقافة الغائبة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 09:41 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

لعب المغربي وليد شديرة مع المغرب يقلق نادي باري

GMT 13:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

افتتاح مهرجان موسكو السينمائي الدولي الـ41

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

عيادات تلقيح صناعي تُساعد النساء في عمر الـ 60 علي الإنجاب

GMT 06:16 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

GMT 07:43 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

اختاري العطر المناسب لك بحسب نوع بشرتك

GMT 16:33 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يتشبث بنجم الوداد أشرف بنشرقي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib