الرباط - سناء بنصالح
وجّه الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" كلمة إلى المؤتمر الخامس عشر للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في الدول العربية، الذي ستختتم أعماله في القاهرة السبت.
وأكد المدير العام لـ"الإيسيسكو" في كلمته التي قرأت في النيابة، أنه في ظل تنامي الجهود لبناء اقتصاديات فاعلة داعمة للتنمية الشاملة المستدامة ودافعة لها إلى الأمام، يفرض تمويل التعليم العالي نفسه باعتباره قضيةً محوريةً في تطوير المنظومة التعليمية، على نحو متكامل لجميع المستويات المرتبطة بالعملية التعليمية بشكلٍ عام.
وأوضح التويجري أنّ تمويل التعليم العالي إذا كان يُشكل أعباء على الحكومات، ويستنزف من موازناتها موارد كبيرة، فإنّ التفكير في توفير التمويل للتعليم العالي ينبغي أن يأخذ إتجاهًا مُغايرًا لما هو قائم اليوم، ويعتمد إشراك القطاع الخاص، للإسهام فيه، لا ليتولى العملية التعليمية العالية التكاليف بمنطق الربح المادي، وإن ما للتوجه نحو إشراك مؤسسات القطاع الخاص في تحمّل الأعباء على أساس الاستفادة من مخرجات التعليم العالي، وذلك من خلال توسيع قاعدة الاستثمار في هذا النوع من التعليم، بما يحقق الربح المعقول لمؤسسات القطاع الخاص تحت مراقبة الوزارات المسؤولة عن هذا القطاع الحيوي ووفقًا للقانون المعتمد، من جهة، ويضمن في الوقت نفسه، جودة التعليم العالي والرفع من مستواه وتعميق تأثيره في تنمية المجتمع، على نحو كاملٍ ووافٍ، من جهة ثانية.
وأعلن المتحدث ذاته، أنّ العمل على تخصيص أوقاف لتمويل التعليم العالي هو مدخل حضاري مهم يمكن الركون إليه، كما هو مطبق في عدد كبير من الدول، كما ذكر أنّ هذا الأمر في جملته، يقتضي إحداث تشريعات جديدة تلائم هذه العملية، وتسدّ الفجوة القائمة اليوم، سعيًا إلى تخفيف العبء عن الحكومات، والتوسع في الإنفاق على التعليم في المراحل السابقة للتعليم العالي باعتباره هو الأساس في العملية التعليمية برمتها، لأنه كل ما كان التعليم في مراحله الأولى والمتوسطة قويًا وسليمًا ومستوفيًا لشروط الجودة، كان أثر ذلك مُنعكسًا على التعليم العالي من حيث الجودة والفعالية والمردودية.
وفي السياق ذاته، شدد التويجري على أنّ تصاعد الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها غالبية الدول العربية، لا يسمح بأن تتحمل الحكومات التكاليف العالية للإنفاق على التعليم العالي، من دون حدود معقولة تخضع لتشريعات قانونية مرنة، ولكنها تحفظ حق الدولة في توفير الفرص المواتية للتعليم العالي للجميع، كما تحفظ حق الأجيال الصاعدة في الولوج للتعليم العالي في جميع مستوياته، في توازن دقيق يقتضيه منطق حماية التماسك الاجتماعي، وترسيخ الوئام الأهلي، وانتظام مسيرة التنمية وفقًا للخطط الإنمائية المعتمدة.
وبيّن أنّ هذا المؤتمر هو الفرصة المناسبة أمام الدول العربية كافة، لمعالجة إحدى المشاكل التي استعصت على الحل في العقود الأخيرة، وذكر أنّ الوقت قد حان لمعالجتها بالشفافية والانتـقـال من البحث النظري والحلول الافتراضية، إلى الإجراءات العملية الفعالة التي تمهد السبل للنهوض بالتعليم العالي، في أجواء من التوافق والإحساس القوي بالمسؤولية المشتركة في بناء الوطن وحمايته والنهوض به.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر